وعد بوحسون تلتقي جمهورها العربي غير المغترب ولأول مرة في أصيلة

تخَصَّصَت في الغناء الأوبرالي والعود قبل التحاقها بفرقة «التخت النسائي»

TT

تألقت الفنانة السورية وعد بوحسون، في السهرة التي احيتها اخيرا في الموسم الثقافي لمدينة اصيلة رفقة مجموعة «ارنينة» للعزف الشرقي بقيادة محمد قدري دلال. وربما لم يكن من الصدفة ان تحيي الفنانة السورية وعد اولى حفلاتها في العالم العربي بهذه المدينة الهاجعة على المحيط الاطلسي، التي شكلت دائما نقطة التقاء الشرق بالغرب وحوار العرب مع هويتهم والمكونات المتنوعة لثقافتهم، بعد مجموعة من السهرات التي شدت اليها انظار وأسماع المهتمين بالموسيقى العربية في باريس.

وخلال السهرة الأصيلية الاخيرة لوعد، قامت المطربة الشابة بأداء مجموعة من المقامات العربية والأغاني الكلثومية الجميلة والصعبة، التي تعود ألحانها لمبدعين كبار مثل القصبجي والسنباطي وزكريا أحمد ومحمد عبد الوهاب.

واختارت وعد ان تنطلق، عكس مَجْرَى التيار، من القديم نحو الجديد، عبر «ظلموني الناس»، و«الطقطوقة»، ثم «الأطلال»، لتخوض تحدي اداء اغنيات تحتاج لدرجة رفيعة من الاداء وخامة صوت عالية. وخلال هذه الامسية نجحت المطربة في رهان الابداع والإمتاع، وتجاوب الجمهور معها على مدار ساعتين كاملتين من غناء الزمن الجميل.

وحول طبيعة اختياراتها الكلاسيكية التي تعاكس التيار السائد المعتمد على السرعة وثقافة الكليبات، تقول وعد: «الغناء يواكب عصره، وهكذا تحولنا، في عصر السرعة الذي نعيشه، الى الكليب والاضاءة السريعة وعروض الازياء والأجساد في معظم الاغاني الرائجة في السوق. ولا شك ان وسائل الاعلام والفضائيات تلعب دورا في تكريس الكليب الذي هو كالأكلة السريعة، يلقى بعد الاستعمال لمرة واحدة. غير ان الممارسة الواقعية تظهر ان الجمهور العربي متعطش لسماع الغناء العربي الكلاسيكي».

ولكن، ورغم الطلب الكبير على الكلاسيكيات، فان العرض يظل ضعيفا، خاصة في ظل التراجع عن تشجيع المغنين الذين يحرصون على الحفاظ على التراث العربي الموسيقي، مما ادى الى تخلي معظم المطربين العرب عن مساعيهم لتطوير جوانب مهمة من تراثنا الجميل، ولانتاج موسيقى خالدة، بدلا من أغاني لحظية تموت بعد ولادتها بأسابيع».

وكانت وعد التي ولدت لأب يعشق العزف على العود وسماع الطرب الاصيل قد درست الموسيقى الشرقية والكلاسيكية وتخصصت في الغناء الاوبرالي والعزف على العود، قبل ان تلتحق بفرقة «التخت النسائي» الدمشقية، وتبدأ مسيرتها في الغناء من باريس، قبل شهور قليلة في الدورة الـ10 من مهرجان «متخيل العالم» الذي ينظمه معهد العالم العربي ودار ثقافات العالم في العاصمة الفرنسية.

وعد التي أهداها أبوها أول عود امتلكته، وهي في السابعة من عمرها، لها العديد من المشاريع التي تتركز كلها حول هدف واحد: «الحفاظ على الذاكرة الموسيقية العربية الجميلة طرية متوثبة من خلال اصوات جديدة، وتقديمها للجمهور العربي والاجنبي بصورة حية، لا عبر تسجيلات قديمة». لذا ستصدر اول قرص مدمج لها انطلاقا من حفلتها التي اقامتها في اصيلة، والذي من المنتظر ان يتضمن اصداء حية من تجاوب الجمهور مع المطربة. كما ستنشط وحدها احدى سهرات مهرجان «الغناء و العود» الذي سيقام بتونس في اكتوبر (تشرين الأول) المقبل.