الجنون يتحول إلى فن وكلاسيكية في أسبوع لندن للأزياء

TT

«بيبا» اسم له وقع خاص على كل متابع للموضة، فهذا الاسم الذي ظهر في الستينات واختفى في الثمانينات، يثير الكثير من الحنين وبالتالي فإن عودته هذا العام لا يمكن ان تمر مرور الكرام فقد رافقتها ضجة كبيرة وترقب أكبر. لذلك لم يكن غريبا مشاهدة طابور طويل من المشاهير من أمثال جمايما خان وهيو غرانت، ومصممة دار كلوي سابقا فيبي فيلو مرفوقة بزوجها إلى جانب أماندا هارليش وغيرهم، فضلا عن انتظارهم بصبر دخول قاعة العرض، وهو امر غير معهود إذا أخذنا بعين الاعتبار انهم يدخلون مباشرة ومن أبواب خلفية أحيانا، لكن هذا هو تأثير اسم بيبا، الذي ارتبط بفساتين بخصور عالية ومفصلة وأكتاف ضيقة وأكمام منتفخة في الستينات، لكن الأهم أنها كانت «سبور» للغاية. التحدي بالنسبة لبيلا فرويد، التي أنيطت بها مهمة بعث هذا الاسم، ان تقدم جديدا يحترم الصورة التي ارتبطت بالأذهان. وكانت النتيجة انها قريبة جدا وبعيدة كل البعد عن تصميمات مؤسسة الدار، باربرا هولانيكي، في الوقت ذاته. فالأسلوب يتشابه واللغة هي نفسها، لكن بينما تصميمات هولانيكي كانت بأسعار معقولة، لكي تفسح المجال لكل امرأة ان تستمتع بها بغض النظر عن إمكانياتها، فإن التصميمات التي رأيناها على منصات العرض مؤخرا، لن تتبع هذا الخط، فهي للمرأة الأنيقة التي تتمتع بإمكانيات جمايما خان ومثيلاتها، وهذا يدل على أن العقلية التجارية قد تغيرت تماما.

القصة بالنسبة للمصمم غاريث بيو مختلفة، فهو من جيل لندن الذي ما زال يؤمن بالفنية والابتكار ولو على حساب التسويق، وهو ما كان جليا في عرضه الذي كان بمثابة فيلم خيال علمي من حيث الإخراج، وفي تشكيلته التي غلبت عليها النقوشات الهندسية باللونين الأبيض والأسود بحيث تبدو وكأنها لوحة شطرنج، سواء تعلق الأمر بالفساتين الطويلة أو المعاطف التي تبدو غريبة لكنها تخفي بين طياتها هندسية فنية لا يعلى عليها، وهو الأمر الطبيعي إذا عرفنا أنه بدأ مشواره كمصمم أزياء مسرحية عن عمر لا يتعدى الرابعة عشرة، وهذا ما يجعل عرضه من العروض التي لا يدخلها إلا باقة منتقاة جدا من وسائل الإعلام. لكن هل ستستطيع أي امرأة ان تلبس هذه الإبداعات الفنية، فهو أمر سيجيب عليه الزمن فقط. عكس غاريث بيو، ارتأى المصمم جوناثان سوندرز الذي عرفنا عنه عشقه للنقوشات في السابق، ان يخفف منها، وقدم تصميمات قريبة جدا من الخياطة الرفيعة الباريسية لكن بشقاوة لندنية واضحة، فحتى أحجار سواروفسكي (أحد الداعمين لعرضه) جاءت هادئة ومستعملة بطريقة فيها فنية لا تصدم العين. من جهة اخرى قدم كل من جاسبر كونران، تشكيلتين رائعتين من الناحية الفنية والتسويقية، وكل ما فيهما يغري بالشراء. وإذا عرف السبب بطل العجب فهما من المصممين الذي دخلوا مجال التصميم للمتاجر الكبيرة مثل ديبنهامز، ويعرفان تماما ماذا تريد المرأة وما تقبل عليه. صحيح ان التشكيلات التي تحمل اسمهما الخاص باهظة الثمن لكن خياطتها واسلوبها في الحياكة يبرران سعرها.