زيت طبخ بيئي ورخيص لفقراء العالم

يمكن إنتاجه من الأشجار المحلية

TT

تشير إحصائية منظمة الصحة العالمية، التابعة للأمم المتحدة، إلى أن استعمال مواد الوقود التقليدية في الطبخ تسبب موت 1.6 مليون إنسان في العالم الثالث كل عام. وتعزو المنظمة أسباب هذه النسبة العالية من الضحايا إلى المواد السامة والمسببة للسرطان التي تنطلق من المحروقات أثناء الطبخ والتي تلوث رئات البشر والجو على حد سواء. وعموما فأن نحو 2.5 مليار إنسان في العالم الثالث يطبخ بهذه الطريقة المتخلفة وآن أوان البحث عن بديل رخيص ورؤوف بالبيئة والبشر.

وطبيعي فأن هذه الإحصائية لا تشمل المضاعفات الأخرى التي تسببها الغازات والمواد السامة وذرات السخام المنطلقة عن حرق الفحم أو النفط أو الحطب. وتمتد هذه المضاعفات بين الإلتهاب الرئوي والتهابات العيون والجيوب الأنفية والاختناق. وتترافق المضاعفات البشرية مع مضاعفات بالغة على البيئة، أهمها ظاهرة حرق الأشجار التي تسبب التصحر والانزلاقات الطينية والحرائق. وتقدر الأمم المتحدة أن الإنسان الواحد في المناطق الفقيرة من العالم يستهلك نحو 700 كغم من الخشب سنويا.

ولهذا فقد عكف العلماء الألمان من جامعة هوهنهايم (جنوب) منذ سنوات على البحث عن بدائل طبيعية للطبخ. وركزوا أبحاثهم على الأشجار والنباتات الطبيعية التي تنمو في كل بلد والتي يمكن أن تكون مصدرا لزيت طبيعي لكل المنطقة. وتوصلوا في النهاية إلى تقنية جديدة لاستخراج زيت نباتي طبيعي للطبخ يمكن انتاجه في كل بلد من الاشجار المنتشرة فيه وهكذا يمكن، وفق هذه الطريقة، انتاج زيت الاحتراق من أشجار جوز الهند في افريقيا وأميركا الجنوبية، ومن أشجار البلح في العراق وإيران، ومن البنجر في حوض البحر الأبيض المتوسط وآسيا ومن عباد الشمس في مناطق أخرى.

وذكرت مصادر شركة « بوش» و«سيمنز» الألمانيتين المعروفتين، واللتان أخذتا على عاتقهما إنتاج الزيت الجديد، أن الزيت الجديد يحترق بدرجات تتراوح بين 180 ـ 260 درجة مئوية. وهذه طاقة عالية جدا قياسا بالحرارة الصادرة عن احتراق النفط والتي لا تزيد عن 84 مئوية. وهذا يعني أن كمية صغيرة من الزيت ستكفي الإنسان لفترة طويلة كما أنها ستقصر وقت الطبخ وتتيح للنساء مجالا أكبر لتأدية أعمال أخرى غير الطبخ.

المهم هو أن احتراق الزيت بهذه الدرجة العالية يضمن عدم بقاء « فضلات» كيماوية تنطلق في الجو كناتج عرضي لعملية الإحتراق. كما أن هذا يضمن عدم انسداد الأنابيب والمستودعات التي تستخدم في صناعة الطباخات المناسبة لاستخدام هذا الزيت. وزودت شركة سيمنز الزيت الجديد، واسمه «بروتوز»، بحجرة تبخير إضافية صغيرة تخلط الزيت وقليل من الكحول وتحوله بالتالي إلى غاز قبل أن تحرقه. وإذا كان الزيت يحترق بدرجة 260 مئوية فأن الغاز المنطلق عنه يحترق تماما «بدون بقايا ضارة» بدرجة ترتفع إلى 1300 مئوية. وتؤهل هذه الحرارة العالية الإنسان لاستخدام 3 لترات من الزيت في الطبخ لفترة طويلة من الوقت «حسب حجم العائلة».

وتولت شركة بوش تصميم الطباخ من الحديد المصقول المقاوم للتأكسد وتزويده بمسالك للهواء الضروري لعملية الاحتراق وبالكحول اللازم لعملية حرق الغاز. واستخدم المهندسون صماما صغيرا في الطبخ لتنظيم طاقته الحرارية بدرجات تتراوح بين 2000 ـ 4000 واط.

وتجري تجربة مشروع زيت «بروتوز» حاليا في إحدى غابات الفلبين حيث يستخدم الناس الحطب والنفط في الطبخ. وتمول المشروع وزارتا البحث العلمي والتعاون الاقتصادي الألمانيتان.