«المتحف البغدادي» شاهد يوثق الحياة العراقية

ينتظر انتهاء الترميمات ليعاود فتح أبوابه

TT

بغداد ـ أ.ف. ب: يعكس «المتحف البغدادي» بمعروضاته مشاهد من الحياة العراقية وطقوس حياة العائلات وجوانب الحياة اليومية بداية من القرن الماضي، وبات يضم حاليا 88 مشهدا بعد ان بدأ بـ 44 مشهدا مستوحاة من بغداد القديمة.

هناك اعمال في «فن التركيب»، احدها يظهر غرفة لمزاولة الأعمال الرياضية العراقية التقليدية، وآخر يبين ازقة حارات بغداد «الزقاق»، وثالث يبين بائع مسابح في دكان، وفي «قاعة الزقاق البغدادي» مشاهد لمنازل قديمة وطراز بنائها البسيط. كما تظهر في قاعة «السوق البغدادي» محلات بيع متنوعة، فهناك محلات بيع التبغ وأخرى خاصة بالصفارين (الحفر على النحاس) ولمن يمتهن صناعة الحلويات ويطلق عليه «الشكرجي» والبقالة والعطارة ودكان الحلاق وغيرها.

ويضم المتحف مكتبة كبيرة تحتوي على 4830 كتابا حول اساليب الحياة في المدينة قديما وحديثا والعادات والتقاليد التي اشتهرت بها الاسر البغدادية وستوضع هذه المكتبة تحت تصرف الباحثين والمهتمين بالشوؤن التاريخية. كما شهد المتحف تصوير العديد من الاعمال السينمائية والتلفزيونية.

وتعمد المسؤولون عن المتحف ان يكون تمثال الشاعر الملا عبود الكرخي مرتديا زيه الشعبي وممسكا بإحدى قصائده في مقدمة مستقبلي الزائرين اذ يقف تمثاله خلف باب خشبي جلب منزله في جانب الكرخ (غرب دجلة) اثناء هدم المنازل القديمة. وعرف الكرخي بقصائده المناهضة للبريطانيين خلال احتلال العراق القرن الماضي.

وقال مدير المتحف الفنان التشكيلي علاء الشبلي ان «المتحف يخضع الان الى المرحلة الثالثة من اعمال التطوير لإعادة افتتاحه مجددا».

ويأمل المشرفون على المتحف الذي اغلق قبيل الغزو الاميركي اعادة افتتاحه امام الزائرين بعد الانتهاء من مراحل ترميمه لكنهم ينتظرون ان تسمح الاوضاع الامنية بذلك.

وأضاف الشبلي «تضمنت اعمال المرحلتين اللتين انجزتا خلال العامين الماضيين اضافة قاعتين جديدتين للعرض الاولى اطلق عليها (زقاق بغدادي قديم) والثانية (سوق بغدادي)». وتابع الشبلي، 63 عاما، ان «التطوير يتمثل بإضافة مشاهد لحرفيين وأصحاب مهن من سكان بغداد القديمة».

ويتولى عدد من الفنانين العاملين في المتحف اعمال الصيانة والتأهيل. ويقول الفنان جاسم محمد، (38 عاما) «نقوم عادة برسم خلفيات مكان المشهد، وتضيف هذه الرسوم واقعية على طبيعة المشاهد الحياتية وتمنح تلك التماثيل عمقا ودلالة تجعل المشاهد وكأنه يقف فعلا في احد المحلات البغدادية القديمة». ويضيف «تقدم امانة بغداد دعما لإنجاز أعمال التطوير نظرا لما يحتويه من موروث شعبي كبير يفتخر به سكان بغداد». ويعمل في الرسم اخصائيون بينهم الفنانة طقى صلاح، 26 عاما، والفنان نبيل سعدون، 38 عاما، الى جانب عدد آخر من العاملين في مجال النحت وفن المكياج وكذلك الخياطة والازياء ومختصون بالديكور.

وذكر الشبلي ان «نوعا من الحماية تأمن للمتحف اثناء العمليات العسكرية التي تعرضت لها البلاد عام 2003 باستثناء احدى القاعات المخصصة لعرض هدايا مقدمة من قبل مواطنين كالميداليات التي تمت سرقتها». واضاف «تمكنا من شراء تلك القطع والميداليات من اسواق بغداد وجمعناها مرة اخرى لعرضها في المتحف الذي نأمل افتتاحه بعد استقرار الاوضاع الامنية، لان مكانه الان لا يشجعنا على افتتاحه».

ومن المفارقات اللافتة ان ادارة المتحف كانت تعمد الى اقفاله بوجه الزائرين الذين كانوا يتوافدون عليه خارج الاوقات المحددة في وقت تخشى فيه الادارة الآن من افتتاحه حماية لموجوداته.

يشار الى ان المتحف التابع لأمانة بغداد والذي يقع وسط شارع الرشيد اشهر شوارع العاصمة، وعلى مقربة من منطقة باب المعظم افتتح مطلع عام 1970. ومن ابرز جوانب المتحف البغدادي قاعة المقهى القديم التي تحتل مساحة كبيرة من اروقته وتشكل جزءا مهما يلفت انظار الزائرين فالمقهى ناد شعبي يجمع رجال المحلة او ارباب المهن والمصالح التجارية. ويعود اول مقهى في بغداد القديمة للعام 1590، لكن المقاهي الصغيرة بدأت بالظهور عام 1834 ويضفي الحكواتي متعة على المكان بقصصه ونوادره. وهناك قاعة كبيرة يطلق عليها «الديوان خانة» اي المكان الذي تستقبل فيه الاسر البغدادية ضيوفها، وهي عبارة عن أرائك خشبية تغطيها منسوجات شعبية من البسط والسجاد القديم المصنوع يدويا ويمنع الاطفال من دخولها. واضطرت ادارة المتحف الى نقل قاعة تمثل مشهد لعبة يمارسها رجال يمسكون بعصي غليظة الى اخر قاعات العرض بعد ان كانت في مقدمة المتحف لان التماثيل كانت تثير الرعب في الاطفال الذين تضطر عائلاهم لمغادرة المكان قبل اتمام الزيارة.