تسخير فن أفلام الكرتون لرفع مستوى الوعي الصحي

تحمل في مضمونها رسائل يمكن إيصالها بسهولة إلى عامة الناس في الولايات المتحدة

TT

عرضت مجموعة من أفلام الرسومات المتحركة أخيرا في الأكاديمية الوطنية للعلوم في واشنطن في إطار عرض لهذا النوع من الأفلام التي استخدمت في الإعلانات الطبية. وقدمت خلال العرض أفلام متحركة تتعلق بمجال الصحة العامة عرضت خلال الفترة الممتدة بين عقدي العشرينات والستينات من القرن الماضي. بعض هذه الأفلام كان معروفا، إلا أن بعضا منها نادر العرض خلال فترة الـ40 او الـ50 سنة الماضية. وتغطي هذه الأفلام قضايا مثل الصحة الشخصية ومكافحة الملاريا والتعرف على أعراض السرطان والمسح بغرض فحص السل والاستخدام السليم لأشعة اكس.

وتعمل المكتبة العامة للطب على انتاج مجموعة من أقراص «دي.في. دي» لأفلام الإرشادات والإعلانات الطبية. ومن المتوقع ان يبدأ انتاج هذه الأقراص خلال فصل الخريف المقبل. ويقول مايكل سابول، المؤرخ في المكتبة العامة للطب الأميركية انه كان ينظر الى هذه الأفلام كوسيلة للإقناع والتعليم فيما يتعلق بالقضايا الصحية، ذلك ان أفلام الرسوم المتحركة يمكن ان توصل الرسالة المرجوة وفي نفس الوقت تعتبر وسيلة تسلية.

من ضمن هذه الأفلام «Private Snafu vs. Malaria Mike» من إنتاج وحدة الأفلام بالجيش الاميركي عام 1942. واستخدمت شخصية سنافو في الفيلم بغرض معالجة قضايا مثل الأمراض الجنسية المعدية والصحة النفسية والرقابة والسوق السوداء. وكانت وحدة الأفلام بالجيش الاميركية تضم مجموعة من ابرز فناني التشكيل والرسوم المتحركة، وكان يترأس هذه الوحدة فرانك كابرا، الذي اخرج فيلم «إنها حياة رائعة»، كما ترأس قسم الرسوم المتحركة تيد غيسيل المعروف ايضا بالدكتور سوس. اما ميل بلانك، الذي مثل صوت «باغز باني» و«دافي داك»، فقد مثل صوت ملاريا مايك والجندي سنافو ايضا. ويقول دونالد كرافتون، مؤرخ الرسومات المتحركة بجامعة نوتردام الهولندية ان استديوهات أفلام الرسومات المتحركة اثبتت للحكومة انها قطاع رئيسي، وان هذه الأفلام التدريبية والدعائية كانت مهمة للغاية في المجهود الحربي.

وتثير الكثير من الأفلام المعنية بالصحة العامة التي تم إنتاجها خلال تلك الفترة مقارنة ما بين «الجسد البدني» و«سياسة الجسد» حسبما قال. فصحة الفرد مرتبطة بنجاح الجهود الحربية ومدى تقدم المثل الديمقراطية.

لكن الأفلام تعاملت أيضا مع الأحكام العرقية والجنسية، عاكسة أنواع التصرف الاجتماعي التي كانت منتشرة آنذاك حسبما قال. فالشعب الياباني على سبيل المثال تم إظهاره من خلال رسوم الكاريكاتير باعتباره نظارات سميكة وأسنانا سيئة أو حتى إظهاره كذباب يحمل الجراثيم.

وفي عام 1942 ظهر فيلم بعنوان «استعمل عقلك» وهو يدور عن جندي من المارينز من منطقة جنوب المحيط الهادي اسمه ماك غيليكادي قام بقضاء حاجته في الغابة بدلا من المرافق المخصصة لهذا الغرض. ثم تأتي ذبابة بنظارة طبية سميكة وأسنان غير سليمة إلى الموقع وتهز جرسا داعية بلكنة يابانية سربها للعشاء.

ثم يأتي سرب من الذباب بعد قليل ليغزو طعام المارينز، وهذا ما يؤول إلى إصابة معظم أفراد الوحدة بالزحار. وعبر الراديو يسمع رجال المارينز مذيعا يابانيا يعلن عن أن «يانكي محترم» ساعد اليابانيين» في مجهودهم الحربي من خلال جعل رفاقه يصابون بمرض الدزنتاريا، وهذا ما يجعلهم «ضعفاء كالقطة المدللة». وأنتج هذا الفيلم هيو هارمان لصالح القوة البحرية وكان جزءا من سلسلة اسمها «الوصايا الصحية». وهناك خمسة مسلسلات محفوظة حاليا في المكتبة الوطنية للطب.

وبعد الحرب العالمية، قامت بعض المنظمات الأميركية العاملة في القطاع الطبي، مثل جمعية السرطان الأميركية ومنظمة مرض السل ومؤسسة طب الأسنان، بإنتاج أكبر عدد من الأفلام التي ترفع من وعي عامة الناس بالقضايا الصحية، والتي عرضت في المدارس والمستشفيات والكنائس والأماكن الأخرى العامة. وفي تلك الفترة نظر الى الجسم على انه شيء ضعيف وعرضة للأمراض. وقال الدكتور كرافتون انه قدم، أي الجسم، كمكان للهجوم الداخلي للأمراض.

وفي فيلم «العدو الداخلي» الذي انتجته عام 1947 جمعية أمراض السرطان الأميركية، قدم فيه الجسم على انه مسلسل من المصانع، وخلاياه الدموية قدمت كعمال في ملابس العمل وقبعات بيضاء.

وعندما تتلف خلية في الجسم، وتتحول الى خلية سرطانية، وتظهر وكأنها مخلوق بأربعة أرجل وتتكاثر وتقتل خلايا أخرى يتدهور العمل في المصنع، أي الجسد. في بعض أفلام الكارتون الأخرى التي تدخل ضمن عرض أفلام الكارتون الطبية، تذهب السينما إلى داخل الجسد لتصف تراكم القيح ثم طريقة تقدم البكتيريا وتهديدات تسوس الأسنان والأمراض العقلية وآلام المعدة وغيرها.

وقال ديفيد كانتور المؤرخ في المكتبة الوطنية إن «روح الدعابة هي شيء لا يمكنك توقعه، فاستخدام الكارتون يساعد على رفع النبرة ويمكنه أن يجعل الموضوع أقل ازعاجا».

*خدمة «نيويورك تايمز»