بانوراما عربية في معرض رمضانيات بأتيليه جدة

طغت عليه ملامح الوجوه السمراء.. وجزء من ريعه للبنان

TT

لن يتردد الزائر لمعرض رمضانيات، المقام للسنة الخامسة في أتيليه جدة حاليا ويستمر حتى نهاية شهر رمضان، في الوقوف للحظات قد تطول في الحوار مع صخب الألوان وهدوئها في بعض اللوحات والأعمال التشكيلية التي ضمها المعرض الجماعي، وتعود لعدد كبير من الفنانين التشكيليين العرب والسعوديين من مختلف المدارس الفنية والأجيال والاتجاهات الفكرية.

والوجوه بسمرتها وأحيانا بملامحها الغائبة كانت أكثر حضورا بين الأعمال المختلفة التوجه التي تجاوز عددها 100 لوحة، فقد كانت أكثر ما تجتذب العيون الجائلة بين اللوحات، لتدخل معها في حالة تأمل فضفاض، وبحث في الذاكرة عن حقيقة الشخصية الماثلة أمامها سواء كان ذلك بين أرصفة الشوارع، أو جنبات الأزقة أو ربما في بيوت الجيران بالحارة العتيقة.

ولعل وجه المرأة السمراء المرتدية ثوبها الأحمر وتغرق ملامحها في حيرة التيه التي جسدتها الفنانة رانيا الأعسر بريشتها كانت الأكثر قربا لتلك الحقيقة الإنسانية التي حاولت الفنانة تصويرها في كل امرأة تأخذها الذكرى الحانية أو فكرة حاضرة إلى عالم من التفكير والحيرة، فلا ترتاح حتى تصل إلى قرارها الذي لا تعود منه وهي نادمة. ولم يكن هذا الوجه الأسمر هو الوحيد بين اللوحات، فقد رصدت الفنانة نوف بيضون في أربع لوحات ملامح امرأة حزينة تشعر بالتيه. فيما فضل عبده عريشي في لوحته أن تغيب ملامح شخوصه تماما ولا تبقي سوى حركتها البطيئة التي أوحت بها الألوان، غير أن فنانين آخرين جعلوا من ملامح الألم والحزن أساسا لانطلاق ضوء الألوان من الوجوه التي ملأت لوحاتهم، وكأنها ترسم طريقها بدون مبالاة.

وفي ظلّ حضور الوجوه الإنسانية المتباينة بين الفرح والحزن والبؤس والتعب، مكتفية بالصمت مقابل حوار الزوار معها بين أروقة المعرض، كان للفن حضوره بتوجهه الروحاني الديني من خلال اللوحات التي جسدت المآذن والمساجد وهلال رمضان ورموزاً إسلامية، لتتناغم مع روحانية الشهر الكريم الذي أقيم المعرض نسبة إليه.

وقد رعت افتتاح المعرض، الأميرة مشاعل بنت فيصل بن تركي آل سعود، التي وجدته ثريا، لأنه يقدم بانوراما فنية عربية امتزجت فيما بينها المدارس والتوجهات الفنية العربية المختلفة، حيث شاركت فيه نخب من الفنانين العرب؛ منهم الفنان الدكتور فرغلي عبد الحفيظ وابنته رانيا، والفنانة والناقدة نجوى العشري المشرفة على صفحة الفن التشكيلي بجريدة «الأهرام» المصرية، والدكتور عبد الرازق عكاشة المقيم في باريس، والناقد السوري عبود السلمان والعراقي صادق طعمة والمغربي محمد الشهدي وغيرهم إلى أجانب أسماء فنية سعودية لها حضورها في الساحة التشكيلية كأعمال الراحل البروفسور عبد الحليم رضوى.

والأميرة مشاعل الفيصل شجعها على افتتاح المعرض، وفي رمضان بالذات، كما تقول «إن جزءاً من ريعه سيعود للأشقاء في لبنان الحبيب»، مشيدة بثرائه في إعطاء الرؤية التشكيلية، واضافت «ان يضم المعرض أعمالاً لفنانين لهم مكانتهم الراسخة بجوار أعمال آخرين ما زالوا يشقون طريقهم الفني شيء عظيم، ولذا ينبغي على الجيل الجديد التبصر في أعمال الكبار والاستفادة من خبراتهم القوية». واشارت إلى أهمية أن تتوجه المؤسسات والشركات التي تعتني بالتوجه الفني في تصميماتها إلى الاستفادة من الطاقة الفنية لدى الموهوبين من الجيل الجديد والاستعانة بهم، لدعمهم والأخذ بأيديهم، فيما أوضح هشام قنديل مدير أتيليه جدة للفنون الجميلة أن المعرض رغم تسميته برمضانيات إلا أنه ترك حرية الموضوع لكل فنان مشارك به لتعطي المعرض الثراء الذي وجده زواره، مشيرا إلى أن الأتيليه أراد أيضا أن يعطي الفرصة لبعض المواهب الواعدة بجانب نجوم التشكيل السعودي والعربي، إلا أن ذلك بإشراف لجنة فنية أوكل لها الاختيار.