مؤتمر الأثريين العرب يطالب بتشريع موحد واستعادة التراث العربي المنهوب

شهد جدلا بسبب لوحة أثرية إماراتية

TT

اختتم المؤتمر العلمي التاسع للأثريين العرب أعماله أمس بالقاهرة بمناقشات ساخنة خاصة بعد إعلان خبير الآثار الإماراتي أحمد الجوهري عن توصله لكشف غير مسبوق وفريد من نوعه وهو عبارة عن لوحة حجرية أثرية تتضمن نقوشا ملونة وتحمل كتابات باللغة الثمودية، وتمثل مشاهد تمثل قصصا دينية، يقول إنها يوجد لها شواهد في الكتب السماوية الثلاث.

وبالرغم من تمكن الجوهري من عرض كشفه أمام المؤتمر الا أنه وجد معارضة شديدة من جانب حضور المؤتمر في مقدمتهم عالم الاثار المصري د. زاهي حواس الذي اعتبره كشفا يفتقر الى الجانب العلمي ولا يستند الى واقع علمي في ظل ما أعلنه الباحث من أن الكشف تم العثور عليه في الامارات.

وذكر الجوهري أنه عثر على اللوحة ضمن مقتنيات أخرى كثيرة في الامارات وقد أذهلته منذ الوهلة الأولى، وأنها تحتوى على 10 صور متداخلة تحكي قصصا ذات بعد ديني وبها كتابات ثمودية وسريانية وكنعانية يرجع تاريخها الى ما بين القرنين الخامس والسابع قبل الميلاد. وقد رد عليه حواس بأنه لا يمكن فهم ان تكون هنالك علاقة بين اكتشاف هذه اللوحة في الامارات وبين كافة الروايات التاريخية التي لم تتناول أن النبى عيسى أو المسيخ الدجال عاشا في هذه المنطقة الحديثة «الامارات» التي تم العثور فيها على اللوحة المذكورة، موضحا تناقض قول الباحث بأنه تم العثور على اللوحة من قبل في سورية، ثم نقلت إلى الإمارات.

وقرر حواس بعد اجتماعه بالجوهري تشكيل لجنة علمية تتوجه إلى الإمارات للوقوف على حقيقة هذه اللوحة. ومن جانبه رفض الدكتور محمد الكحلاوي أمين عام اتحاد الأثريين العرب إطلاق أحكام مسبقة علي تفسير الجوهري للنقش الأثري دون دليل علمي مماثل ينفيه، مشيراً إلى أن النقش سيخضع لفحص معملي باستخدام أشعة حديثة كما سيخضع لدراسة خبراء الخط الثمودي والفنون القديمة وتاريخ الفن وأساتذة التاريخ والحضارة لاستبيان مدى صحته.

وذكر الجوهري ان اللوحة بها مقطع جانبي لرأس بقرة، ويظهر في الجانب الآخر من اللوحة المسيخ الدجال وعلى رأسه عقرب ويشترك معه في الصورة قرد أعور العين اليسرى ووجه خنزير أعور العين اليسرى أيضا، وصورة مقطع جانبي لرأس تمثال فرعوني يظهر منه ما يشبه اللحية الملكية، وغطاء النمس على الرأس ويعتقد أنه فرعون موسى عليه السلام.

وعلى صعيد ما انتهى اليه المشاركون في أوراقهم البحثية فقد دعا المؤتمر الى توحيد قوانين حماية الآثار في الوطن العربي واعتبار تهمة تهريب الآثار بمثابة خيانة للوطن والعمل على سرعة تسجيل آثار الوطن العربي وبذل الجهود لاسترداد ما تم سرقته وتم تهريبه الى الخارج العربي.

فيما دعا الدكتور محمد كحلاوي الى تشكيل قاعدة بيانات لجمع المعلومات الخاصة بالآثار والعاملين في مجالها وتعميمها على الدول العربية وإصدار الدوريات المختصة بالآثار باللغة العربية وغيرها من اللغات العالمية وربط الصلات بين الاثريين العرب ووضع صيغ نموذجية موحدة لعقود التنقيب والمسح الأثرى والترميم مع البعثات الأجنبية ووضع خطة لصيانة المدن العربية.

وشدد على اهمية وضع خطة قومية للعناية بالاَثار والتراث الحضاري بالتعاون مع المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم وتدريب الفنيين وتكوين الإطارات والكوادر العليا بالتعاون مع الجامعات العربية والهيئات الدولية.

وناقش المؤتمر عدة محاور تتعلق بالدفاع عن الحقوق الأدبية والمادية للعاملين في قطاع العمل الأثري وتنمية الوعي بأهمية الآثار ووجوب الحفاظ عليها وصيانتها ووضع التشريعات الخاصة بحمايتها والدفاع عنها في المحافل العربية والعالمية والتصدي للاتجار غير المشروع فيها.

وشدد المؤتمر في ختام اعماله على ضرورة التنسيق بين الاثريين والقانونيين العرب لوضع آلية لعودة الآثار المنهوبة من الخارج أو التي تتعرض للمخاطر وسرعة تسجيل المواقع الأثرية وحمايتها من جرائم السرقة.

وعلى صعيد الآثار الفلسطينية دعا المشاركون في المؤتمر الى تشكيل لجنة من الأثريين العرب للعمل على جمع وثائق القدس وتسجيل جميع الأوقاف الاسلامية بها وذلك لحماية المدينة من عملية التهويد وتبديل الأسماء العربية المعرضة للخطر نتيجة لعوامل طبيعية أو بفعل ممارسات الاحتلال.

وشدد المشاركون على ضرورة الدعم المباشر للاثريين في فلسطين والعراق ولبنان لحماية آثارهم من الهجمات التي تتعرض لها وسرعة الانتهاء من حصر الآثار هناك وتوفير آلية للتعاون بين الاتحاد والمنظمات والجهات التي تقوم بالتصدي للأطماع الصهيونية في فلسطين ومناطق الاحتلال والتفاعل معها.

وطالب المؤتمرون منظمة اليونسكو بضرورة التدخل لترميم الآثار اللبنانية التي دمرتها اسرائيل ابان العدوان الأخير على لبنان وادانة الاحتلال في كافة المحافل الدولية للجرائم التي ارتكبها في حق التراث اللبناني، والتدخل بالتعاون مع القانونيين العرب لمحاكمة المتورطين في اسرائيل الذين ساهموا في تدمير بعض المواقع الأثرية في لبنان.

وتناول المؤتمر أوراق عمل بحثية استهدفت توحيد المصطلح الاثري ما بين جناحي الامة من المشرق والمغرب العربي في ظل السنوات العشر التي شهدت صدور مجموعة من الاصدارات المتنوعة التي اصبحت تتمتع بلغة ومصطلح موحد لمخاطبة الباحث بلغة الاثار.

وناقش المشاركون في جلسات المؤتمر نحو مائة ورقة بحثية في مجال الدراسات الاثرية وترميم الاثار اضافة الى عقد ورش عمل استهدفت ايجاد آليات للحافظ على التراث العربي أمام الاعتداءات المتتالية عليه في فلسطين والعراق ولبنان.

وقد شهد المؤتمر تكريم وزير الثقافة المصري فاروق حسني لعدد من شباب الأثريين العرب منهم: هويدا محمد آدم من السودان، ولمياء شوقي الحديدي من مصر، كما أهدى درع الاتحاد العام للاثريين العرب لكل من الدكتور محمد بيومي مهران استاذ التاريخ القديم بالجامعات المصرية، والشيخة حصة صباح السالم الصباح المشرف العام على دار الآثار الإسلامية في دولة الكويت.