المطرب عبد الوهاب الدكالي يسقط في فخ الكوميديا الرمضانية

مسلسل «لا باس والو باس» المغربي صورة غير واقعية عن العائلات المهاجرة

TT

يعم شعور في الوسط الفني، بأنه كان من الأفيد للمطرب عبد الوهاب الدكالي، الذي يحمل لقب عميد الأغنية المغربية، ان يتفرغ لألحانه وأغانيه، ويطلق العنان لمخيلته الإبداعية من أجل تقديم أغنية جميلة تضاف الى سجل غنائه الحافل بالروائع، بدل ان يتسلل الى استوديو التصوير، ليقف امام كاميرا المخرج حسن غنجة، ضيفا على سلسلة تلفزيونية فكاهية بعنوان «لا باس والو باس»، وهي من صنف الأعمال الكوميدية، التي يتفق كثير من النقاد على أنها «ضعيفة المستوى»، يسلطها التلفزيون المغربي بقناتيه على مشاهديه يوميا خلال شهر رمضان من كل عام.

الدكالي بطل السلسلة المذكورة، اسند له المخرج دور الأب، الذي يعود وعائلته من المهجر الى ارض الوطن، ونتقاسم معه مغامراته ومشاكله اليومية مع ابنة ملتزمة بالنضال النسائي، وابن يهوى ممارسة المسرح، وأخ مسن له حنين لسنوات انتظامه في الجيش، وخادمة مهوسة بالبحث عن زوج. هذا هو ملخص السلسلة كما تعرضها القناة. وحسب النتيجة الظاهرة على الشاشة، فالممثلون يأتون الى الأستوديو، لتصوير حلقات منفصلة، كل حلقة تتحدث عن فكرة ما بغرض تحريك الممثلين امام الكاميرا، بدعوى تشخيص الأدوار وترديد الحوار، لإنتاج مشاهد «ممطوطة» ومملة، لا يسمع منها سوى الصراخ.

ويقدم المسلسل ايضا صورة غير واقعية عن العائلات المغربية المهاجرة، التي تصورها الأعمال التلفزيونية المغربية في الغالب على انها شخصيات غريبة تعاني من خلل نفسي وارتباك سلوكي.

ووسط هذه الأجواء، التي يرى اصحابها انها مليئة بالفكاهة والضحك، وقف الدكالي كالشارد خارج السياق، لا هو اندمج مع تلك الأجواء، التي قبل طواعية المشاركة فيها، ولا هو تقمص دور الأب الذي اسند اليه، بل يشعر المشاهد، وكأن الدكالي «ضيف شرف» اطال المكوث في الاستوديو، مدة 30 حلقة، بسبب أدائه الميكانيكي، الذي لم يستطع عبره من التخلص من شخصية الدكالي المطرب، الذي ظل يحافظ على مسافة واسعة بينه وبين جمهوره، الذي لا يتواصل معه الا من خلال حفلاته واغانيه التي يؤديها على المسرح.

وقد علل المخرج اختياره للدكالي بغياب الممثلين المغاربة، الذين يلعبون دور الأب، وهو تعليل بدا غريبا. ولكن السؤال الدائر هنا وهناك تمحور حول: لماذا سقط الدكالي في فخ المخرج الذي يبدو انه اراد ان يسوق منتوجه للمشاهدين المغاربة من خلال «علامة تجارية» معروفة وناجحة، لكنها في ميدان آخر هو الغناء، وليس التمثيل. ويذكر أن الدكالي مثل في عدد من الافلام السينمائية المغربية، واشتغل مدة قصيرة في المسرح، لكن ذلك تم في بداية الستينات، وهي تجربة، وإن كررها بحضور عابر في بعض الافلام بعد ذلك، فإن ادواره السينمائية لم تعش في ذاكرة جمهوره كما عاشت أغانيه، مثل «كان يا ما كان»، و«مرسول الحب»، و«ما أنا إلا بشر»، و«سوق البشرية»، و«اغار عليك» وغيرها من الروائع. يذكر ان سلسلة «لا باس والو باس»، التي يوحي عنوانها باستعارة مغربية من عنوان المسلسل السعودي الشهير «طاش ما طاش»، شارك فيها ممثلون اخرون معروفون منهم: مليكة العماري وامينة رشيد ومحمد الحبشي ومصطفى الاطراسي.