«عبور التراب» فيلم مثير للجدل يفتش عن صدام الهارب يوم سقوط بغداد

المخرج الكردي شوكت كوركي أكد أن فيلمه يدعو للوحدة بين العراقيين

TT

«عبور التراب» هو الفيلم العراقي الوحيد الذي يشارك في مهرجان القاهرة السينمائي الدولي في دورته الثلاثين في قسم «أفلام مثيرة للجدل» والذي شهد عرضه في قاعة مركز الإبداع بدار الأوبرا المصرية إقبالا كبيرا من الجمهور والنقاد والمهتمين بما يحدث في العراق. وقد حضر عرض الفيلم بطله عادل عبد الرحمن ومخرجه شوكت أمين كوركي.

وتدور أحداث الفيلم أثناء الغزو الأميركي للعراق عام 2003 حول طفل عربي عمره خمس سنوات ويدعي «صدام» يضل طريق العودة الي بيت أسرته ويعثر عليه مقاتلان كرديان من البشمركة الذين كانوا يحاربون ضد قوات صدام حسين، أحدهما يدعي «أزاد» الذي يريد أن يعيد الطفل الي أهله رغم انه فقد أخاه أثناء عملية «الأنفال» التي قتل فيها نظام صدام حسين عددا كبيرا من الأكراد، بينما الآخر ويدعي «رشيد» يكره صدام حسين من أعماقه ولا يتعاطف مع الطفل الذي يحمل اسمه. وفيما هما يتجادلان حول البحث عن أهل الطفل أو نقل الطعام يجدان نفسيهما يأخذان الطفل معهما من مكان الي مكان من دون أن يتعرف عليه أحد  .

وأخيرا ينقلانه الي مقر القوات الأميركية التي ترفض استقبال الطفل فيأخذونه الي إمام أحد المساجد ولكنه يرفض تسلمه أيضا. وعبر الطريق يعامل رشيد الطفل بخشونة دائمة، وكل هذا بينما والدا الطفل يبحثان عنه في كل مكان من دون جدوى، حيث يشعر الأب بالندم لأنه أطلق اسم صدام على ابنه ويلوم زوجته على هذا، ويقرر تغيير اسمه إذا ما وجداه. وبينما يقترب رشيد وأزاد من منزل الطفل يسقطان في كمين لرجال صدام حسين ويقتل أزاد. وفي النهاية لا يبقي سوى رشيد الذي يجد نفسه متعاطفا مع هذا الطفل الصغير البرئ. المخرج شوكت أمين كروكي الذي حضر عرض الفيلم في إطار مهرجان القاهرة السينمائي أكد لـ«الشرق الأوسط» انه حاول تقديم قصة إنسانية من دون اهتمام رئيسي بالسياسة التي كانت مجرد مناخ يعيشه أبطال الفيلم للتعبير عما آل اليه حال العراقيين بوجه عام. وأضاف قائلا «لم أحاول الجنوح الي الخيال في سياق أحداث الفيلم، بل اعتمدت على حقائق حدثت يوم سقوط بغداد، يومها تابعت الفضائيات لمدة خمس ساعات متواصلة ولم أشاهد أي عدوان من قبل القوات الأميركية على الشعب العراقي؛ ولهذا لم أحاول ادانة القوات الأميركية بأمور لم تحدث. فليس المهم عندي الأميركان أو غيرهم، القضية الإنسانية هي التي شغلتني فتحدثت عن ثلاثة أشخاص «كرديين وعربي» وصلوا الي حالة من التوحد. وتعليقا على الصعوبات التي تعرض لها الفيلم أثناء تصويره قال كوركي: «في ظل الظروف الراهنة في العراق وكردستان من الصعب أن تنتج فيلما؛ فقد كنا نصور في مدينة كان يحدث فيها انفجاران في اليوم الواحد ونضطر في أحيان كثيرة الي وقف التصوير بسبب الحالة النفسية التي يمر بها الممثلون لرؤيتهم جثث القتلى في الطريق العام. كما كان من الصعب العثور على الطفل الذي قام ببطولة الفيلم. فعند الإعداد للفيلم أجريت اختبار لنحو 60 طفلا لاختيار احدهم للدور ولكن لم أوفق، وأثناء التصوير شاهدت هذا الطفل المتسول عاري القدمين فقررت اختياره لهذا الدور. الغريب أنني قمت بشراء حذاء له ارتداه يوما واحدا وبعدها تركه ورفض ارتداءه، وبعد التصوير أصبح بيني وبينه ألفة وعلاقة حميمة».

يذكر ان انتاج الفيلم تولت مسؤليته شركة نارين للانتاج الفني في كردستان بالتعاون مع وزارة الثقافة الكردستانية والفضائية الكردستانية. في اشارة الي محاولة كردستان وضع قدم لها على خريطة السينما العربية والعالمية. ويعلق كوركي: لا نستطيع ان نقول ان لدينا سينما كردستانية رغم ان لدينا عشرة أفلام لمخرجين درسوا الإخراج في الخارج، ولكن يمكن ان نقول ان لدينا أفلاما كردستانية وليس سينما كردستانية. المخرج شوكت كوركي من مواليد عام 1973 في مدينة زاخو بكردستان بالعراق، وقد اضطرت عائلته للهرب الي ايران عام 1975 بعد اضطهاد نظام البعث العراقي لها، وظلت الأسرة في إيران حتى عام 1999 حيث درس الفن هناك. ويعتبر فيلم «عبور التراب» هو أول أعماله السينمائية الروائية الطويلة وقد سبقهأ سينمائية قصيرة منها «البالونات تطير» عام 1997 و«المصيدة »الذي حصل من خلاله على جائزة أفضل فيلم إيراني في هذا العام.