دور الأزياء تجد ضالتها في الفتيات الصغيرات

لأن الآباء يميلون لإرضاء أطفالهم

TT

مسكينة باربي، ملامحها التي تشير الى إصابتها بالتهاب رئوي وكذلك خزانة ملابسها الشحيحة افقدها بريقها السابق بالنسبة لفتيات في سن الثامنة من عمرهن، فجاذبية بنطلونها الجينز وجسمها بدآ يتضاءلان بالنسبة للشيء الحقيقي، أي ما يطرح في السوق من بناطيل.

فبناطيل الجينز الرخيصة الثمن على سبيل المثال هي من الأشياء الجذابة لميسي غيليرت، الطالبة في السنة الثالثة الابتدائية والمقيمة في نيويورك. قالت «أنا انتقي ثيابي بعناية جدا، بناطيل الجينز ماركة «سيفين ـ سبعة» هي الوحيدة التي أرتديها».

ومثل الكثير من البنات في سنها فهي تحب مواكبة الموضة وقالت «أنا أحب كل هذه الأشياء الخاصة بالموضة مثل البناطيل ذات الحافات الصلبة حول الكاحل والسراويل القصيرة والثياب من دون أكمام واحذية فليب ـ فلوب»، واليوم أصبح المصممون وباعة المفرد يسعون إلى كسب حتى البنات ما بين الرابعة والتاسعة، وهن وإن كن صغيرات في حجومهن لكنهن ايضا حريصات ايضا على متابعة عالم الموضة. فمن خلال أسواق الملابس يمكن اكتشاف تزايد المبيعات حتى في احجام أصغر لمنتجات كانت محصورة على سن أكبر، مثل بناطيل الجينز وسترات الكشمير القصيرة والأظافر المضغوطة. ويسعى منتجو الماكياج إلى جذب هؤلاء الصغيرات إلى منتجاتهم أيضا.

قالت بيلار غوزمان محررة مجلة «كوكي» الموجهة لآباء الأطفال من دون سن الثانية عشرة «بشكل عام أصبح الوعي بالموضة أبكر فأبكر بالنسبة للصغار. نحن شاهدنا اهتمام المراهقين بالموضة وبروز سوق خاصة للمراهقين لكن الاهتمام بالملابس أصبح موضة بحد ذاته، والمشاهير يعمقون من هذا الاهتمام وأصبح يزداد نزولا يوما بعد يوم ليشمل أعمار أصغر».

وقال ستانلي كايه المنسق لـ «نادي الأطفال» المتخصص في بيع الملابس «حتى في الأسواق يمكنك أن ترى الأطفال وآباءهم أكثر براعة وأناقة. هناك تقييم جديد، يرى أن ملابس الأطفال ما عادت فقط مقتصرة على الألوان، أي أن يكون الون الزهري للبنات والأزرق للأولاد»، وهذا ينطبق على عالم الماكياج أيضا. تقول مارسي غونزاليس مديرة الماركات في محل فينغرز المتخصص ببيع مواد خاصة بتجميل الأظافر «أصبحت العناية كلها منصبة على الموضة، فهناك أحدث الأكياس، وهناك الأظافر الصناعية التي زادت نسبة مبيعاتها هذا العام بمقدار 13%».

واصبح نادي الأطفال يكبر بنسبة 10 الى 15 في المائة سنويا، قال كيه، مضيفا ان المعرض، الذي نظمه في مركز جافيتز الكائن في مانهاتن، استقطب في يوليو (تموز) الماضي اكثر من 700 عارض. وخلال المعرض قدمت الشركات المتخصصة بملابس الأطفال المعروفة اضافة الى المؤسسات الجديدة مثل «جوسي» و«ديزيل» وغيرها آخر تقليعات الموضة من الملابس الشبيهة بملابس الكبار ولكن اقل حدة في تصميماتها.

ومع ان الكثير من الشركات ترحب بهذا التوجه في سياسة السوق التي، بدأت تستهدف الصغار ايضا، الا ان ارتداء الصغار هذا النوع من الأزياء التي تبدو فاضحة يثير الكثير من الجدل ويسبب الاحراج وعدم الرضى. «يراودك شعور ان الأطفال قد فقدوا براءتهم من خلال ارتدائهم هذه الملابس»، قالت السيدة كوزمان من مؤسسة كوكي، واضافت «المسألة ليست فقط ايجاد نسخة مصغرة للصغار من ملابس الكبار، لقد تلاشت الفروقات بين ما يجب ان يرتديه الأطفال وبين ما يرتديه الكبار». جولييت شور، صاحبة كتاب «ولد ليشتري: الطفل التجاري وثقافة الاستهلاك الجديدة» تعتقد ان السبب، جزئيا، وراء توجه الاطفال لهذا النوع من التملك هو التسويق التنافسي الشديد للشركات. «الطريقة المكرة في التسويق تنجح في ايصال الفكرة للطفل وتجعله ينجذب نحو المنتج وتشعره انه في حاجة له، سواء كان ذلك نوعا من منتجات الحلوى او اخر صرعات الموضة في الأزياء. وهذا طبعا يتعارض مع الحاسة الفطرية للطفل وفهمه لنفسه، ولهذا تجد ان الأطفال يقيمون انفسهم، ومن بداية حياتهم، منطلقين مما يملكونه من منتجات وكيف يقيمهم السوق نفسه».

وبغض النظر عن الطريقة التي يتم فيها امتلاكهم للأشياء والاكسسوارات، سواء كان ذلك من خلال امهاتهم او من خلال تأثرهم بنجوم «قناة ديزني» الفضائية المخصصة لهم، فإن الأطفال انفسهم الذين يقررون بخصوص ما يشترون. «هؤلاء الأطفال يحددون آراءهم بخصوص الكثير من القضايا الاستهلاكية وغيرها ويعرفون تماما ما يريدون من السوق»، قالت زوي شابيرو مسؤولة المشتريات لمتجر «98 بيرسانت انجيل» المتخصص في ازياء الأطفال في ماليبو بكاليفورنيا «بعض الأطفال يحضرون الى متجري ويسألون اذا كان عندي بعض منتجات ماركة ديزيل».

اما ليزا سترابيل، مديرة توجهات السوق لمتجر «تشيلدرينز بليس ـ مكان الأطفال»، المتجر الذي يملك اكثر من 800 فرع في الولايات المتحدة، قالت ان متجرها يستهدف في سياسة تسويقة الفتيات الصغار اللاتي يتابعن اخر صرعات الموضة، ويقدم احدث التصميمات من بناطيل الجينز والـ«تي شيرتات» التي تتضمن الكتابات الإلكترونية والتي تباع بما يقارب الـ 50 دولارا «هؤلاء الفتيات بدأن في اثبات انفسهن في سن صغيرة جدا واسرع من أية فترة سابقة»، قالت ليزا سترابيل.

وفي «كوزي قاط» صالون تصفيف الشعر في مانهاتن بنيويورك، تأتي الفتيات الصغار وهن يحملن صفحات من الجرائد تتضمن صورا للنجوم ويطلبن تسريح شعرهن بنفس الطريقة، قال كوزي فريدمان صاحب الصالون.

كما ان الكبار من زبائن صالون «بول لابريك» الكائن في «ماديسون افينيو» بنيويورك يحضرون اطفالهم معهم ويقولون «يجب ان تتعرف على عالمهم ونجومه» قال بول لابريك، مضيفا ان الكثير من هؤلاء الأطفال، في سن السادسة والسابعة، يتطلعون الى الشباب في العشرين من عمرهم.

وحتى الدمية باربي كان عليها ان تجاري العصر والموضة وبدأت تتضمن الدمية آخر ما توصل اليه عالم الاكسسوارات من شنط يد وغيرها.

«اننا نعيش الآن في مجتمع تسوده ثقافة الطفل» قالت فانيسا بوز التي تعمل مستشارة في «كيدينغ كونسالتانتس» المؤسسة التي تقدم المشورة للشركات المتخصصة بملابس الأطفال، واضافت «من النادر ان يرفض الآباء ما يطلبه الأطفال، انهم يميلون دائما لارضاء اطفالهم».

لكن هناك حدودا لمعظم الأشياء، فمثلا فيكتوريا «8 سنوات» ابنة ريتا دريكسل تنجذب اكثر في طريقة لبسها الى كبار العمر، لكن والدتها ترفض ان تخضع لطلبات ابنتها. «هناك تعليمات واضحة، لا للقمصون التي تظهر البطن، ولا للبنطال القصير الضيق لقيادة العجلة الهوائية»، قالت السيدة ريتا دريكسل، التي تعمل مديرة مكتب في حي بروكلين بنيويورك.

اما تعليمات هيلاري افينبيرغ لابنتها فهي اقل صرامة، وتجد خيارات ابنتها في الملابس شيئا مثيرا للاعجاب وليس فيه ما يقلقها، وتعتقد ان كارلي ابنة الأربع سنوات «مستقلة في تفكيرها»، قالت هيلاري، التي تعمل في تجارة الزهور بالجملة في نيويورك. وتضيف بفخر «ابنتي تحب كل شيء متماشيا مع الموضة. لقد اختارت وارتدت ملابسها بنفسها هذا الصباح، وقالت، ماما، حتى لو لم يعجبك ما ارتدي فلن اغير رأيي».

* خدمة «نيويورك تايمز»