«المواطن العالمي» حلم الطلاب في أميركا

سنوات التفرغ تزيد خبرة الطالب

TT

أربع وظائف، وسبعون ساعة في الأسبوع. ذلك هو جدول مواعيد ايرين سوليفان منذ التخرج من المدرسة الثانوية. وغالبا ما تتناول وجبتها الرئيسية في سيارتها وهي تقودها متنقلة من مهمة انقاذ السابحين الى مهمة العناية بالأطفال.

ولكن الامر يستحق كل هذا، وفقا لما تقوله سوليفان البالغة 18 عاما، والتي من المقرر أن تغادر الى اميركا اللاتينية في سنة عمل طوعي ممولة في معظمها وتعلم الإسبانية قبل الالتحاق بالكلية في خريف 2007. وقالت سوليفان التي أجلت الالتحاق بالجامعة الأميركية «أريد فكرة افضل عما سأقوم به مسبقا».

ويستقر الكثير من خريجي الدراسة الثانوية للعام الحالي في الأقسام الداخلية للكلية، ولكن عددا متزايدا من الطلاب من أبناء الطبقة الوسطى، مثل سوليفان، يختارون سنة تفرغ قبل الالتحاق بالكلية أو اثناء الدراسة فيها. وكان مثل هذا الأمر يعتبر مرتبطا بالطلاب الموسرين، غير أن كثيرا من الطلاب من ذوي الخلفيات المالية المتنوعة يدفعون الان جزءا من الكلفة أو كلها. واذ ترتفع تكاليف الدراسة الجامعية فإن مزيدا من العوائل ترى في هذه الخطوات استثمارا جيدا لأن ابناءهم يعودون في الغالب أكثر قدرة على الاهتمام والتركيز.

ويشير المركز القومي لإحصائيات التعليم الى ان 35 في المائة فقط من الطلاب يتخرجون خلال السنوات المقررة وهي أربع سنوات. والكثير منهم يقضون خمس أو ست سنوات قبل التخرج.

وقالت هولي بول، رئيسة مركز البرامج الانتقالية في برينستون بولاية نيوجيرسي، الذي يساعد الطلاب على التخطيط لسنوات التفرغ، ان «أولياء الأمور يفكرون مرتين قبل ان يوقعوا على شيك رسوم التعليم الثقيلة». وعلى الرغم من الضغط المتزايد من اجل حصول الأبناء على فرص الالتحاق بكليات جيدة، فان الكثير من أولياء الأمور الموسرين يبدون أكثر انفتاحا في خيارات سنة التفرغ ممن سبقوهم.

ومما له مغزى اقتصادي أن يستكشف الطلاب مصالحهم قبل الكلية، وفقا لما يقوله المؤيدون للتمتع بسنة التفرغ. فالطلاب الجدد الذين يقومون بهذا هم اقل احتمالا في الانشغال بالحفلات الاجتماعية أكثر من اللازم، وفي التغيب عن الحصص الدراسية أو تغيير الدروس الرئيسية بصورة متكررة، وكلها أمور يمكن أن تتطلب مزيدا من الوقت والتكاليف لانهاء الدراسة.

ويمكن لسنوات التفرغ ان تزيد من خبرة الطالب. وقالت بول ان الطلاب المهتمين بدراسة الطب لديهم صلات أوسع مع المرضى وهم يتطوعون للعمل في عيادات بكوستاريكا على سبيل المثال بالمقارنة مع صلاتهم في الولايات المتحدة. وفي الرحلات المختلفة الى الخارج يمكنهم الحصول على مستوى معين من الطلاقة في لغة جديدة.

ويتعلم كثير من الطلاب مهارات حياتية قيمة عبر جمع المال والانفاق الحكيم خلال سنة التفرغ، وفقا لما قالته غيل ريردو، المديرة المؤسسة لشركة «تيكنغ أوف»، وهي شركة استشارات في بوسطن تقوم ايضا بمساعدة الطلاب على التخطيط لسنة التفرغ.

ولا تعتبر الكثير من العوائل سنة التفرغ مجرد ترف. وقال ديل كريغر، المستشار المالي الذي قدر كلفة سنة ابنته بمبلغ 30 ألف دولار لفصل دراسي في الهند وشهر في ايطاليا وفصل في نيويورك لتلقي دروس في الفن والعمل كمتمرنة في متحف. وقال كريغر، متحدثا عن معيشتها شهرا في غرفة مع عائلة من التيبت في الهند، ان ابنته تحولت من «ليبرالية ثرية» الى «مواطنة عالمية مسؤولة».

وقالت الابنة كيسي كريغر، 19 عاما، ان «التجربة كانت مفيدة وجذابة بالتأكيد. وقد غيرت حياتي بالفعل». وهي الان طالبة جديدة في معهد متحف الفنون الجميلة ببوسطن.

وتقدر تكاليف سنة التفرغ بما يتراوح بين 10 آلاف الى 12 ألف دولار بما في ذلك رسوم الاستشارات.

وقال جون ايستمان، مدير مؤسسة «التعليم العالمي عبر الحدود»، وهي مؤسسة غير ربحية تتخذ من نيويورك مقرا لها وتركز على البرامج الدولية، ان «العقبات المالية تبقى الحاجر الأكبر أمام ما لا يقل عن 50 في المائة من الطلاب المتقدمين».

وقال ايستمان «لا يمكن اعتبار السفر الى الخارج مجرد ترف»، مضيفا ان هذا السفر مهم لمساعدة الشباب الأميركيين على ان يصبحوا «واسعي الثقافة وعلى دراية شاملة بالعالم». واصبح كريغر رئيسا لهذه المؤسسة بعد التجربة الايجابية التي اكتسبتها ابنته عبر سفرها الى الخارج وتمتعها بسنة التفرغ قبل الدخول الى الجامعة.

* خدمة «نيويورك تايمز»