نساء أوروبا الشرقية يحملن أطفال الغربيات من أجل حفنة من الدولارات

وصفات النساء المفضلة هي أن تكون شقراء وعيناها زرقاوين وطويلة وجميلة

TT

في ألمانيا المتشددة سابقا كانت النساء الألمانيات يسافرن إلى هولندا والدنمارك بغية اجهاض حمل غير مرغوب به، لكنهن يتوجهن هذه الأيام إلى بلدان أوروبا الشرقية بحثا عن نساء يرضين بحمل الأجنة لهن مقابل حفنة من الدولارات.

والظاهر أن الصعوبات القانونية والمالية والاخلاقية التي تواجهها المرأة العاقر في أوروبا الغربية، والراغبة بالحصول على طفل عن طريق امرأة متبرعة تحمل الجنين عنها صارت تدفع المرأة للبحث عن بدائل أرخص في اوكرانيا وتشيكيا وروسيا. وبالطبع فقد «انتفخ» بطن هذه الظاهرة إلى حد نشوء قطاع واسع من النساء الشرقيات اللاتي يبدين استعدادهن لحمل الأجنة عن غيرهن لقاء المال. ومع وجود تلكم النسوة الفقيرات نشأ قطاع كامل من المستوصفات والعيادات التي توفر الخدمات للراغبات، من الطرفين، ونشأت معها الصفحات الإلكترونية التي توفر الصلات بين نساء أوروبا الغربية والنساء الشرقيات. وهكذا تقدم الغربية وزوجها المني والبويضات اللازمة للعلمية مع المال، وتتولى المؤسسات الشرقية شراء البيضة المناسبة لها ومن ثم ايجاد المتبرعة بالحمل.

ولأن الألمان والنمساويين وغيرهم من الشعوب الغربية هم من الشعوب المحبة للسياحة، فقد نشأ إلى جانب قطاع الإخصاب الخارجي قطاع «السياحة الإنجابية» الذي يتولى تحويل عملية البحث عن حامل متبرعة إلى رحلة سياحية في موسكو وسانت بيترسبورغ وكييف وبراغ. وتوفر هذه الشركات (في صفقة واحدة) تذكرة الطيران وكلفة عملية الإخصاب الخارجي، وكلفة حمل المرأة المتنبرعة، إضافة إلى الجولات السياحية في المدن ومسرح البولشوي ومتحف براغ وساحل البحر الأسود. وللعلم فإن شراء بويضات النساء والحمل مقابل المال غير مقبولين في ألمانيا، كما أن كلفة العمليات المجازة منها تعادل 5 أضعاف كلفتها في بلدان الكتلة الشرقية السابقة.

ورغم تعتيم دول أوروبا على هذه «التجارة» الجديدة، فإن انترسونو الاوكرانية تتحدث عن 19 عيادة عالية التخصص في بلادها توفر الخدمات الطبية للحمل الخارجي، و17 عيادة في تشيكيا و41 عيادة في بولندا. وتوفر هذه العيادات خدماتها للنساء الغربيات لقاء 5 آلاف دولار من ضمنها مكافأة المرأة المتبرعة التي تتلقى ما بين 10 ـ 20 ألف دولار عادة.

وازدهرت مع تجارة بيع البويضات في أوروبا الشرقية عمليات العلاج الهرموني التي ترفع إمكانية النساء على توليد البويضات، وهي عمليات مشكوك بمضاعفاتها الطبية. وتقدم النساء الشرقيات بيوضهن، وهن من أعمار 20 ـ 32 لقاء 300 دولار للبيضة السليمة الواحدة، لكن سعر البويضة في السوق السوداء يرتفع إلى 4000 ـ 5000 دولار. والمشكلة أن هذه النسوة يوفرن خدماتهن الطوعية بدون حساب لكلفة المضاعفات الناجمة عن العلاج الهرموني أو مخاطر الحمل التي تمتد بين النزف وموت الجنين (انتهاء العقد) والعمليات القيصرية. وتحتسب النساء أحيانا مبالغ إضافية لقاء الحمل الصعب والعمليات القيصرية. ولأن الحمل بالتوائم مرغوب بالنسبة للنساء الغربيات الراغبات بالحصول على أكثر من عصفور بحجر واحد، فقد صار أطباء أوروبا الشرقية يتفننون بطرق تحسين نسب الأجنة التوأم. وحسب معطيات عيادة «ايسيدا»، في ضواحي كييف التي يعمل فيها 350 فردا، فإن التوائم شكلوا 12 من 20 عملية إخصاب خارجي في الفترة الأخيرة. وتنجح العيادة سنويا بانجاب 700 طفل تم حملهم من قبل أمهات متبرعات من خارج وداخل اوكرانيا. ورغم عدم وجود إحصائية رسمية فان رئيسة العيادة اوليانا موروش قدرت عدد الامهات الاوكرانيات المتبرعات بالحمل لنساء غربيات بنحو 150 امرأة سنويا.

وهناك صفحة على الإنترنت اسمها «الحق في الحياة» تنشر صور ومواصفات نساء متبرعات للإخصاب الخارجي. كما تبحث الصفحة عن مزيد من المتبرعات من سن 20 ـ 30 سنة مقابل 3500 دولار. ومن صفات النساء المفضلة هي أن تكون شقراء، وذات عينين زرقاوين، وطويلة وجميلة. وطبيعي فإن «الخطأ» غير مرجوع للطرفين، لأنه سيجري حرمان الأم المتبرعة من المكافأة لو أنها أخفت اصابتها بالأمراض وخصوصا الايدز والتهاب الكبد الفيروسي.

وقدر الدكتور كلاوس بوهلر، من عيادة الغربة في الحمل في هانوفر، حاجة ألمانيا«رسميا» إلى 500 ـ 1000 بيضة لسد حاجة العقيمات الألمانيات، إلا أن اوكرانيا لوحدها تسد حاجة السوق على المستوى العالمي من خلال توزيع عدة آلاف بويضة سنويا. وذكر بوهلر لمجلة «الطبيب الألماني» إن إحدى النساء تحدثت له عن كيفية «فبركة» الولادة. فقد تظاهرت المرأة الألمانية بالحمل أمام الجيران فترة خمسة أشهر، ثم انتقلت في إجازة إلى اسبانيا، سافرت بعدها إلى أوكرانيا وعادت بالطفل إلى ألمانيا وكأنها قد ولدت في الخارج. وتصرفت المرأة الأوكرانية بنفس الطريقة، إذ اختفت قبل أن يظهر انتفاخ بطنها «في إجازة» إلى شقة في مدينة صغيرة وعادت إلى كييف بعد تسليم الطفل.