كتاب يفضح «مطبخ» لجان تحكيم الجوائز الأدبية الفرنسية

هدايا وإغراءات وتحالفات بين دور النشر لترجيح كفة هذا الكاتب أو ذاك

TT

في عز موسم الجوائز الأدبية الفرنسية الكبرى، يصدر غداً في باريس الجزء الخامس من يوميات الكاتب والناشر جاك برينير الذي كان قارئاً موظفاً لدى منشورات «غراسيه» وعضوا في لجنة تحكيم جائزة «رينودو» منذ عام 1986. ويؤكد الكاتب في هذه اليوميات، بالتواريخ والأسماء، المعلومات التي طالما ترددت عن فساد أجواء لجان التحكيم القابعين في مناصبهم منذ سنوات طويلة، ممن يمنحون أصواتهم، غالباً، للرواية الصادرة عن الدار التي يطبعون هم أنفسهم كتبهم فيها.

وكشف المؤلف نماذج من المكاسب المادية والدعوات والإغراءات التي تنهال على المحكمين.

واعترف المؤلف بأن إيف بيرجيه، المسؤول الملقب برجل الجوائز لدى منشورات «غراسيه»، عرض عليه سيارة على سبيل الهدية ووعده بإعادة طبع كتبه القديمة في حال أعطى صوته للرواية الصادرة عن هذه الدار ذاتها. كما عرض عليه أحد الكتاب، بعد أن عرف تعلقه بالكلاب، أن يشتري له كلباً من الفصيلة التي يختار، مقابل التصويت له عند منح الجائزة. وقال في أحد مقاطع الكتاب إنه كان على استعداد للاستقالة من عضوية لجنة تحكيم «رينودو» في حال لم يحصل على فوائد مادية من هذا الناشر أو ذاك.

وتوفي برينير قبل خمس سنوات تاركاً وراءه هذه القنبلة الموقوتة التي تحمل عنوان «مطبخ الجوائز» لتتفجر في الوسط الأدبي قبل أربعة أيام فقط من اعلان اسمي الفائزين بجائزتي «غونكور» و«رينودو» للرواية الفرنسية. واستعجلت دار «بوفير» إصدار الجزء الخامس من اليوميات في الموعد نفسه الذي يصدر فيه الجزء الأول، لأهمية المعلومات الفضائحية الواردة فيه، قافزة فوق الأجزاء الواقعة بينهما التي ستصدر لاحقاً. وحسب المقاطع التي نشرتها المجلة الاسبوعية الملحقة بصحيفة «الفيغارو» من يوميات برينير، فإن المنافسة على الجوائز بين دور النشر كانت تنطلق من دوافع مادية لأن مبيعات الرواية الفائزة ترتفع الى 500 ألف نسخة لتصل الى المليون أحياناً، مع ما يمثله هذا الرقم من مكاسب كفيلة بإنقاذ أية دار للنشر من مآزقها المالية. كما يشير الكاتب الى التحالفات التي تجري وراء الستار بين أصحاب دور النشر الكبرى لكي يجري تبادل الخدمات، أي الأصوات، بينهم. ويروي تفاصيل المكالمات الهاتفية التي جرت عام 1993 بين المتنفذين في «غاليمار» و«غراسيه» وقضت بأن يصوت المحكمون التابعون لكل دار لصالح الرواية الصادرة عن الدار الاخرى، بحيث تنحصر الجائزتان الكبريان بينهما. وكان للدارين ما أرادتا، وفاز اللبناني أمين معلوف، الذي ينشر كتبه لدى «غراسيه»، بجائزة «غونكور» بعد اعجاب عضو الأكاديمية الفرنسية فرانسوا نوريسييه الذي هو رئيس لجنة تحكيم «غونكور»، بهذا «الكتاب العربي»، حسب تعبيره، وبفضل تصويت المحكمين المقربين من «غاليمار» له، بينما فاز نيكولا بريهال الذي ينشر كتبه لدى «غاليمار» بجائزة «رينودو»، لكن هذا لا يعني أن معلوف فاز بالجائزة من دون وجه حق، بل بالعكس فإن ترشيحه لأرفع جائزة أدبية في فرنسا واستحقاقه لها اضطر جماعة «غاليمار» الى التحالف مع جماعة «غراسيه» لكي لا يفقد مرشحهم كل شيء.