أصوات الحكواتي والمسحراتي عادت تملأ ليالي دمشق

TT

دمشق ـ (د ب أ): تستنشق دمشق عبقا خاصا خلال شهر رمضان، ففيما يزين السكان في مختلف أنحاء المدينة شرفات منازلهم بالاضواء الخاصة والعبارات الاسلامية، مثل «رمضان كريم» و«أهلا رمضان»، تتصاعد في الجو رائحة الاطعمة، التي لا تباع إلا خلال هذا الشهر، من أسواق المدينة.

وتظهر المفارقة في أن هذا الشهر، الذي يتسم بالزهد والعزوف عن الطعام، يشهد أيضا زحاما غير عادي وإقبالا كبيرا على الاطعمة الشهية، حيث يصطف الناس في طوابير طويلة أمام المحلات التي تبيع الحلوى الدمشقية اللذيذة.

يقول محمد نفيسة، صاحب مصنع حلويات نفيسة الشهير، بفروعه المتعددة في دمشق، إن العمل مستمر في مصنعه خلال رمضان 24 ساعة يوميا، بينما تعمل المحلات التابعة له على مدى 20 ساعة في اليوم، لافتا إلى أن بعض الناس يقوم بالتوصية على الحلويات حتى قبل بدء الشهر.

ويضيف أن مبيعاته في رمضان تصل إلى ثلاثة أضعاف المعتاد، وأن ذروة الضغط هي قبل الافطار بقليل. ويشير إلى أن «النهش» المصنوع من رقائق العجين المحشية بالقشطة البلدية هي الاكثر طلبا في رمضان.

أما سوق البزورية في دمشق، وعلى غير عادته باقي أيام السنة، يعرض في واجهة محلاته كل أنواع المجففات من التمور والمشمش والتين، إضافة لأنواع مختلفة من المشروبات، مثل التمر هندي والسوس وماء الورد، وهي مشروبات لا تقدم في الايام العادية.

وقال عبد اللطيف بندقجي (40 عاما) وهو تاجر في البزورية، إن الطلبات تتضاعف ثلاث مرات في رمضان وقبله بأسبوع وأن البهارات والتوابل هي الاكثر مبيعا.

وبدأت الفنادق الكبرى بدمشق تحضيراتها لرمضان بنصب الخيم الدمشقية القديمة في قاعاتها الكبرى، لاضفاء الطابع الدمشقي الذي يحمل عبق الماضي والحاضر المعاصر، حيث يتصل وقت الافطار بوقت السحور.

ومن التقاليد الاخرى للسوريين خلال رمضان، الذهاب إلى المقاهي وتدخين الشيشة والاستماع إلى الحكواتي أو راوي الحكايات.

وفي مقهى «النوفرة»، أشهر مقاهي دمشق وأقدمها على الاطلاق، الذي ما زال محافظا على تراثه يظهر كرسي الحكواتي رشيد الحلاق (أبو شادي) (62 عاما) موضوعا على منصة ليتمكن الحاضرون من مشاهدته والاستمتاع بقصصه التاريخية مثل «عنترة بن شداد».

وقال أبو شادي، الذي يعمل في النوفرة منذ 16 عاما، إن «قصصي في رمضان تختلف عن باقي أيام السنة، حيث أتناول قصصا قصيرة وأمثالا وعبرا، لان الناس لا تتمكن من الحضور بشكل يوميلمتابعة القصص الطويلة».ورغم اضمحلال مهنة المسحراتي وقرب اختفائها، إلا أن المسحراتي أمين موزة (50 عاما)، يعتبر ذلك عمله المحبب وهوايته المفضلة، التي ورثها عن جده، وما زال يمارسها منذ 40 عاما، حيث يخرج من منزله بعد منتصف الليل لايقاظ النيام بعبارته التي تصدح في حارات دمشق القديمة «يا نايم وحد الدايم» «زهر الفول زهر وعا السحور لا تتأخر».