«ليالي الأنس في فيينا» مع المغربية كريمة الصقلي

TT

اولى محاولاتها كانت رائعة ام كلثوم «أغدا ألقاك» حينها كانت في التاسعة من عمرها، لكنها نجحت بشهادة كل من سمعها، مما شجعها لمزيد من المحاولات، رغم ما كان يعتريها من خجل. وفي عام 1999 غنت لاسمهان، وتلك كانت بداية مشوارها الرسمي، كمطربة عربية من المغرب. انها كريمة الصقلي، التي يعتبرها كثيرون متخصصة في اعمال رواد الطرب العربي، اسمهان وام كلثوم ومحمد عبد الوهاب وليلى مراد وسعاد محمد. فيما تصر انها، وبكل تواضع، «تلميذة» في تلك المدارس، التي سجلت وما تزال حضورها عند الحديث عن فن الغناء العربي والتراث الاصيل.

كريمة الصقلي، غنت فاطربت في العاصمة النمساوية فيينا، وكانت لياليها «ليالي انس» ومرح وفرح تماما كالتي خلدتها اسمهان. وفي حديث قصير مع «الشرق الاوسط»، اكدت ان الاداء في مدينة الاوبرا عمل لا بد ان يكون مميزا: «لقد حاولت، وقد اضاف الجمهور بحضوره المميز الكثير من النجاح، اذ لا يكفي ان اغني لينجح الحفل، بل لا بد ان يكتمل العمل الاصيل الذي اؤديه بالاستماع الجيد. وهذا ما احسسته هنا. لقد تقاسمنا الادوار».

ومن قبل غنت كريمة في باريس وفنلندا وفيينا اكثر من مرة، وستعود العام الجديد. وهكذا صارت حياتها، من مراكش موطنها ومنبع حنانها تشرق وتغرب لتعود لاسرتها الصغيرة «زوج وثلاثة اطفال». وتجاهد، رغم ضيق وقتها، لأن تحقق رغباتهم، خاصة ابنتيها، باختيار هدية نمساوية، من مدينة اصبحت معلما للحفاظ على التراث، وذلك شغل كريمة الشاغل. ورغم انها لا تنكر ضرورة مواكبة العصر، لكنها تشدد على ضرورة الابتعاد عن الابتذال، ولذلك فانها تسعى دائما لاختيار الكلمات الراقية المعبرة والموزونة، بالاضافة الى اللحن الجيد. انها ببساطة تدقق في اعمالها الخاصة، حتى يقبل عليها الجمهور اقباله على ادائها، عندما تغني للكبار. وعلى هذا المنوال قدمت وصلات على مقام «الراست»، بالاضافة لمجموعة اعمال ناسبت صوتها، منها موال ودور وموشح وطقطوقة، كما انها تتوقع اصدار اعمال أدتها بالتعاون مع المعهد العربي بباريس، لكن وللاسف، تأخرت تلك الاعمال، ولأسباب تجهلها، وهي من تلحين التونسي لطفي بوشناق وكلمات التونسي ادم فتحي.

وتستطرد: عندي انفتاح على اعمال اخرى والتعامل مع عدة اشكال وانواع، طالما كانت اعمالا ذات عمق، ومن ذلك ما سجلته حديثا كعمل مغربي في لغة تجمع بين الفصحى والزجل، من شعر محمد الباتولي وتلحين نعمان الحلو وتوزيع موسيقى لمولاي رشيد الرجراجي، مما يمثل نوعية انتقالية اخرى... بل انها تجربة جديدة.

وتواصل كريمة حديثها في تواضع محبب: «ان الصوت الحسن منحة إلهية، لا بد من صقلها واختيار ما يناسبها، حتى لو كان لاخرين من دون تقليد، وكل له مميزاته، ولهذا فانها عندما تغني لاسمهان او ام كلثوم لا تسعى لتقليدهما، بل تتبع خطى مدرستهما، التي تعلمت منها الكثير لتمرين صوتها تقنيا وعمليا وحسيا.