الخيم الرمضانية تغير ليالي القاهرة

اختفى العرقسوس والخروب وحلت محلهما عصائر الكيوي والنسكافيه والكابتشينو

TT

على الرغم من تزايد عدد المقاهي في أحياء القاهرة المختلفة بصورة لافتة للنظر في السنوات الأخيرة وتغير أسمها في الأحياء الراقية من «مقهي» إلي «كافيه»، وعلى الرغم أيضا من طغيان فكرة الخيام الرمضانية على ليالي رمضان والتي نقلها المصريون من بيروت الي القاهرة، إلا أنه يظل لليل القاهرة في رمضان طعم ومذاق آخر يزيد من عشاقها في تلك الفترة من السنة. فمع تغير شكل المقهي وتحوله من مركز للإبداع والثقافة والفن وتدارس أحوال البلاد بين العباد وتغير اسمها من مقهي الي كافيه، اصبحت المقاهي ملتق نحوما يزيد عن نصف شباب القاهرة طوال العام. وفي شهر رمضان يزداد عدد زوار المقاهي لممارسة طقوس الجلوس على المقهي والتي لا تختلف في مجملها عن تدخين الشيشة ومشاهدة القنوات الفضائية عبر شاشات كبيرة وتناول المشروبات المختلفة، مع فارق ان المقاهي الراقية اختفي منها العرقسوس والخروب وحل محلها عصائر الكيوي والنسكافيه والكابتشينو، هذا الي جانب وجود ركن لهواة الالعاب الالكترونية والكومبيوتر. الطريف في رمضان هذا العام أن بعض المقاهي التي أرادت مواجهة المنافسة الشرسة أعلنت عدم عرض أي قنوات غير دينية على شاشتها الكبيرة الموجودة داخل المقهي. واعتمدت في دعاياتها على برامج الدعاة المشهورين وبخاصة برامج الداعية الشاب عمروخالد الذي يلقى رواجا كبيرا بين الشباب. وحددت تلك المقاهي المشاهدة والمشروب بسعر 4 جنيات مصرية. ويبدوإلا أن أحدا لم يعد يهتم الان كما كان في الماضي بالتمتع بجورمضان الذي كان يميز المقاهي الشعبية في هذا الشهر الكريم والتي كان يتوافر بها المطربين الشعبيين وعازفي الآلات الموسيقية المختلفة كما اختفي الراوي صاحب حواديت عنترة والهلالي وعلى بابا.  وعلى الرغم مما آل إليه حال المقهي في السنوات الأخيرة، إلا أن اللافت هذا العام هو محاولة بعض مقاهي الاحياء الراقية العودة الي سمات المقهي القديم سواء من حيث الديكور أو الفقرات التي تقدم فيها أو حتي الاسم الذي تحمله. حيث يحرص أصحاب تلك المقاهي على التمسك بروح الماضي مثل مقهي خان الخليلي في السوق التجاري الذي يحمل اسم سيتي ستارز في منطقة مدينة نصر بالقاهرة.

كما لا يزال مقهي الفيشاوي بعمره الذي تجاوز المائتي عام قابعا في مكانه في حي خان الخليلي بالقاهرة القديمة لمن يبحث عن رمضان القاهرة زمان. الا ان الفيشاوي وبحكم الزمن طرأ عليه الكثير من التغيرات في السنوات الأخيرة فلم يعد يستقطب نجوم الادب والفن. ويقول أحمد، أحد العاملين بقهوة الفيشاوي: «زمان كان الزبائن يعرفون مدى شهرة المقهي ويأتون للجلوس فيه بانتظار رؤية الرموز في كل المجالات، لكن الوضع اختلف الآن على الرغم من حرصنا على تقدبم المشروبات التي اشتهر بها المقهي منذ عشرات السنين، الا أن الزبون تغير وبات لا يشعر بقيمة المقهي حتي في رمضان، فهو فقط يأتي للتمتع بجو الحسين وخان الخليلي وقلما نجد زبونا يعرف قيمة المكان».

في ساحة الحسين تستطيع أن تلمح خيمة كبيرة أقامتها وزارة الأوقاف كعادتها كل عام تقدم فيها تلاوات قرآنية وإنشاد ديني ومعظم المترددين عليها كما يقول المسؤول عنها من أهل الريف والأقاليم وبعض الأحياء الشعبية الذين يستمتعون بما يتم تقديمه فيها.

ومن خيمة الأوقاف الي الخيم الرمضانية التي باتت ظاهرة قاهرية في رمضان في السنوات الخمس الأخيرة، ويتم في كل عام تطوير تلك الفكرة بإضافة بعض المحسنات لها . فعند ظهور فكرة الخيام الرمضانية في القاهرة اقتصرت الفكرة على تقديم الجو الشعبي بشكل راق لأولاد الطبقة الراقية في مصر. فكانت الخيمة التي تقام في وسط بهو أو حديقة أحد الفنادق أو النوادي تقدم لروادها المشروبات الشهيرة في الأحياء الشعبية مع الاستعانة ببعض الفنانين الذين يقدمون الفولكلور أو الموسيقي العربية. ولكن بمرور الوقت ومع اشتداد حمى المنافسة بدأت الخيام في محاولة استقطاب الزبائن من خلال ما يميز كل خيمة عن الأخرى.

فظهرت الخيمة «صديقة البيئة» وهي خيمة لا يقدم فيها الشيشة ولا يسمح فيها بالتدخين. وعلى الجانب الآخر وعندما لاحظ المسؤولون عن تلك الخيام أن معظم روادهم من شباب الطبقة الراقية استعانوا بالمطربين الشباب لإمتاع جمهورهم، وشيئا فشيئا غزا كبار النجوم الخيم الرمضانية التي بات يتحدد سعر الدخول اليها على حسب النجم الذي يحيي لياليها.

ليالي رمضان شهدت تطورا آخر في السنوات الأخيرة وهو اشتراك دار الأوبرا في إحياء تلك الليالي من خلال تنظيم حفلات الموسيقى العربية، هذا الي جانب حفل الفنان محمد منير الذي اعتاد في السنوات الأخيرة إحياء حفلين في حديقة دار الأوبرا، أحدهما في شهر رمضان وثانيهما في ليلة رأس السنة. ويتميز الحفلان بحضور طاغ للشباب الذي تتجاوز أعدادهم العشرة آلاف في كل حفل.