«الملكة».. محاولة لتصوير الحياة الداخلية لملكة انجلترا

وصفه البعض بـ «الفيلم الأفضل والأكثر أهمية حول آل ويندسور»

TT

في مشهد من فيلم ستيفن فريرز الجديد «الملكة» تظهر اليزابيث الثانية وهي تقود سيارة رينج روفر في منتجع العائلة الاسكوتلندي القصي بعد ان وقعت في شراك حديث مزعج مع ابنها الأكبرالأمير تشارلز.

والموضوع هو ديانا أميرة ويلز التي أدى موتها في ذلك الأسبوع الى حالة من الحزن العميق في بريطانيا (لا تشترك فيه العائلة المالكة). وعندما يبدأ تشارلز، المشوش عاطفيا، يهذي بكلمات حول ديانا كأم طيبة مليئة بالحنان والحب فمن الواضح انه يقول شيئا ينم عن الرياء في الواقع.

وعلى نحو مفاجئ تخرج الملكة من سيارتها وتفتح الصندوق الخلفي لتخرج مجموعة من الكلاب المتعطشة الى الحرية.

والموقف متخيل بالطبع (هيلين ميرين تلعب دور الملكة، وأليكس جيننغز يلعب دور تشارلز)، والحوار معد بالكامل ويعكس الموقف الجريء لمخرج الفيلم. والفترة التي يغطيها فيلم «الملكة»، وهي الأسبوع الاستثنائي بعد موت ديانا يوم 31 أغسطس (آب) 1997، هو الوقت الأكثر غرابة في التاريخ البريطاني الحديث. فقد كانت البلاد مصابة بالهستيريا والحكومة والعائلة المالكة تواجهان معركة غير مسبوقة حول كيفية الاستجابة لمواقف الرأي العام وردود أفعاله.

كانت الحشود، التي أثارتها وشجعتها وسائل الإعلام الساخطة، تتحدث بانفعال عن إزالة الملكية. ولكن العائلة نفسها بقيت في عزلتها في ريف اسكوتلندا. والفيلم الذي افتتح مهرجان نيويورك السينمائي في بداية الشهر وعرض في دور السينما بالمدينة بعدئذ، يسرد كيف ان الملكة، التي تواجه تحذيرات رئيس الوزراء المنتخب حديثا توني بلير (يلعب دوره مايكل شين)، تعود الى لندن وتخاطب مواطنيها على الهواء عبر التلفزيون بينما كانت مشاعرها وتنشئتها في موقف مضاد.

إن صناعة فيلم يفترض تصوير الحياة الداخلية لملكة انجلترا يطرح عددا من القضايا الإشكالية وبينها، على سبيل المثال، تصوير زوجها النكد المزاج الأمير فيليب (يلعب دوره جيمس كرومويل) كانسان وليس ككاريكاتور، وكيف يمكن تصوير عيوب اليزابيث ولكن أيضا انسانيتها عندما تكون لديك (كما يفعل المخرج وكاتب السيناريو بيتر مورغان) مواقف ضد الملكية، وكيف يمكن تقديم صورة لعلاقتها مع رئيس الوزراء.

وقال فريرز في مقابلة معه عبر الهاتف «اذا صنعت افلاما حول أناس احياء فانك تشعر على الدوام بالمسؤولية. ومع الملكة فانك لا تتعامل بالمسؤولية تجاهها فحسب، ذلك ان كل شخص ضمن الجمهور لديه مشاعر قوية تجاهها ويعرف الكثير عنها. ولهذا فان عليك ان تكون نزيها».

وقد أثار الفيلم مقالات نقدية في بريطانيا تبدي اطراءها، بل انه حاز على اعجاب باتريك جيبسون، سكرتير ديانا الشخصي السابق، الذي كتب في مجلة «السبكتيتور» يقول انه «قد يكون الفيلم الأفضل والأكثر أهمية حول آل ويندسور».

وتتمتع هيلين ميرين بخبرة في اداء أدوار الملكات الانجليزيات وحصلت على جوائز على ذلك. وقد حقق لها أداؤها في فيلم «الملكة» جائزة أخرى في الشهر الحالي هي جائزة أحسن ممثلة في مهرجان البندقية السينمائي.

وفي كتابة شخصية الملكة قال مورغان انه فكر بأمه، وهي من الجيل ذاته وشبيهة في معتقداتها. فهي انسانة عصامية لا تعرف الشكوى ولا تتحدث عن الألم، وهذه الصفات لا تتوافق مع صفات جيلنا. أما الملكة «فلا تصرخ ولا تندب، وفي النهاية كان هذا هو الذي حقق لي الفوز، على الرغم من كل غرائزي المؤيدة للجمهورية»..

وفضلا عن القراءة، وبينها كتب السير عن العائلة المالكة، ومشاهدة التقارير الإخبارية، أجرى مورغان لقاءات مع الكثير من المطلعين من مختلف المستويات.

وتصور بعض أفضل مشاهد الفيلم التناقضات بين التقاليد الملكية ورئيس الوزراء الذي يلاحق العائلة بالمكالمات الهاتفية الى قصر بالمورال على نحو يثير مزاج زوج الملكة. وقال مورغان ان الفيلم لا يتخذ موقفا تجاه تكتم الملكة القديم الطراز والنزعة العاطفية الحديثة لرئيس الوزراء. وينتهي الفيلم بلقاء بين الملكة ورئيس الوزراء بعد شهرين حيث يناقش الاثنان كيف أن البلاد كانت في تعارض مع الملكة. وتنظر اليزابيث الى بلير محذرة إياه من أن الشيء ذاته سيحدث له يوما ما.

وقال مورغان «كل السير السياسية تنتهي الى اخفاق». ويتعلم بلير، الذي يواجه مصاعب سياسية جمة، هذه الحقيقة في الوقت الحالي. ولكن اليزابيث، البالغة ثمانين عاما من العمر قضت 45 عاما منها وهي تعتلي العرش ملكة، تتقدم مزدهرة.

* خدمة «نيويورك تايمز»