شبح «جاك ذا ريبر» يجول في بريطانيا وثمة من يحاول التفوق عليه.. جرما

ذعر نسائي عام بعد اكتشاف الضحية الخامسة لـسفاح إيبيسويتش

TT

هناك شبح يجول في بريطانيا، يطل على البلاد من ساحلها الشرقي في إنجلترا، من مقاطعة سافولك، من ضواحي مدينة إيبيسويتش، ويقض مضجع البلاد ويستدعي لذاكرة مجتمعاتها سيرة سفاح بشع هو «جاك ذا ريبر» السيئ الصيت.

إنه سفاح ساحل انجلترا الشرقي، «المجهول» حتى البارحة، الذي ما زال «شبحا»، لم ير منه أثرا غير 5 أرواح أزهقها خنقا، وما ترك على أجساد فتيات مغلوبات على أمرهن، قادت المخدرات بعضهن إلى الإدمان، فاتخذن من الدعارة مهنة للحصول عليها وللكسب في تلك المقاطعة، أعمارهن تتراوح بين 19 و35 عاما.

واكتشفت «ضربات» السفاح، التي هزت بريطانيا، مستفزة شرطتها المعروفة بدقتها وسرعتها في التقصي، قبل حوالي اسبوعين فقط، عثر خلالها على 5 فتيات: جيما آدامز، أبلغ عن اختفائها منذ 15 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، ووجدت جثتها يوم 2 ديسمبر (كانون الأول) الحالي في جدول قرب بلدة هنتلشام. تانيا نيكول اختفت 30 أكتوبر (تشرين الأول)، ووجدت جثتها قرب بلدة كوبدوك. أنيلي ألدرتون اكتشفت جثتها يوم 11 ديسمبر (كانون الأول) في ناكتون. أنيت نيكولاس وجدت جثتها في ليفينغتون في يوم 11 ديسمبر أيضا. وتأكد للشرطة أن طريقة قتل الضحايا الخمس ورميهن في العراء، متشابهة في كل تفاصيلها، لذا ركزت كل تحقيقاتها وتحرياتها نحو مشتبه واحد. وعلى الفور أصدرت الشرطة نداء معمما لكل المومسات بالبقاء بعيدا عن الشوارع التي كن يصطففن فيها.

وتعيد حوادث القتل الخمس في مناطق متقاربة من الطريق البري «إيه 14»، ذكرى مؤلمة ومفزعة ما زالت تؤرق البريطانيين وشرطتهم، رغم مرور ما يزيد عن قرن تقريبا على وفاة جاك ذا ريبر، قاتل المومسات في ثمانينات القرن التاسع عشر، الذي قضى على حياة خمس مومسات في الطرف الشرقي للندن، وثمة باحثون قالوا إن ضحاياه سبع، ويعتبر أسوأ سفاح عرفته بريطانيا منذ نحو ألف عام (وربما يجد الآن من ينتزع عنه هذا «اللقب»، ففي ماراثون القتل المتسلسل يلوح، إذا ثبت أن الفاعل واحد، ثمة من يتفوق في الجرم على جاك ذا ريبر، الذي ثبت أنه قتل ضحاياه في فترة امتدت من 31 أغسطس إلى 9 نوفمبر من عام 1888، أي حوالي 3 أشهر، والذي كان يقتل ضحاياه من المومسات في شرق لندن ثم يقطعهن إربا إربا، وبطريقة واحدة لم تختلف.

ولعل الاستنفار الذي بدأته الشرطة البريطانية أخيرا، ووصل مداه أمس، يعد غير مسبوق في تقصي الجرائم في البلاد. ففي كل ركن من مدينة إيبيسويتش انتشر أفراد الشرطة يراقبون شوارع خلت من السابلة، يوقفون السيارات التي يقودها رجل واحد ليسأل عن تفاصيله وبرنامجه وأين كان وإلى أين سيمضي.. النساء في المدينة، العاديات، وقد قيل عن القاتل المجهول إنه يتخير ضحاياه من بين المومسات، اعتراهن خوف مشروع إزاء «هذا الجنون القاتل»، فصرن يسألن: وماذا إذا تغير منهجه وقصد جنس النساء «فقط لأنهن نساء».. إلى آخر الأسئلة المرتعدة. لذا اضطر أصحاب الدكاكين ومحطات الخدمة ممن يستخدمون فتيات في أوقات العمل الليلي، إلى تزويدهن بأجراس إنذار لتطمينهن في حالة تعرضهن لأي هجوم خلال دوامهن. ولكن كثيرات فضلن البقاء في بيوتهن، ولم تنفع لتهدئة روعهن الأجراس.

وحسب «بي.بي.سي»، فإن أندية إيبيسويتش شهدت تناقصا ملحوظا في مرتاديها، وكانت البنات لا يسرن في الشوارع، إذا سرن، إلا في جماعات، أو اثنتين اثنتين، أو مع أصدقائهن من الشبان، فيما انشغلت غير دائرة في المدينة بالبحث والتنقيب والتحليل لشخصية القاتل مما ترك من آثار ومما اعتمد من أسلوب، لا سيما في رمي جثث ضحاياه.

فها هو الدكتور كيث أشكروفت، الأخصائي في علم النفس الجنائي، يقول إنه يغلب احتمال أن يكون القاتل يحمل ضغينة شديدة لقوة الشرطة في المنطقة، وكونه (القاتل) يرمي جثث قتيلاته في أماكن مكشوفة، وكأنما «يغيظ» الشرطة و«يستفزها» بأنها، مثل بقية الخلق، لا تأتي لتعرف ما حدث إلا بعد ان يبلغ عن الأمر عابر سبيل. لذا فإن هكذا إضاءة ربما تقود إلى تركيز التحري حول من كانت لهم مشاعر كراهية لقوة الشرطة. ويضيف الأخصائي أشكروفت «إن القاتل يريد أن يقول إن «الشرطة عاجزة.. انظروا.. لا يكتشفون.. يأتون بعد الاكتشاف». وحذر أشكروفت من ان الطريقة التي تغطي بها وسائل الإعلام أخبار جرائمه «تغذي غرور ذاته»، لافتا إلى أن هناك احتمالا كبيرا في ان يكون في تاريخ القاتل فشل مستمر الأثر بسبب علاقات عاطفية سابقة جعلته يبحث عن «الثأر» في أشخاص نساء ضعيفات. ولم يستبعد أشكروفت ان يكون مع القاتل من يساعده في أفعاله الإجرامية.

وهكذا بعد مرور ما يزيد عن قرن على وفاة جاك ذا ريبر، تعود القشعريرة من جديد لتعتري سكان الجزيرة البريطانية، عندما يطل عليهم من يحيي ذكراه المقيتة.. ذلك السفاح الأشر الذي لم يتوصل الناس لمعرفة هويته الحقيقية حتى يومنا هذا. وتذكيرا بقصته فهو مثل سفاح اليوم.. كان ينصب كمينه لمومسات شرق لندن في شوارع ضيقة، تحديدا في منطقة وايت تشابل وما جاورها، حيث تنتشر الحانات وعلب الليل، وتجد المومسات الراغبين في اصطحابهن. وكان يستدرج الواحدة منهن ويقتلها، ثم يقطعها أجزاء.

ومرة أخرى تترقب بريطانيا شرطتها، ويجتهد سكانها للمساعدة بأي معلومة، مهما كانت «خفيفة»، للتوصل إلى الجاني. وحتى الأمس تلقت شرطة إيبيسويتش أكثر من 2000 اتصال ومعلومة. وقالت أمس، حسب الوكالات وبي بي سي، إنها تبحث عن سيارة بي ام دبليو زرقاء اللون كانت صعدت اليها احدى بائعات الهوى الخمس اللواتي قتلن في ايبسويتش شرق بريطانيا، قبل ان يفقد اثرها. واكد المفوض المكلف التحقيق في القضية ستيوارت غول اليوم الخميس ان عملية التفتيش هذه تمثل «احد اوجه» التحقيق الجارية في القضية. وحصلت الشرطة على شهادة بائعة هوى اسمها «لو» اكدت انها شاهدت انيلي الدرتون، 24 عاما، وهي تصعد الى هذه السيارة التي كان يقودها رجل قوي البنية شعره بني اللون في 30 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي. ولم تظهر الفتاة منذ ذلك التاريخ قبل ان يعثر على جثتها في العاشر من ديسمبر (كانون الاول) في غابة بناكتون جنوب شرقي اييسويتش.

ويتعلق الجمهور البريطاني بلهف أن تثمر التحريات الجارية في محاصرة الجاني والقبض عليه قبل أن يفتك مرة أخرى، أو تبقى هويته غير معروفة حتى وفاته، مثلما حدث مع جاك ذا ريبر، من لا زالت الأدمغة مشغولة بـ: من هو؟؟