منبر صلاح الدين.. شارك في ترميمه فنيون من دول عربية وإسلامية

TT

أعاد الاردن بناء منبر صلاح الدين الايوبي الذي أحرق بأيد اسرائيلية متطرفة عام 1969 من خشب الجوز والابنوس ومن العاج الاصلي وباسلوب هندسي هو الأول في نوعه عالميا، وبكلفة بلغت مليونا و700 الف دولار. وانتهت ايدي الخير من اعادة صنعه في شهر اغسطس (اب) الماضي بعد اربع سنوات من العمل الدؤوب ليكون المنبر نتاجا لجهود عربية واسلامية. اذ أصر الاردن على ان يشارك في صناعته فنيون من دول عربية واسلامية مختلفة «حتى يحمل صفة العروبة والاسلام»، وفقا للمهندس رائف نجم نائب رئيس لجنة اعمار المسجد الاقصى المبارك وقبة الصخرة المشرفة. وقال نجم ان «اعادة صناعة منبر صلاح الدين للمسجد الاقصى مشروع اردني هاشمي»، اذ امر الملك الراحل الحسين بن طلال بصنعه، فيما قام الملك عبد الله الثاني بتنفيذه بتميز يطابق المنبر الاصلي بل يتفوق عليه في دقة الصناعة والتصميم والزخرفة نظرا لمهارة الفنيين الذين تشرفوا بصناعته، مستخدمين احدث الادوات والتقنيات الهندسية على الرغم من الصعوبات الفنية والهندسية البالغة التي واجهت فريق التنفيذ والاعداد والإشراف، والتي تم التغلب عليها لصالح هذا المشروع الاسلامي الحيوي المميز الذي صنع يدويا وبلمسة انسانية غاية في الشفافية.

أنجز المنبر نور الدين زنكي عام 1167 اي قبل تحرير القدس بعشرين عاما ونقله صلاح الدين الايوبي من موقع صناعته في منطقة «الحلوية» بحلب الى القدس عام 1187. ويتكون المنبر من 16 ألف قطعة خشبية «معشقة» بعضها مع بعض بدون استخدام اي مواد لاصقة او مسامير شكلت بدورها منبرا فريدا يعد الوحيد في نوعه عالميا. ووصل ارتفاعه الى ستة امتار بعرض سفلي اربعة امتار فيما بلغ عرض الدرج مترا واحدا.

ولم يأت الاهتمام بإعادة صنع المنبر من فراغ كما ينوه المهندس نجم، بل لانه عنوان للنصر الذي احرزه المسلمون بقيادة صلاح الدين الايوبي على «الإفرنج»، ولِمَا يُشكله من عزة وفخر وقدسية، انطلاقا من اهميته التاريخية والدينية.

ويعد المنبر الذي اعاد صنعه فنانون ومصممون من الاردن وسورية وتركيا ومصر وماليزيا والمغرب واندونيسيا تحفة فنية نادرة ستعود الى مكانها بعد عقود على إحراقها وبعد مرور 800 عام على المنبر الاصلي وفقا لامين عام اللجنة الملكية لشؤون القدس عبد الله كنعان.

«كاد العالم الاسلامي يفقد اسرار هذا النوع من الفن القائم على مبدأ علمي وفلسفي اسلامي خالص منذ 400 عام، اي منذ بناء قصر تاج محل في الهند، اذ اصبح الذين ينفذون اعمالا فنية اسلامية خالصة قلة نادرة» بحسب عميد كلية الفنون الاسلامية التقليدية الدكتور منور المهيد. ويقول «كنا نظن ان المنبر مبنيٌّ على اساس تقاطع المربعات والمستطيلات، ولم ننجح في جهودنا الا اننا تمكنا من فك اللغز ومعرفة ان كل هذا العمل بنيَّ على اساس النسب الفاضلة ووجود مركز للعمل وكل التفاصيل الاخرى ما هي إلا انعكاس لهذا المركز، وهو فن يقوم على اسس هندسية قيمية بزخرفة نباتية وخط عربي ومقرنصات وخراطة وتطعيم بالعاج والابنوس باسلوب التعشيق، وهي الانماط الستة الرئيسية المكونة للفن الاسلامي لتعكس فلسفة وحكمة اسلامية تقوم على وجود مركز للكون، وما الأمور الاخرى الا تجليات وانعكاس لهذا المركز، اذ يؤدي الالتزام بها الى الوصول الى السعادة.

وسينقل المنبر الى القدس بعد نجاح الجهود التي يقوم بها الأردن مع جميع الجهات المعنية دوليا ومحليا.