«ماك لين» تتحول من منطقة هادئة في واشنطن إلى ضجيج أصحاب النفوذ

تسيطر عليها جحافل السياسيين الجمهوريين الأغنياء

TT

خلال العقد الأخير تحولت منطقة ماك لين بواشنطن التي كانت ضاحية هادئة لتصبح مكانا يضج بجحافل السياسيين الجمهوريين والمنضوين تحت حملات الضغط والخبراء السياسيين، وهذا ما جعلها «مركزا روحيا للمؤسسة الجمهورية».

ويقول مايكل كراولي في مجلة «نيويوركر»: لقد اصبحت المنطقة مزدحمة بأناس شاركوا في توجيه التوبيخ الذي أصدره الكونغرس ضد بيل كلينتون، وانتخبوا جورج دبليو بوش، وأطلقوا الحرب ضد العراق، وهم الآن تعلموا كيف يمكنهم كسب ملايين الدولارات من خلال تعاونهم مع الحكومة».

وقال: «اسمعوا انتم محبو الشجار في بلتواي ممن تكسبون شعبية من خلال الجدل ودعم أعداء الأغنياء الذين يمتلكون سلطة سياسية : يبدو أنكم توجهون مدافعكم الكلامية على الهدف الخطأ! فبينما أنتم تدينون حفلات العشاء النخبوية في جورج تاون كل هذه السنوات هناك نخبة جديدة استولت على المشهد وبدأت تعيش في طرف النهر الآخر في ماك لين».

ويقطن ضاحية ماك لين، التي يبلغ عدد سكانها 40 ألف شخص، بعض القيادات البارزة في الحزب الجمهوري مثل نيوت جينغريتش، وسكوتر ليبي، وكولن باول، واندرو كارد، وليز تشيني، وبيل كريستول، وكلارينس توماس، وانتونين سكالياند وغيرهم. وفي هذه المنطقة وصلت أسعار البيوت إلى 905 آلاف دولار.

وكتب كراولي «تمثل هجرة السلطة منطقة جورج تاون إلى ماك لين تحولا في السياسة الأميركية على مستوى مصغر، فالنخبة الليبرالية القادمة من شمال شرقي الولايات المتحدة والتي جذبتها منطقة جورج تاون ذات المعمار الأنيق بدأت بالتلاشي، لتحل محلها طبقة مناضلة محافظة... تطرح نفسها باعتبارها طبقة راقية عبر ضاحية ماك لين».

وهؤلاء الاثرياء الجمهوريون لا يريدون شراء بيوت راقية من القرن الثامن عشر ذات سلالم صاخبة ونظام حنفيات قديم، لا، الجمهوريون يفضلون شيئا شبيها بقصر فرساي.

وعن ذلك يروي كراولي تفاصيل زيارته لقصر ادوينا روجرز المساعدة السابقة للبيت الأبيض ـ وزوجة إد روجرز، أحد مساعدي الرئيس الأسبق ريغان الذي يقوم بحملة ضغط لصالح الي ليلي، ولشركة تبغ لوريلارد وحكومة قطر، فيقول: قصر ادوينا روجرز المعروف باسم «سَري هيل» تبلغ مساحته 18 ألف قدم مربع في ضاحية ماك لين، وصاحبته لا تعرف عدد الغرف، لكن هناك مصعدا يربط بين طوابقه الثلاثة، في الطابق الأعلى هناك حمام ادوينا «وهو واحد من ثمانية» ويشمل على موقد للنار بالقرب من الحوض...».

لكن روجرز فخورة جدا بمعرضها الفني ومجموعتها الفنية الواسعة، وقالت لكراولي «لا أتخيل ان هناك بلدا لم نحصل على قطعة منه».

تشكل القصور الغنية بالمال عنصر جذب للاجانب، لكن هل هذه هي الكيفية التي أصبح الجمهوريون وفقها يشكلون حزبا لحب الوطن والإخلاص له.

ويقول الديمقراطي البارز زبيغنيو بريجينسكي، مستشار الرئيس الأسبق جيمي كارتر للأمن القومي وأحد ساكني ماك لين، إنه يكره هذه القصور الكبيرة المبهرجة التي وصفها لكراولي بأنها مصطنعة، وأكبر بكثير مما تحتاجه الأسرة المتكونة من رجل وزوجته وطفل إضافة إلى المحامي المكلف بقضايا الطلاق الذي لا يمكن التخلي عن خدماته.

لمنطقة ماك لين نظام مدرسي حكومي لكن النخبة الجديدة ـ مثل سابقتها القديمة ـ تفضل المدارس الخاصة لأطفالها خصوصا مدرسة «بوتوماك»، حيث تبلغ تكاليف الدراسة سنويا للطفل الواحد 22 ألف دولار. ويكتب كراولي عن قيام هذه المدرسة بمزاد سنوي لمنح حقوق تسمية الشارع الصغير الذي تقع عليه. وعادة من يشتري الحق يدفع مبلغا يصل إلى خمسة أرقام، وتمكن إد وأدوينا روجرز أن يفوزا بحق تسمية الشارع باسميهما للسنتين الماضيتين. وهذه السنة أخذ الشارع اسم سابرا الذي هو اسم ابنتهما، وفي السنة الماضية كان اسم الشارع هالي الذي هو اسم ابنهما، وجاءت تسمية الابن على اسم شريك الاب إد في حملات الضغط هالي باربور مدير «آر إن سي» (المحافظين الجدد الأثرياء) وحاكم ولاية مسيسيبي حاليا.

ويكتب كراولي قائلا «الحياة في ضاحية ماك لين رائعة عدا عن مشكلة واحدة، أحيانا وحسب معلومات محلية يختفي عمال التنظيف، بعد مرورهم عن غير عمد بأرض تعود لـ سي آي إيه، وهذا لأنهم مهاجرون غير شرعيين. وهذا ما جعل العثور على أشخاص يساعدون في التنظيف مهمة شاقة».

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ «الشرق الأوسط»