دور النشر الإنجليزية تصنع من لاعبي الكرة نجوما في الأدب

ظاهرة انتشار كتب اللاعبين أعادت بالربح على البعض والمشاكل على آخرين

TT

يبدو أن ملاحقة اخبار نجوم الكرة في انجلترا لم تعد حكرا على الصحف والتلفزيونات، فقد انضمت دور النشر الى طابور المستفيدين بجذب المشاهير منهم ليسجلوا قصصهم الشخصية، ومشاكلهم الحياتية في الملعب وخارجه، في كتب حقق بعضها مبيعات كبرى.

في الماضي القريب كانت دور النشر تركز على كتابة السيرة الذاتية لنجوم كرة القدم والرياضة بصفة عامة بعد ان يتخذوا قرار الاعتزال، او في مراحل متأخرة من اعمارهم، لكن اختلف الامر الان واصبح لاعبو الكرة المشاهير يصدرون سلسلة من الكتب قد لا يفصل بين كل منها سوى عام واحد لينضموا الى عالم كتاب الفن والادب.

ويقول جون. ب من دار «ووتر ستونز» للنشر بوسط لندن لـ«الشرق الاوسط»: «لاعبو كرة القدم المشاهير اصبحوا كالبيضة الذهبية لدور النشر، لأن اخبارهم وقصصهم تلقى اقبالا كبيرا من الجماهير، وفي الاونة الاخيرة شاهدنا كتبا لنجوم اللعبة تفوق كتب نظرائهم من نجوم السينما والسياسة. واشار جون. ب الى ان كتاب اللاعب ديفيد بيكام الأول حقق مبيعات رائعة.

ويرى راؤول سايمون الكاتب الصحافي بجريدة «ايفننج ستاندرد» الانجليزية ان ظاهرة نشر كتب اللاعبين زادت بشكل غير طبيعي، ويقول لـ«الشرق الاوسط»: «بعض دور النشر وجدت انها حققت ارباحا كبيرة من كتب اللاعبين، فاستغلت الامر وراحت تطرح سلسلة من الكتب بعضها لا تجد به شيئا يستحق القراءه.

والاغرب ان هناك بعض دور النشر تلجأ الى استقطاب نجم ليحكي فقط تفاصيل مشكلة او قضية واحدة انشغلت بها الصحافة لتخرج في صورة رواية مثلما حدث مع بيكام عندما كان لاعبا في مانشستر يونايتد وتصادم مع مدربه اليكس فيرغسون الى ان قذف الاخير بحذائه ليصيب وجه اللاعب الشهير. والامر تكرر ايضا مع قائد مانشستر يونايتد الايرلندي روي كين الذي كان كتابه الاخير قبل عام ونصف العام سببا في انفصاله عن ناديه حيث تعرض لزملائه بالنقد الحاد.

اما الامر الذي كان لافتا للانتباه فهو اصدار النجم الصغير واين روني، 19 عاما، كتابه الثاني خلال عامين رغم ان مشواره في عالم الاحتراف لا يزيد عن 3 سنوات. ويبدو ان عصبية روني داخل الملعب، وحياة البذخ التي اصابته خارج الملعب، جعلتاه مادة مطلوبة لدور النشر خاصة انه عاش طفولة فقيرة، وكان يقطن مع والديه في مسكن متواضع.

ويقول راؤول سايمون: «اذا نظرنا الى كتاب روني مثلاً فلا شيء فيه يستحق القراءة، فمشواره مع الكرة لم يتعد 4 سنوات، والاخبار القليلة عنه حفظها الجمهور من الجرائد اليومية» واضاف «اعتقد انه يجب على الرياضي الانتظار حتى ينهي مسيرته ليسرد الاحداث بوضوح، بدلا من اصدار كتاب اول يحكي فيه عن شيء ثم ينقد ذلك في كتاب ثان».

وينظر المتابعون لعملية تتابع نجوم الكرة على اصدار كتب، على انها عملية منفعة مشتركة، فاللاعب يتقاضى مبالغ كبيرة ليحكي قصته، ودور النشر في الغالب تحصد ارباحا كبيرة. ويظل بيكام هو اعلى اللاعبين اجرا من دور النشر، فقد اصدر كتابين مقابل مليوني جنيه استرليني، ويستعد لاصدار الثالث، وبالطبع لن يقل اجره عن مليون استرليني. وقال بيكام «رغم أنني قدمت من قبل كتابين إلا ان القادم سيكون أول سيرة ذاتية حقيقية لي».

وسيتناول بيكام، المتزوج من فيكتوريا مطربة فريق «سبايس غيرلز»، أحداثا مهمة في حياته الكروية والشخصية. وأعرب مدير النشر في دار «هاربر كولينز» مايكل دوجارت عن أمله في أن يحتل الكتاب صدارة الأكثر مبيعا عند طرحه في الأسواق العام المقبل.

لكن ما يتخوف منه بيكام هو ان يتأثر كتابه الجديد بكتاب آخر اصدره والده تيد بيكام حكى فيه تفاصيل عديدة عن حياته منذ الصغر وحتى زواجه. وبذلك لم تتوقف دور النشر على ما يقوله النجوم بل عملت على استقطاب اقاربهم والعالمين بخفايا الامور.

وكان تيد بيكام قد اصدر كتابا يحمل اسم «ابني ديفيد بيكام» خاض من خلاله في أمور شخصية عديدة لم يكن الابن يريد اعلانها مع صور فريدة للاعب وهو مازال صغيرا.

وكانت السيرة الذاتية التي كتبها بيكام تحت عنوان «حياتي» والتي صدرت عام 2004 قد تصدرت قوائم أكثر الكتب مبيعا في بريطانيا لفترة طويلة.

ووسط تواصل ظاهرة استقطاب نجوم اللعبة في انجلترا لاصدار الكتب ومنها ما اثار مشاكل كادت تعصف بهم من انديتهم واخرى كانت سببا في انتقالهم الى فرق اخرى يبرز كتابا نجمي دفاع منتخب انجلترا اشلي كول وريو فيرديناند.

وكان كتاب «دفاعي» لنجم ارسنال السابق اشلي كول سببا في اثارة مشكلة كبرى للاعب مع ادارة ناديه ومدربه ارسين فينغر، وكان من اثاره تحول اللاعب الى نادي تشيلسي المنافس اللندني لارسنال.

وتعرض اشلي كول في كتابه الى تفاصيل كان يراها ديفيد دين نائب رئيس ارسنال والمدرب فينغر بالسرية والخاصة بأجره وكيف كانت الادارة تماطله واقامت حربا عندما تقابل سرا مع مدير نادي تشيلسي بعد ان عطلت مفاوضاته للانتقال لريال مدريد.

وفي الاسواق حاليا كتاب صدر أخيرا لريو فيرديناند مدافع مانشستر يونايتد بعنوان «ريو... قصتي» يتحدث فيه عن القضية التي كانت محور احاديث الصحافة قبل عامين عندما تخلف عن كشف للمنشطات ليتم ايقافه لمدة 7 اشهر، وايضا عندما تحدث وكيل اعماله مع نادي تشيلسي بدون علم مانشستر يونايتد وهو الامر الذي كاد ان يكلفه الابتعاد عن النادي العريق.

ويعتبر ريو فيرديناند اغلى مدافع كرة قدم بأوروبا بعدما انتقل من ليدز الى مانشستر يونايتد عام 2000 مقابل 29 مليون جنيه استرليني.

ويقول راؤول سايمون «كتاب اشلي كول ركز على قضية مثيرة تتعلق بمشكلته مع ناديه ارسنال مع قصص شخصية اخرى، لكن السؤال الذي يجب ان ننتظر الاجابة عليه هو كم سيحقق من المبيعات، لقد فقد اللاعب حب جماهير فريقه السابق (ارسنال) بعد انتقاله لتشيلسي، كما ان جمهور الاخير لم يعرفه بعد ولم يقدم له شيئا ليشتري كتابه».

واذا كان نجوم اللعبة السابقون يكتبون سيرهم الذاتية لنقل خبراتهم الى الاجيال القادمة بدون النظر الى المقابل المادي، فان الحال اليوم اختلف كثيرا، فقد باتت دور النشر تتابع بزوغ أي نجم لتلتقطه، واذا لم يكن هناك ما يعرضه كرياضي، ستنبش بالطبع في مسيرة حياته الشخصية علها تقع على نقطة مثيرة.