مباني عصر باريس الذهبي للبيع

البلدان الأوروبية تجاهد من أجل صيانة مبانيها ذات المعمار القديم

TT

تبيع فرنسا حاليا عشرات المباني التاريخية في باريس والمقاطعات، مستخدمة الأموال كي تنقل بيروقراطيي الحكومة إلى عقارات أقل تكلفة والمساعدة على دفع الديون الوطنية.

وحتى الآن تم إجلاء عشرات القصور والفيللات والفنادق الخاصة التي تعد منازل ضخمة مبنية من الحجر وتنتمي إلى عصر باريس الذهبي. وحتى الآن كانت الشركات الأجنبية وخصوصا صناديق التقاعد الأميركية ومؤسسات الأسهم الخاصة، هي الطرف الأساسي في عمليات شراء هذه العقارات. وعلى الرغم من كل الكبرياء الوطني الذي يمتلكه الفرنسيون، فإنهم يبدون مسرورين بتسليم هذه المباني إلى أي شخص آخر وتخفيف العبء عن دافعي الضرائب.

وقال اريك ساسون الرئيس الأوروبي للعقارات لشركة «كارلايل غْروب»، التي اشترت حتى الآن عددا من المباني الفرنسية، إن «كل المواقع ممتازة وهي قطع عقارات جميلة».

وقريبا، سيكون فندق ماجستيك الفخم الواقع في وسط باريس، والذي صادره هتلر، وجعله مقرا لحكومته العسكرية في فرنسا المحتلة، ضمن قائمة البيع. وكانت وزارة الخارجية الفرنسية قد شغلت المبنى بعد الحرب واستخدمته لدبلوماسيتها، وكانت اتفاقيات السلام التي أنهت حرب فيتنام قد تم توقيعها في قاعة رقص هذا المبنى المزودة بعدد كبير من الثريات.

وأثقِلت كواهل فرنسا بإرثها الواسع، فالدولة تمتلك قصورا ومنازل ومباني ضخمة أكثر مما يمكنها أن تعرف ما يجب فعله معها، وهي بالكاد تستطيع توفير صيانة لها بالشكل المناسب. وينفق البلد حاليا ما بين مليارين إلى ثلاثة مليارات من اليورو سنويا لصيانة عقاراته.

وقامت فرنسا بنقل بعض من عقاراتها مع متاعب صيانتها إلى الحكومات المحلية. وتم إيقاف العمل على مئات من المواقع بسبب النقص في الامداد المالي. وهذه الحال هي ليست خاصة بفرنسا، بل ان الكثير من البلدان الأوروبية تجاهد من أجل صيانة مبانيها ذات المعمار الروماني والقرو ـ وسطي والمنتمي إلى عصر النهضة والباروك والكلاسيكي الجديد وغيره. والكثير منه ترك بلا أي صيانة.

فبريطانيا تخصص 18.7% من دخلها المتأتي من اليانصيب الوطني لدعم مباني البلد القديمة. أما الحكومة الإيطالية فأسست صندوقا لدعم قائمة من المباني القديمة.

ولأن الوزارات الفرنسية هي ليست مالكة للمباني التي تستخدمها فهي لا تمتلك حوافز لإجراء أعمال صيانة دورية عليها. وحينما تخفَّض الميزانيات تعاني المباني من تقليص للنفقات المخصصة لصيانتها. والنتيجة هي تهشم الواجهات وإصابة الداخل بالبلى.

وأمام هذا الحال، بدأت الحكومة برنامجا يهدف إلى بيع بعض المباني التي تستخدمها حاليا وزاراتها. وحسب دراسة حكومية جرت هذه السنة، فإن الدولة تمتلك عقارات تصل قيمتها إلى 50 مليار دولار، وهذا لا يشمل المباني التي لا تقدر بثمن مثل كاتدرائية نوتردام. وتستخدم المكاتب الحكومية مبان تبلغ قيمتها حوالي 20 مليار دولار. واعترف وزير المالية بأن تقييم هذه المباني «قد يكون أقل قليلا عن سعرها في السوق».

وقامت الحكومة الفرنسية حتى الآن ببيع مبان تتجاوز قيمتها 1.6 مليار دولار، بما فيها تلك التي تزيد قيمتها عن 800 مليون دولار تم بيعها في السنة الماضية. ويتوقع دانييل دبوست المسؤول في وزارة المالية المشرف على بيع عقارات الدولة أن يستمر البرنامج بالسرعة الحالية لعدة سنوات.

وقال دبوست: «في نهاية المطاف، نحن سنعود إلى إيقاع عادي» في البيع، «لكننا غير مستعدين أن نوقف الإيقاع لأقل من 500 مليون يورو سنويا».

وتذهب معظم الأموال المتأتية من المبيعات إلى الوزارة التي تقع هذه البناية أو تلك تحت سلطتها لكن 15% من الأموال تذهب إلى الدولة لمساعدتها على دفع جزء من الديون الوطنية الخاصة بفرنسا. وقال بعض المنتقدين إن الحكومة لا تقدم معلومات كافية أو أنها تعلن بشكل كافي كي تحصل على أفضل سعر.

مع ذلك فإن بيع هذه المباني الحكومية لا يقابل بقبول شامل. فمعهد مونتان للبحوث انتقد البرنامج في السنة الماضية عبر تقرير قال فيه إن الدولة تبيع «وفق هوى السوق بدون رؤية متوسطة أو بعيد الأمد لإدارة إرثها الضخم».

كذلك يعبر السياسيون في المعارضة عن قلقهم حول الأموال المتأتية من هذه المبيعات وكيفية إنفاقها. وقال جان ـ لوي دومونت عضو البرلمان الاشتراكي محذرا: «هناك المجوهرات العائلية التي تم بيعها. علينا أن نكون صارمين في التوثق من أن الأموال المكتسبة من البيع تستخدم بطريقة فعالة».

* خدمة «نيويورك تايمز»