فرقة الفنون الشعبية العراقية تأمل في الازدهار مرة أخرى

الرقص في زمن الحرب

TT

أعضاء الفرقة القومية للرقص الشعبي في العراق ممثلون بدون جمهور. انهم يمارسون بروفات يومية ولكنهم نادرا ما يقدمون عرضا. غير ان كل حركة للخصر في الرقصات باتت مثقلة بالواقع الجديد الخطر، حتى عندما ينتظرون أن تتلاشى الفوضى المحيطة بهم حتى يتمكنوا من الاداء مرة أخرى. وفي عراق اليوم، حيث تمارس الأحزاب الدينية المحافظة والمليشيات المتطرفة نفوذا متزايدا على كل مناحي الحياة، يعتبر الرقص فعلا شجاعا.

وقال طارق ابراهيم الراقص في الفرقة القومية للرقص الشعبي ان «المجتمع مكتسح من جانب هذه الآيديولوجيات. فالمرأة التي تسير في الشارع دون غطاء للرأس تلفت الأنظار. فماذا لو كانت ترقص على المسرح؟».

وتضم الفرقة في الوقت الحالي 10 نساء و15 رجلا من خلفيات دينية مختلفة كانوا ذات يوم يجولون العالم سوية. أما اليوم فانهم يحاولون، ببساطة، البقاء، آملين ان يعودوا يوما ما الى الازدهار ثانية كفرقة.

وتشعر الفرقة بكثير من القلق. وفي الفترة الأخيرة تلقت بشرى يوسف، عضو في الفرقة ،21 عاما، الشابة التي عملت في الفرقة منذ ست سنوات، رسالة حذرتها وطلبت منها المغادرة خلال 48 ساعة. واحتوى مظروف الرسالة على رصاصة.

وقالت انه ربما شخصت بسبب مهنتها، ولكنها ستواصل ممارسة البروفات كل يوم. وقالت انها تحب الرقص كثيرا.

والفرقة، التي تشكلت عام 1971، مكرسة للحفاظ على تراث الرقص الشعبي في العراق، واداء الرقصات التقليدية المستمدة من تاريخ وجغرافية البلد. كان العقدان الأولان من تاريخ الفرقة سنوات ذهبية، حينما كان الراقصون يتدربون على يد اساتذة من الخارج وغالبا ما كانوا يقومون بجولات في دول العالم المختلفة. وفي عام 1980 أدى الراقصون عروضا في نيويورك وزاروا باريس. وذهبوا الى ايطاليا واليابان والصين، من بين 60 بلدا، وحصلوا على الكثير من الجوائز.

وادت العقوبات الاقتصادية التي فرضتها الامم المتحدة أوائل سنوات التسعينات الى ايقاف الكثير من ذلك النشاط. ولكن قبل عام فقط من الغزو الذي قادته الولايات المتحدة عام 2003، تمتعت الفرقة بإعادة ولادة وموجة من الحرية في ظل حكومة صدام حسين، اذ كانت تقدم عروضها كل اسبوع تقريبا، حيث كانت القاعات تغص بالجمهور. ولكن توقف نشاط الفرقة منذ بدء الغزو. ولم تقدم عروضا الا أربع مرات في العراق واثنين في رحلتين قصيرتين الى الأردن ودبي منذ عام 2003. ويجعل العنف المحيط بها من تقديم العروض امرا مستحيلا.

وقالت ميسون الدملوجي، العضو في البرلمان والتي كانت الوكيل الاقدم لوزير الثقافة حتى مارس الماضي، انها كانت تشعر بالقلق بشأن قدرتها على حماية الراقصين.

وقالت ان «الراقصين لم يكونوا الوحيدين. فقد كنا قلقين بشأن عروض الأزياء لكنه كان يتعين علينا حماية العارضات والعارضين. ووجدنا أنه ليس بوسعنا القيام بتلك الحماية. وأفضل طريقة لحمايتهم تتمثل في عدم تقديمهم عروضا للجمهور».

وكانت الفرقة تدعم نفسها عبر بيع التذاكر قبل سقوط حكومة صدام، ولكن عندما توقفت العروض بات ذلك مستحيلا. ولم تعوض الحكومة العراقية تلك الخسارة، وفقا لما قاله الراقصون. وهم يتلقون مساعدة قليلة تصل الى ما يقرب من 140 دولارا شهريا، وهي غير مضمونة على اية حال كما انها لا تكفي لمعيشة وسد الاحتياجات الأساسية للراقصين. وقالت الدملوجي ان الحكومة الحالية، لا تهتم كثيرا بالفنون، وبالتالي فانها لا تميل الى دعم الجماعات الفنية مثل الفرقة القومية للرقص الشعبي.

وفي ظل هذه الأجواء يتقلص دور الفرقة التي تواجه مصاعب متنوعة حتى في اطار اداء حركات معينة في الرقصات الشعبية. وقالت الراقصة في الفرقة لقاء شكر انه «ينبغي ان تكون الحركة بشكل معين وليس بشكل آخر»، ذلك ان بعض الرقصات او الحركات تعتبر مصدرا للاثارة.

وقالت الراقصة نجوى صبحي «يجب علينا ان نتكيف مع ما يجري الان وليس المجابهة».

وتضطر معظم الراقصات الى اخفاء مهنتهن عن الجيران، على الرغم من أن بعضهن معروفات من الرقصات التي كانت تقدم في التلفزيون في عهد الحكومة السابقة. وجعلت الراقصة رنا أنور التي شاركت في نشاط قبل ثلاثة اشهر، الجيران والأصدقاء يواصلون الاعتقاد بأنها ما تزال طالبة في معهد السياحة ببغداد. وكانت ظمياء جمال مع الفرقة لمدة 10 سنوات ولكن ارغمت عائليا على ترك الفرقة بعد الغزو بسبب المخاطر. غير انها عادت قبل ثلاثة اشهر، وتحاول طمانة أهلها عبر المجيء الى تمرينات الفرقة وهي مرتدية الحجاب الذي يخفي شعرها الطويل.

* خدمة «نيويورك تايمز»