ورقة الشاي.. رحلة 100 عام للفوز بثقة المتذوقين

الأميركيون يطلبون الجودة وسط إقبال مكثف على الشراء.. والإنجليز لا يهتمون بالتحسينات

TT

واجهت فكرة تعبئة الشاي في كيس جاهز قدرا من الرفض في البداية خصوصا من أولئك الذين يحبون التذوق، لكن مع إعادة الإنتاج الواسع بطرق جديدة للأكياس تم كسب أولئك الرافضين للفكرة.

فبعد مرور 100 عام على إنتاج أول كيس شاي جاهز أصبحت هذه الطريقة هي الاوسع لانها تسمح للمتذوقين بتذويب شايهم في الاكواب، بعد تصميم الاكياس بشكل انيق دون تأثير على مذاق الشاي.

وقد اظهرت مبيعات الشاي في الولايات المتحدة انها تضاعفت أربع مرات عما كانت عليه قبل عقد واحد، حيث بلغت حوالي 6.2 مليار دولار سنويا، حسب «جمعية الشاي» الأميركية ويبدو أن شاربي الشاي الأميركيين على استعداد لتقبل التغيير نحو الأحسن.

وقال البعض إن التغيير تأخر كثيرا. فعندما تنظر إلى كيس شاي تقليدي موجود في خزانتك قد يكون مملوءا بفتات الشاي المتبقي من تخمير الأوراق الأصلية بعد نخله وتحسينه. ويسميه صانعو الشاي بالغبار، وما يمكن الحصول عليه سيكون شبيها بالصدأ وغالبا ما يكون طعمه مرا. لكن ما عاد هذا الأمر قائما ولا هو بالضروري غلي إبريق شاي بالكامل لتحقيق مذاق أفضل.

قد تكون علامة التغيير في صناعة الشاي على المستوى العالمي هو ما ستبدأ شركة ليبتون «أكبر شركة شاي في العالم» ببيع أكياس تحتوي على أوراق كاملة للشاي في أسواق السوبرماركت على مستوى الولايات المتحدة خلال الشهر المقبل.

وبدلا من وضع أوراق الشاي في أكياس ورقية ستكون داخل أكياس أنيقة مثلثة الشكل من النايلون المزود بفتحات شبكية.

وتتبع ليبتون شركات شاي أميركية أخرى في هذا المنحى مثل «هارني أند سونز»، و«مايتي ليف»، وشركة «أداجيو وهايلاند» للشاي التي سبقت وطرحت في الاسواق اكياس مملوءة بنوعيات راقية من أوراق الشاي، وكذلك أوراق شاي الأعشاب أو الأزهار، أو مذاق فواكه أو توابل.

وتقول وانيا ميشوكي رئيسة «شركة شاي هايلاند» بمدينة مونتْكلير، بولاية نيوجرسي، التي تبيع أنواعا ناعمة من الشاي قادمة من كينيا المصدر الرئيسي في العالم الان «قررنا أن نضع قدرا من الشاي الذي في حوزتنا داخل علب لأنها الطريقة التي يتبعها اليوم أكثر الناس».

أما جيمس وونغ نائب رئيس شركة ليبتون في انجلوود كليفز بولاية نيوجيرسي فقال إن «كل مستهلك أصبح ذواقة، وكلهم يريدون أوراق الشاي لكن شراءه وغليانه قد يصعب الامر عليهم لذلك نحن وجدنا فرصة لتبسيط ذلك، عن طريق جعله عملا سهلا، وهو يجذب زبائن جدد إضافة لعشاق الشاي».

ويسمى الإنتاج الجديد لشركة ليبتون بـ «الهرم» وتطلب أن تكرس الشركة عامين لإنتاجه. وتقدم الشركة ستة أنواع من الشاي ذي الأوراق الطويلة، وخمسة منها ذات نكهة ما عدا «بلاك بيرل» الخالي من أي نكهة عدا طعم الشاي.

وقال جون تشيثام أحد صناع الشاي في «رويال استيت» التابعة لليبتون إن «رد فعل المستهلكين كان إيجابيا، ونحن صنعنا بلاك بيرل لإرضاء المحبين لطعم الشاي فقط».

واعترف تشيثام أن أنواع النكهة التي تقدمها شركة ليبتون هي مناسبة للمبتدئين مع الشاي، وهي بعيدة عن منتجات شركات «هارني أند سونز» المتخصصة في شاي «دراغون بيرل جاسمين» أو شاي «دارجيلنغ» الذي تنتجه شركة «مايتي ليف»، وهذه الأنواع من الشاي تباع بأسعار تتراوح ما بين 30 سنتا إلى دولارين ومتوفرة في محلات بيع الشاي ومخازن الأطعمة الممتازة وعبر الإنترنت. ويبلغ سعر العلبة من شاي «الهرم» «بيراميد» 3.49 دولار وتحتوي على 20 كيسا، أي يبلغ سعر الكيس الواحد أقل من 20 سنتا، ويتراوح سعر الكيس العادي من الشاي حاليا 8 سنتات.

وقال شيثام إن «ماركة الهرم الخاصة بليبتون ستجلب الشاي الأساسي إلى الجمهور الواسع». وهذا هو الدافع وراء تأسيس الشركة، على يد التاجر الإنجليزي توماس ليبتون عن طريق شراء حقول شاي في أواخر القرن التاسع عشر، ليجعل من هذا المشروب الذي كان سلعة خاصة بالارستقراطيين ممكنا شراؤه من جانب الجمهور العادي.

وكانت عملية استخدام الاكياس قد اقتبست من فكرة توماس سوليفان الذي ابتكرها قبل ما يقرب من 100 عام لغرض إرسال عينات منه إلى زبائنه، وما لبثت ان اصبت تتداول بشكل عام خلال العشرينات من القرن الماضي.

لكن الشركات بدأت بالتلاعب بالنوعية حيث أصبح محتوى الكيس الورقي الصغير ذا نوعية رديئة من الشاي. ولم يعارض المستهلكون ذلك، بل أحبوا فكرة أن تمنح تلك الجسيمات الصغيرة من الشاي اللون الأحمر في كأس من الماء الساخن خلال ثوان مع طعم قوي.

وفي عام 1929 بدأت شركة ليبتون بتصنيع الشاي في أكياس ورقية، وفي عام 1954 قدمت الشركة الكيس ذا الجدران المضاعفة الخاص بالشاي، والذي يعرض الشاي إلى الماء الساخن بشكل أكبر ويتطلب وقتا أقل لتخميره.

ويتطلب تخمير الشاي من الأوراق النباتية الناعمة وقتا أطول حيث يحتاج إلى ما يقرب من خمس دقائق كي تنقع. والأوراق نفسها تتطلب فراغا كي تحل نفسها، ولعله لهذا السبب وضع الشاي في أكياس مثلثة الشكل، فأنت تستطيع أن تشاهد الأوراق وهي تتضخم أثناء امتزاجها بالماء الساخن.

ومثلما هي الحال مع محبي القهوة الذين تخلوا عن القهوة الجاهزة إلى تلك التي يعدونها عن طريق طحن حبوب البن لكل كوب يشربونه، تحول الكثير من شاربي الشاي الأميركيين إلى استخدام الاكياس الورقية الجاهزة. مع ذلك هناك أدوات صغيرة تساعد على تخمير كوب شاي واحد من أوراق شاي كاملة لكنها لا تزيل آثار الشاي تماما عن الكوب. وضمن هذه الحاجة قامت شركة «أيتو إن» اليابانية للشاي بإنتاج أكياس نايلون ذات فتحات سعرها دولارا واحدا للكيس.

ويبدو أحيانا أن شركات الشاي الإنجليزية بطيئة في اللحاق بالتيار الجيد المقدم في أكياس. وغالبا ما يشرب الإنجليز شايا مع الحليب والسكر لذلك فهم يحبونه مركزا وقويا بنفس الطريقة التي توفره أكياس الشاي الرخيصة. ويقول تشيثام «المستهلك الإنجليزي أقل مغامرة من الأميركي».

حتى فترة متأخرة كان الإنجليز هم المقياس في شرب الشاي، لكن تأثير اليابان التي كانت المجهز الأكبر للسوق الأميركية في الشاي قبل الحرب العالمية الثانية بدأت تسترجع موقعها خلال السنوات الأخيرة. والكثير من الأميركيين بدأوا يتذوقون الشاي الأخضر، فمنذ عام 1998 ومبيعاته زادت بمعدلات عالية أكثر من أنواع الشاي الأخرى.

لكن على الرغم من صناعة أكياس شاي ذات نوعية أفضل الا ان الحصول على مذاق ممتاز لابد ان يمر ببعض العناصر مثل درجات حرارة الماء والوقت المطلوب لغليانه وتخميره، وما إذا كان الشاي أسود أو أخضر. هناك استثناء واحد تقدمه شركة الشاي الفرنسية «لو بالي دي تي»، إذ تتضمن التعليمات على غلاف العلبة من حيث درجة حرارة الماء ووقت التخمير، ويوضع الشاي في أكياس من قماش الموسلين، لكن كم من شاربي الشاي يهتمون بكل هذه التفاصيل؟

وقال مايكل هارني نائب رئيس شركة هارني أند سون في ميلرتون بولاية نيويورك «الناس يحبون الشاي الاصلي باوراقه، لكن لا يحبون العمل المطلوب لتحضيره، نحن نرى زبائننا يتحولون باستمرار اليوم من الشاي العادي إلى الشاي الموضوع في أكياس».

* خدمة «نيويورك تايمز»