السبح عبادة وزينة وديكور وهدايا من أنفس الأحجار وأغلاها

بعضها يُصنع من مواد خام أغلى من الذهب حسب الطلب

TT

كانت السبحة قديما تشكل مظهرا من مظاهر التقوى ولا يحملها إلا كبار السن، ولكنها فيما بعد تحولت إلى تقليد وأصبحت لها مهام أخرى متعددة، وتوجد الآن السبح بين أيدي الشباب والكبار والنساء على مختلف مستوياتهم.

ولأن أنواع السبح كثيرة، تختلف قيمتها المادية حسب المادة المصنوعة منها فترتفع أسعارها عندما تصنع مثلا من حجر العقيق أو الفيروز أو الكهرمان وتنخفض عندما تصنع من الخشب أو البلاستيك. وكان الفقراء فيما مضى يصنعونها من بذور الزيتون أو من نوى التمر.

وأصبحت السبح الآن من الكماليات المهمة، فهناك من يهوى اقتناء الأحجار النفيسة التي تصنع منها السبح والبعض يفضل بعض الألوان التي ينجذب إليها حتى انه يكمل بها ألوان ملابسه.‏ وانتقلت أيضا السبح كزينة وديكور بأحجام وألوان مختلفة تعلق على الجدران وتصنع منها أيضا عقود الزينة النسائية، والغالي والنادر منها يقدم كهدايا في مختلف المناسبات.

وتنقسم السبح إلى أنواع عدة تختلف باختلاف مصادرها، فمنها ما هو من الشجر أو البحر أو الحجر، وتنقسم إلى ثلاثة أقسام من حيث العدد إلى 100، أو 99، أو 66، أو 33 حبة.

طارق الحريري من هواة اقتناء السبح والأحجار النادرة، يقول «بدأت هوايتي منذ كنت في المرحلة المتوسطة حيث كانت تستهويني الألوان الجميلة لهذه الأحجار والفصوص والقصص التي كانت تنسج حول خصائصها، وكنت أتساءل دائما عن مصدرها، وبعد ذلك بدأت هوايتي تزداد أكثر فأكثر واقتني كل ما هو نفيس ونادر».

ويضيف الحريري «السبح عالم جميل من الفصوص والأحجار النادرة، فكان في السابق سبح الكهرمان ونور الصباح واليسر هو الأغلى ثمنا والكهرمان أنواع منه الأصفر والأبيض المصفر، ومن أجود أنواعه المائل للسواد بحمرة وهو قليل ونادر، وهو عبارة عن عصارة صمغية من الأشجار يعلو ثمنها إن كان بداخلها حشرات مما علق فيها وأصبح منها الآن التقليد المطبوخ ويأتي داخله برقائق الألمنيوم والقصدير ويعاد تشكيله مرة أخرى، ومن خصائصه عند فركه في اليد تظهر منه رائحة مثل رائحة اللبان».

ويوضح أن السبح المصنوعة من نور الصباح، وهي عبارة عن أحجار صمغية فيها خصائص فوسفورية تضيء في الأماكن المظلمة ولا تأتي إلا 33 حبة، والمتوفر منه في الأسواق الآن أغلبه صناعي.

ويعتبر اليسر الذي تصنع منه سبح اليسر أنه من شجر من قاع البحر وهو اسود اللون ويجب أن يطعم بالفضة أو تفصل حبوبه بالمرجان. ومن عجائب هذه السبحة، فإن الحبة تلد حبة أخرى إلا إذا طعمت بالفضة أو فصل بينهم بالمرجان مع أن الكثير يعتقد بأنه فقط للزينة، وهناك النوع القديم من اليسر يأتي بربطة أو عقدة مكاوية نسبة إلى البلد التي تعمل فيه.

وأضاف الحريري أن سبح الكوك كانت من النادر ومتربعة على عرش السبح لغلاء ثمنها وعدم وجوده وندرته، وهو عبارة عن حجر من قاع البحر لونه بني وكلما ازداد غمقا كان أغلى ثمنا. ومن أغلى أنواعه الكوك التركي، الذي كان يصل سعر السبحة منه إلى ألفي ريال والآن مع غزو الكوك المصري وكثرته في الأسواق وصل سعر السبحة إلى 150 ريالا وهو فاتح اللون ومنه المفرغ والمطعم بالفضة وتصنع منه أطقم الكباكات والأزرار والخواتم. وبين أن من وسائل غشه يوضع الكوك في زيت النارجين حتى يميل للغمق ولكنها طريقة غير مجدية وتستطيع العين الخبيرة أن تفرق بينه وبين الكوك الأصلي، ويوجد حاليا في الأسواق الكوك المقلد وتباع السبحة بخمسة وعشرة ريالات، وهي عبارة عن بلاستيك بنفس الألوان ويقال إن عصا سيدنا موسى عليه السلام كانت مصنوعة من الكوك. أما بالنسبة للفيروز ينقسم إلى عدة أقسام منه الفيروز الإيراني وينقسم الى قسمين نيسابوري وحسيني، وأغلاهما الحسيني وهو الذي يأتي لونه ازرق مخضرا، وتتضح أسفله عروق الحجر الفيروز الاسناوي وهو من سينا في مصر، ويقال عنه انه يقي من العين.

سبح العاج يأتي لونها ابيض مائلا للصفرة وبه شقوق وتباع أحيانا بالقطعة وأحيانا بالغرام، ومنه ما يكون مطعما بالفضة أو الذهب. ومع تحريم صيد الحيوانات ذات الأنياب أصبحت قليلة ونادرة وحلت محلها السبح المصنوعة من العظم ولون هذه السبح ابيض، وأيضا هناك العاج الأسود المصنوع من قرون الوعول.

أما سيد الأحجار الكريمة (العقيق) فيمتاز بأشكال كثيرة منها العقيق اليماني والإيراني والسليماني والجزع والشجري. وأفضل أنواع العقيق هو العقيق اليماني (الكبدي)، وهو الأحمر القاني الصافي مثل لون الكبد تماما وقد يصل سعر الغرام الى 90 ريالا وهو يعد أغلى من الذهب ولا تصنع منه السبح لأنه مكلف للغاية وقد تصنع منه الخواتم وبقية أنواع العقيق لا تصنع منه السبح إلا بالطلب. وهناك السبح المصنوعة من خشب شجر الأبنوس المسمى «الالوب» وايضا سبح تصنع من بذور الزيتون والصندل والخشب العادي ونوى التمر. ومن السبح المشهورة خصوصا في إيران سبح «البن زهير»، وهي خضراء اللون بنفس لون اليمون، وكلما زادت الحبة صفاء زاد السعر وتربط بخيط اخضر. وتأتي الحبة متدرجة من الصغير إلى الكبير حيث تتوالى في الكبر إلى أن تصل إلى اكبر حبة ولا يوجد بها عداد ولا وقاف. مكونات السبحة: الإمام وهو رأس السبحة، والشاهدان بعد الـ 33، والوقاف تستخدم عند عدد معين أثناء التسبيح، والكتلة هي التي تأتي على رأس الإمام وتكون بالفضة أو الربطة وتسمى الربطة الاتكرونية. ويقوم بعمل هذه الربطة أشخاص معينون وهي ربطة قوية جدا لا تقطع إلا بمقص أو سكين. والعداد عبارة عن قطعة خيط ممتدة من السبحة بها عشر حبات صغيرة.