فيلة تحزن على أمواتها وأخرى تقدم التعازي فيها

نفوق الأم الرئيسة إلينار في كينيا يتصدر صفحات الجرائد

TT

«من اجل ان تفهم الفيلة عليك ان تفكر كإنسان». هذا ما قالته الديم دافني شلدريك للعاملين معها في الملجأ الذي اسسته للأيتام الفيلة في المتنزه الوطني بنيروبي، في كينيا. وتضيف دافني ان خبرتها في العمل لسنين طويلة مع «هذه الحيوانات الضخمة اللطيفة» علمتها ان الفيلة تحزن عند فقدان او مرض قريب او عزيز، وتعيش في لحظات سعادة عند لقاء صديق قديم، أي انها تتصرف مثل الانسان، كما تبين الصور التي تناقلتها أخيرا الكثير من الصحف، والتي تحكي قصة الفيلة إلينار، 40 عاما، الأم الرئيسة لعائلة ممتدة من ابناء جنسها. القصة بدأت عندما عض ثعبان الفيلة إلينار في خرطومها، مما سبب التسمم لها وفقدان توازنها. وفي هذه الأثناء قدمت صديقتها واحدى ابناء قبيلتها غريس لنجدتها، وبدأت في بعث اصوات في نوع من الأضطراب والحزن طالبة مساعدة الآخرين، وتمكنت من ايقافها على ارجلها ثانية. وللأسف سقطت إلينار ثانية على الأرض وتوفيت في اليوم الثاني. وفي ذلك اليوم حضر باقي ابناء العائلة الممتدة ووقفوا قريبا منها يتأرجحون الى الأمام والى الخلف بصمت وفي حالة من الحداد، وكأنهم يلقون النظرة الأخيرة عليها. كما حضرت فيلة اخرى تنتمي الى عائلات ممتدة اخرى ووقفت هي الأخرى بصمت تودع الفيلة الأم. هذه الحالة دوَّنها احد الباحثين العاملين في حديقة الحيوانات، وسوف ينشر فريق البحث المتخصص بدراسة السلوك الحيواني من جامعة اوكسفور، بالتعاون مع المؤسسة الخيرية الدولية التي تعنى بالحفاظ على الفيلة وفريق من جامعة كاليفورنيا، نتائج بحثهم في مجلة «السلوك الحيواني» البريطانية في عددها المقبل.

عادات الفيلة هذه وتآلفها دوِّنت اكثر من مرة من خلال الأفلام التسجيلية التي صورها فريق الـ«بي.بي.سي» بقيادة السير ديفيد اتنبرة. وقد اظهر احدها كيف تعاون عدد من الفيلة من كبار السن، وليس فقط الأم، في انقاذ الابن الصغير الذي سقط في مستنقع ولم يتمكن من الصعود الى اليابسة مرة أخرى. وقامت الفيلة مجتمعة بالركوع على ركابها على حافة المستنقع لانتشال الصغير. كما بين فيلم تسجيلي آخر كيف ان فيلا بدأ بجمع عظام امه التي نفقت قبل عام عند زيارته المكان الذي قتلت فيه من قبل تجار العاج.

وتضيف الديم دافني في مقابلة مع صحيفة «ديلي ميل» انها لم تتفاجأ بما بينته الصور المنشورة والتي تظهر بوضوح حالة الحزن التي مر بها ابناء العائلة الممتدة وكذلك قدوم فيلة اخرى من عائلات اخرى لالقاء النظرة الأخيرة على «الفقيدة».

وتقول انها عملت لمدة 50 عاما مع هذه الحيوانات ولاحظت ان سلوكها قريب جدا من سلوك الانسان في حالات فرحه وحزنه، وكيف ان حميميتها تظهر جليا تجاه بعضها البعض. واضافت انه عند قدوم فيل الى ملجأ الأيتام، الذي تديره في حديقة الحيوانات في كينيا، بعد ان يكون قد فقد امه بسبب نفوق طبيعي او بسبب تجار العاج، تأتي اليه الفيلة الأخرى وتبدأ بمداعبته وتسليته والتخفيف من حالة حزنه. وعندما يرفض الصغير ما تحاول الفيلة تقديمه له بسبب حالة اضطرابه النفسي تبدأ الفيلة بالبكاء. ولكنها تستمر في محاولاتها حتى تتم حالة التبني له، كما يفعل الانسان تماما في التخفيف من حالة حزن الاطفال واشتياقهم لأمهاتهم.

اضف الى ذلك ان الفيلة تبني ايضا علاقات حميمة ليس فقط مع ابناء جنسها وانما مع الانسان ايضا. وتقول انها في احدى المرات سهرت لوحدها ولمدة ستة اشهر على تربية فيلة صغيرة اسمها عائشة. وبسبب ظروف عائلية اضطرت الديم دافني لان تترك عملها وتعود الى بريطانيا، وعندما عادت ثانية علمت ان عائشة قد نفقت «مكسورة القلب بسبب ابتعادي عنها»، الأمر الذي سبب لي حالة من الحزن الشديد. «نفوق عائشة علمني درسا قيما، وهو ان لا اقلل من الشعور العاطفي نحو هذه الحيوانات النبيلة».