جراثيم السياسة وموسم مصافحة الأيادي

السوائل المعقمة أصبحت من لوازم الشخصيات العامة

TT

الحملات الانتخابية قذرة. ليس فقط في اطار الألاعيب والخدع الدنيئة في اللحظة الأخيرة، وانما أيضا في اطار الجراثيم والطفيليات والأضرار البكتيرية التي تنتشر عبر الكثير من المصافحات بالأيادي وعناق الأجساد.

وقالت أنّا ريون، زوجة النائب الجمهوري من كانساس جيم ريون، انه «لا يمكنك أن تصل على الدوام الى مغسلة لغسل يديك». والأيادي هي الأجزاء التي يمكن ان تنقل المرض المعدي.

وشأن كثير من الناس المعنيين بالسياسة في هذه الأيام اصبحت ريون مهوسة بخصوص استخدام مواد تعقيم اليد وضمان استخدام الآخرين لها. وقد بخت معقم اليد الموسوم «بوريل» المعروف بأنه يقتل «99 في المائة من الجراثيم الأكثر شيوعا التي يمكن ان تسبب المرض» على أشخاص مصطفين للقاء نائب الرئيس ديك تشيني الشهر الحالي في اجتماع لجمع التبرعات في توبيكا.

وعندما يقوم تشيني باللقاء والتحية يمسح، هو الآخر، يديه بالمادة المعقمة. وباتت تلك الممارسة روتينية في ذروة موسم مصافحات الأيادي التي يمارسها كل امرئ من الزعماء الأقوياء الى الناس العاديين. والسياسة شخصية على جميع المستويات، والجراثيم لا تميز بين الناس. ومن الصعب ان يجد المرء مجموعة مرافقين أو مساعدين ليس بينهم واحد على الاقل يحمل علبة معقم بوريل.

ويجد بعض الناس ذلك غير متوافق مع معايير الذوق واللياقة. وقال بيل ريتشاردسون، الحاكم الديمقراطي لولاية نيو مكسيكو «انه يعكس نوعا من التعالي على الناخبين».

ونجد اسم ريتشاردسون، المتحمس لعدم استخدام المادة المعقمة، في موسوعة غينيس للأرقام القياسية لمصافحته العدد الأكبر من الأيادي خلال فترة زادت على ثماني ساعات (13392 شخصا في معرض ولاية نيو مكسيكو عام 2002).

فأية رسالة يوجهها هذا الأمر عندما يجد السياسيون وقادة الحكومة أنفسهم مرغمين على مسح آثار الناس الذين التقوا بهم ؟

قال ريتشاردسون ان «الشيء العظيم بخصوص السياسة هو أنك تلمس البشر. انك ستأخذ البكتيريا بمجرد وجودك».

غير ان السياسة يمكن ان تكون مكانا قذرا يوجد فيه المرء. وقال السناتور توم كوبيرن، الطبيب، والجمهوري من أوكلاهوما، انه «في كل مرة تكون فيها مع مجاميع كبيرة من الناس فانك ستكون معرضا للفيروسات التي يمكن ان تؤدي الى الالتهابات المعدية». وأضاف كوبيرن انه يغسل يديه كلما توفر له ذلك ولكنه لا يستخدم اية سوائل معقمة. وقال انه يتعرض باعتباره طبيبا، الى مزيد من الجراثيم، وبالتالي فانه يتمتع بمناعة أكثر من الناس الآخرين. لكن هوارد دين، الذي هو طبيب أيضا ورئيس اللجنة القومية للحزب الديمقراطي، قال إنه لا يهتم بهذا الجانب. وأضاف دين الذي هو أب لطفلين: «إذا كان لديك أطفال فإنك محصن من كل شيء». وأشار الرئيس بوش إلى تعقيم اليد عند التقائه السيناتور الديمقراطي باراك أوباما قمة أوائل هذه السنة. وقال له: «إنها وسيلة جيدة لمنع إصابتك بالبرد».

وأوباما الذي ذكر القصة في كتابه الجديد قال إنه بعد وضع قطرة من المادة المعقمة في إحدى راحتي كفيه فركهما معا، وقدم له الرئيس بعضا منها فقبلها لأنه لم يرد أن يبدو شخصا لا يعتني بنظافته.

ومنذ ذلك الوقت وأوباما يحمل معه مادة البوريل في حقيبة سفره حسبما قال ناطق رسمي باسمه.

لا أحد يعلم متى أصبح السياسيون منجذبين إلى مادة التعقيم. في إحدى الحملات الانتخابية التي جرت عام 1992 أعطي الرئيس السابق بيل كلينتون فطيرة بعد مصافحته لعشرات من الأيدي في مقهى ببوسطن، فقام بالتهامها بدون استخدام شوكة بل أصابعه، لكنه أصبح لاحقا حريصا على مسح يديه باستخدام السوائل المطهرة بعد حث طبيبه له على القيام بذلك حسبما قال أحد مساعديه.

وقال السيناتور الجمهوري جون ماكين إنه تعلم تعقيم اليدين أثناء مراقبته السيناتور بوب دُول وهو يستخدم بإفراط مواد التعقيم أثناء حملته الانتخابية عام 1996 ومنذ ذلك الوقت أصبح ماكين حريصا على هذا الطقس. وقال: «أنا استخدم مادة التعقيم دائما. فأنا أحملها معي في حقيبتي».

ومادة البوريل هي من إنتاج شركة غوجو للعقاقير والمتمركزة في مدينة أكرون بولاية أوهايو، ونزلت إلى الأسواق عام 1997 وأصبحت شعبية في سيارات الفان الخاصة بالحملات الانتخابية وفي الغرف وحقائب السفر أثناء حملة 2000 الانتخابية في الولايات المتحدة. وأثناء ذلك قام الملياردير دونالد ترامب الذي هو شديد الخوف من الجراثيم والذي كان يفكر في ترشيح نفسه للرئاسة، قام حتى بتوزيع زجاجات صغيرة منها إلى المراسلين.

وقال ترامب في كتابه «العودة»: «واحدة من اللعنات التي يعاني منها المجتمع الأميركي هو مصافحة الايدي. ويبدو أنني شخص مصاب بالهوس بنظافة اليد».

*خدمة «نيويورك تايمز»