مشروع توسعة سجن للأحداث في الدار البيضاء

تنظيم مزاد لأعمال تشكيلية مغربية لدعم

TT

في سجن الأحداث «مركز الإصلاح والتهذيب عكاشة» بالدار البيضاء تبدو المفارقة صارخة بين جودة المرافق التربوية والتكوينية والاجتماعية التي تم إنشاؤها بفضل تدخل «مؤسسة محمد السادس لإعادة إدماج السجين»، وبين شروط إيواء الأطفال السجناء، حيث تتركز المأساة والمعاناة الإنسانية من خلال تكدس أجساد أزيد من 100 طفل سجين في كل واحدة من غرف السجن، والتي كانت في الأساس معدة لإيواء 40 نزيلا فقط.

ولمعالجة هذا الوضع أخذت «جمعية أصدقاء مراكز الإصلاح وحماية الطفولة» على عاتقها طرح مشروع لتوسعة السجن، وتحسين ظروف إيواء نزلائه. ولتمويل المشروع، بادرت الجمعية إلى تنظيم تظاهرات مجتمعية لتعبئة الموارد.

وتقول خديجة الأشقر، منسقة مشاريع الجمعية «قمنا بتنظيم سهرة فنية لجمع التبرعات. وتلقينا خلالها العديد من الأعمال الفنية التشكيلية التي تبرع بها تشكيليون مغاربة، ونعتزم طرحها خلال مزاد ينظم حاليا في قاعة الندوات التابعة لشركة «سبريس» لتوزيع الصحف، وسيستمر حتى يوم غد السبت، للاستفادة من مداخيلها في دعم المشروع». ويضم المعرض التشكيلي نحو 20 لوحة من توقيع أسماء وازنة في مجال الفن التشكيلي بالمغرب، بينهم الفنانون عبد الرحمن رحول وأحمد جاريد وعبد الحي الملاخ وغيرهم.

وتقول أسية الوديع، مديرة مراكز الإصلاح وحماية الطفولة في المغرب، لـ«الشرق الأوسط»: «نريد أن نرقي شروط الإيواء على الأقل لجعلها أكثر إنسانية وتوفير الحد الأدنى من متطلبات الصحة والنظافة. الآن أنهينا الدراسات، وتم وضع تصميم للتوسعة». وبخصوص التمويل تضيف الوديع «تلقينا وعودا من عدة جهات منها مجلس بلدية مدينة الدار البيضاء، ونتصل بذوي النيات الحسنة والمحسنين لاستكمال التمويل».

وكان العقار المستعمل حاليا لإيواء السجناء في الأصل عبارة عن مخازن ضخمة تابعة لإدارة السجون، ومحاذية لسجن عكاشة بحي عين السبع بالدار البيضاء، وكانت تستعمل لتخزين المؤن التابعة للسجن. وفي سنة 1998 عندما أصدر المغرب قانونا يقضي بعزل السجناء الذين تقل أعمارهم عن 20 سنة عن باقي السجناء الكبار ووضعهم في مؤسسات إصلاحية خاصة بهم، تم تحويل تلك المخازن إلى سجن بعد إدخال بعض التعديلات الطفيفة عليها لملاءمتها.

وكان البناء الأصلي يضم ثلاثة مخازن ضخمة، فتم تقسيم كل مخزن إلى أربع غرف مهيأة لإيواء 40 نزيلا في الغرفة الواحدة. غير أن المركز سرعان ما اكتظ بالنزلاء، وأصبح حاليا يؤوي 1164 طفلا، تتراوح أعمار 69% منهم بين 18 و20 سنة، و28% منهم بين 16 و18 سنة، و2.6% منهم دون سن 16 سنة.

وشكل فتح مركز التربية والتكوين الذي أنشأته «مؤسسة محمد السادس لإعادة إدماج السجين» سنة 2002 نقلة نوعية في وظيفة المركز، وفتح آفاقا جديدة أمام النزلاء من خلال إمكانية متابعة الدراسة بالنسبة للمتمدرسين، وإمكانية تعلم الحرف والمهن كالنجارة والميكانيكا والحلاقة وفنون البناء للراغبين في ذلك. ويبلغ عدد الذين يتابعون تكوينا مهنيا في المركز حاليا 278 تلميذا فيما يتابع 144 نزيلا آخرين دراستهم، منهم 12 تلميذا في مستوى البكلوريا (الثانوية العامة) ويؤطرهم أستاذ جامعي متطوع، الذي قال باعتزاز «في السنة الماضية نجح لدينا 4 تلاميذ من بين 7 تلاميذ قدمناهم لاجتياز امتحانات البكلوريا».