تكنولوجيا «الهاي فاي» أسلوب جديد لإعادة اهتمام المشاهد بالمسلسلات

مسلسل «أضواء مرشدة» الأميركي يجد ضالته في «البود كاست»

TT

كادت اوليفيا أن تدفع آفا من شرفة البيت خلال معركة بينهما. يحاول ألان أن يبرهن أن زواج جوناثان بليزي ليس سوى مهزلة. وأخذ الشرطيان دينا لاستجوابها حول الحريق الذي اندلع في فندق بيكون لكن بغياب أي دليل مادي عن وقوع حريق متعمد للمبنى اضطرا إلى إطلاق سراحها.

كان شهرا بطيئا بالنسبة لمسلسل «اضواء مرشدة»، اطول مسلسل تلفزيوني ينتمي إلى صنف الدراما العاطفية (سوب اوبرا)، عند مقارنته بما كان عليه قبل سنوات، حينما كانت الشخصية تسافر إلى الماضي ثم تفقد بصرها وتسترجعه ويتم استنساخها. ولم يكن ما ميز الأحداث الأخيرة عن سابقاتها الرسالة التي تتضمنها والمتمثلة بإبقاء زوجتك السابقة أقرب إليك، وليس هناك من يموت تماما، والأب ليس هو الزوج، ما تغير هنا هو ساعي البريد.

وبشكل أكثر تحديدا التغيير حدث بجلب جانيت موريسون، 25 سنة، من مشيغان كي تصبح دليلا على الإنترنت لما يجري من نميمة بين أبطال مسلسل «اضواء مرشدة». فهو عملها أن تأخذ كل حلقة من العرض التلفزيوني بعد إزاحة الإعلانات عنها ثم لصقها على الويب بالصوت فقط. (يمكن تخزين الحلقة على iTunes و CBS.com). كذلك تقدم جانيت ملخصا عن الأحداث وخلال العرض تظهر لفترة قصيرة كي تخبر المستمعين أين تم تصوير المشهد.

تقول جانيت موريسون في أحد تعليقاتها: سابقا اعترفت دينا في مسلسل «اضواء مرشدة» لهارلي بأنها عملت مع ألان مايكل من أجل الإطاحة به في سباولدينغ. وليزي كانت مصممة على إبقاء اسم والد طفلها سريا. أما ريفا فلم تكشف لجوش عن علاجها الكيماوي. ووجد جوناثان نفسه في مأزق مرة أخرى حينما اتضح أن أشلي هي ابنة دي. أي وقرر الاخير رفع شكوى قضائية أخرى ضده.

وتضيف جانيت موريسون «كنت متخوفة من هذا العمل. والآن الأمور ماشية». كانت جالسة في مكتبها ذات صباح أمام شاشة كومبيوتر كبيرة مع ميكروفون باليد ومستعدة لتسجيل مواد تغطي أسبوعا من التقديمات والتنقلات. قللت من جرس هاتفها ثم بدأت تهيئ حنجرتها. «إنها قائمة طويلة»، قالت وهي تنظر إلى ورقة صفراء حيث كتبت فوقها سطرا يسرد حكاية.

نحن كنا في مكاتب «اضواء مرشدة» بمبنى محطة «سي بي إس»، أي في احد الطوابق فوق المكان الذي يتم فيه تصوير مشهد المسلسل. وهناك نسخ من «سوب أوبرا دايجست» على طاولة القهوة مع رجلين هادئين جالسين على أريكة، ويبدو أن التدريب يجري هنا. وجعلت الأروقة والغرف الصغيرة تجعل المكان يشبه شركة أميركية عادية، لكن العمل هنا هو مختلف عن غيره تماما. إنه المكان الذي تم تصوير تلك المشاهد المعذبة والصدمات العاطفية التي ظل هذا المسلسل ينقلها.

إنه عالم بارد، ومن المؤسف لمبدعي المسلسل أن يكون عدد قليل من المتفرجين مهتمين به، اذ وصل عدد المشاهدين الى اقل من نصف عددهم في عام 1994. فمثل كل المسلسلات العاطفية الميلودرامية وصل «اضواء مرشدة» إلى آخر الطريق حيث تم تصوير الحلقة الـ 15 الف قبل أسابيع قليلة.

وبلغت قمة المتابعين لهذا المسلسل خلال فترة الثمانينات من القرن الماضي حينما كان ملايين من طلاب الثانوية يتابعون ما يقوم به لوك ولورا في «المستشفى العام».

ويعود سبب تقلص جمهور هذا المسلسل إلى أسباب عديدة منها تنامي برامج الكابل وزيادة عدد النساء اللواتي يذهبن إلى العمل حاليا عما كان عليه قبل 20 عاما.

ومثل أي بطلة في مسلسل ميلودرامي عاطفي مع مشكلة بدأ «اضواء مرشدة» بالقتال من أجل البقاء. وتعود فكرة استخدام الـ «بود كاست» إلى الين ويلر وهي فنانة سابقة في هذا النمط من المسلسلات وهي الآن منتجة تنفيذية لمسلسل «اضواء مرشدة». وهي حلمت بهذه الفكرة حينما لاحظ زوجها الذي يبقى عادة في البيت إنه قادر على مواصلة العرض أثناء تنظيفه للبيت في حالة إذا تمكن من إبقاء صوت التلفزيون خفيفا.

لم تكن هذه اول محاولة لـ«اضواء مرشدة» للمواكبة الرقمية. كتب في الحبكة عنوان لموقع معروف بنشر القصص التي تركز على النميمة، ومؤسس هذا الموقع مصدر لتكهنات مستمرة وسط شخصيات «اضواء مرشدة». ظلت تظهر على الموقع صور مثيرة للحرج والضيق ذات صلة بموقع يحمل اسم «بسبرينغفيلدبيرنز.نوم». التغيير الذي حدث هنا هو ان معجبي «اضواء مرشدة» عندما يكتبون «سبرينغفيليدبيرنز دوت كوم» في متصفحاتهم إنما يزورون الموقع الذي أثار ضيق وتبرم شخصيات العرض. «الاسرة اولا؟»، قال احد العناوين الرئيسية التي ظهرت على الموقع «سبرينغفيلدبيرنز دوت كوم. والذي ظهر العنوان بلهب يتصاعد من خلف رأس واحدة من الشخصيات.

يبث حاليا ايضا مسلسل As the World Turns الدرامي بنفس فكرة الـ «بوت كاست». والسؤال هو هل تنجح هذه المشاريع العالية التقنية في اجتذاب مشاهدين؟

تقول باربرا بلوم، مسؤولة البرمجة خلال ساعات اليوم في «سي بي اس» ان المواد التي يجري تنزيلها يوميا يقوم بها عشرات الآلاف من الأشخاص، إلا ان «اضواء مرشدة» يظل قبل الأخير فيما يتعلق بتقييم مستوى المسلسلات التلفزيونية.

وتضيف موريسون ان هناك بعض الاسئلة من على مواقع الجمهور مثل «صوت من هذا؟»، لكنها اشارت الى ان الشخص الوحيد الذي سمعت منه حول البرنامج هو والدها. من المحتمل ان ترتفع اسهمها اذا عرّفت نفسها في نقطة ما خلال السرد. إلا ان العبرة ليست في جعل موريسون مشهورة، وإنما الغرض هو عرض وسيلة محافظة على شبكة الإنترنت.

جرى تسجيل «اضواء مرشدة» في استوديو يضطر مديره للصراخ في وجه الآخرين مطالبا اياهم بالصمت مع بداية كل مشهد. كما ان المشاهد يخرج بانطباع يتلخص فيه ان العمل في مسلسل لا يعدو ان يكون وظيفة. يبدو الأمر غريبا لأي شخص من الخارج، إلا ان الكل هنا يبدو وكأنه يعمل براتب شهري في مشروع اميركي تقليدي لبيع منتج محدد. وتصادف ان يكون هذا المنتج قصة لا نهاية لها.

* خدمة «واشنطن بوست» ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»