محراب ومذبح في مبنى واحد يحمل قطعة من التاريخ العربي الأوروبي

مسلمون إسبان يطالبون باستخدام مسجد قرطبة

TT

أحد معالم مدينة قرطبة الذي يربطها بماضيها الاسلامي هو مسجد قرطبة الكبير الذي يطلق عليه سكان المدينة اسم «مسكويتا» أي المسجد. والمسجد المقام على طراز معماري بديع ويجمع بين الملامح المعمارية الاسلامية وبعض صفات العمارة الرومانية يضم داخله مبنى لكاتدرائية اقيمت في القرن الثالث عشر عندما احتلت قوات مسيحية المدينة منتزعة اياها من أيدي الموروفي عام 1492 والذين مول ملكهم تشارلز الخامس عملية تحويل المسجد إلى كاتدرائية في القرن الـ 16.

فقد كانت المدينة الواقعة جنوب إسبانيا ذات يوم عاصمة اسبانيا المورية حيث ارتفعت قيمة المسجد إلى حد اعتباره ثالث المقدسات الاسلامية التي يحج الناس إليها بعد الكعبة في مكة والمسجد الاقصى في القدس.

ويشهد المسجد الرائع، الذي أعلنته الامم المتحدة موقعا تراثيا عالميا عام 1984، بمدى ما وصل إليه التقدم والفن المعماري في اسبانيا المسلمة، كما انه يعد واحدا من رموز العلم والفكر في أوروبا في القرن العاشر حسب تقرير لوكالة الانباء الالمانية (د. ب.أ). الكاتدرائية التي اقيمت في داخل المسجد تحتل حوالي 25% من مساحة المسجد الاصلية الذي يتميز من الداخل بالاقواس المتداخلة والمخططة باللونين الابيض والاحمر فيما يشبه الخيمة العربية وان كانت الاعمدة في اصلها بقايا اعمدة استخرجت من معبد روماني مدفون تحت ارض المسجد. وبهذا المعمار تتداخل حضارتان ويتم ذلك التداخل بناء الكاتدرائية داخل حدود المسجد وهو ما يجعل البناء فريدا في نوعه. واقيم مذبح كاثوليكي وصف مقاعد لجوقة من المنشدين امتزجت بمعالم إسلامية مثل المحراب الذي اقيم في القرن العاشر وجلب لصنعه العمال من القسطنطينية وتطعيمه بالفسيفساء.

ومن المعروف انه من غير المسموح للمسلمين بالصلاة في المسجد، وحتى وقت قريب كانت قلة فقط من الاسبان هي التي تتساءل عن اقتصار استخدام المبنى على الكنيسة الكاثوليكية بيد انه بعد وصول نحو 800 ألف مهاجر معظمهم من مسلمي المغرب على مدى السنوات الاخيرة ثارت تساؤلات جديدة بشأن هذا الاستخدام. كما أن آلافا من الاسبان الذين يزعمون أن لهم جذورا اسلامية تحولوا إلى الاسلام في مدن مثل غرناطة التي كانت ذات يوم واحدة من معاقل المورو.

قام منصور اسكوديرو احد الذين تحولوا إلى الاسلام ويرأس حاليا المجلس الاسلامي الاسباني بأداء الصلاة أمام المسجد أخيرا للاعلان عن حق المسلمين في استخدامه في الصلاة. وكتب المجلس إلى البابا بنديكتوس الـ 16 مقترحا تحويل المسجد إلى معبد عالمي يستطيع المسيحيون والمسلمون وغيرهم أداء الصلاة فيه معا و«دفن المواجهات السابقة». كما أرسل المجلس خطابا مماثلا لرئيس الوزراء خوسيه لويس رودريجز ثاباتيرو، حسب تقرير د.ب.أ.

وتنأى المنظمات الاسلامية في اسبانيا بنفسها عن دعوة اسامة بن لادن للمسلمين «باسترداد الاندلس» الاسم التقليدي لاسبانيا المورية.

وقد أدانت تلك المنظمات حادث تفجيرات القطارات في مدريد عام 200 التي نفذها إسلاميون من المغرب بالاساس وأودت بحياة 19 شخصا.

وصرح اودالا كونجيت، سكرتير المجلس الاسلامي، لوكالة (د.ب.أ) عبر مقابلة هاتفية بقوله إن المسجد وهو مبنى «ذو قوة رمزية هائلة» يمكن أن ينير الطريق نحو «روحانية كونية».

وأضاف «يمكن أن تكون اسبانيا المفتاح الذي يفتح الباب أمام السلام»، مشيرا بذلك إلى عصر المورو عندما عاش المسيحيون والمسلمون واليهود في تناغم نسبي. بيد انه بعد إعادة احتلال اسبانيا قامت الهوية الاسبانية بصورة واسعة على صيغة متشددة للهوية الكاثوليكية كعلامة فارقة عن الاسلام.

وأخيرا فقط بدأ الاسبان في التخفيف من حدة التقاليد التي اتسمت بالعداء للمسلمين.

وكان الفاتيكان قد رفض في وقت سابق التماسات للمسلمين بالسماح لهم بالصلاة في مسجد قرطبة لكن كونجيت يأمل في اتخاذ البابا بنديكتوس الـ 16 موقفا أكثر لينا.