جمعيات الرفق بالحيوان تنحاز إلى جانب الثعالب ضد الأرانب

حملات ألمانية لمساعدة صغار الضفادع والسلاحف في موسم التناسل

TT

لم تفضل جمعيات الرفق بالحيوان يوما حيوانا على آخر، ودعت دائما لوقف إبادة الضفادع والنمور والقرود والسلاحف. وكانت جمعيات الرفق بالحيوان الألمانية سباقة في ميدان النضال ضد مصارعة الثيران في اسبانيا وصراع الديكة في تشيلي والرهان على قتال الكلاب (السري) في ألمانيا.

بل ان تاريخ «المنظمة الأوروبية للحفاظ على البيئة» يشير إلى أنها وقفت بشدة ضد قتل الدب المشاكس «بيرلسكوني» الذي دوخ بافاريا في العام الماضي بهجماته على القرويين عبر الحدود الإيطالية.

وتنظم المنظمة سنويا حملة لمساعدة صغار الضفادع والسلاحف، في موسم التناسل، على الطرقات السريعة والشوارع الريفية. كما أنها وقفت بشدة ضد نقل النفايات النووية بين لاهاج الفرنسية والمقبرة النووية في اهاوس الألمانية، وأيدت بشدة قرار منع صيد الثعالب في بريطانيا.

إلا ان المنظمة اضطرت اخيرا، كما يبدو، للتمييز بين الحيوانات في إطار محاججاتها مع مدينة كولون حول قرار قتل الثعالب. وأحدثت المنظمة انشقاقا في الجمعيات البيئية حينما استرخصت قتل الأرانب بدل الثعالب في وقت يعتصم فيه أعضاء منظمة «باندا» في كولون ضد بناء مدينة ألعاب في منطقة خضراء قرب نهر الراين. ويرى أعضاء منظمة باندا أن تقليد بناء مدينة الألعاب، وخصوصا الدولاب الضخم، في هذه المنطقة الخضراء مع قدوم أيام الربيع سيؤدي إلى موت الكثير من الأرانب.

وكانت مدينة كولون قد وافقت في قرار رسمي على قتل الثعالب التي تكثر في مقابر المدينة التي يمتد بعضها مع الغابات القريبة. وذكر متحدث باسم بلدية المدينة ان الثعالب تنبش القبور وتتصيد الأرانب التي تكثر في هذه المقابر. وتخشى المدينة من مرض «دودة الثعالب الشريطية» التي تنتشر بين ثعالب الغابات الممتدة بين ألمانيا وهولندا وبلجيكا. وعلما أنه من الممكن أن ينتقل هذا الطفيلي إلى الأرانب والقطط والكلاب في المنطقة، ومن ثم إلى الإنسان، بفعل براز الثعالب المنتشر على النباتات.

وعارضت المنظمة الأوروبية للبيئة قرار إعدام الثعالب واعتبرته حرب إبادة ضد جنس الثعالب الأوروبية الذي بدأ ينقرض من المنطقة. وذكر نوربرت غونستر، رئيس المنظمة، أنه يشك بانتشار مثل هذا المرض بين ثعالب المنطقة وطالب مديرية صحة المدينة باثبات ذلك مختبريا. وشكك غونستر أيضا بوجود أعداد كبيرة من الثعالب في مقابر مدينة كولون وطالب البلدية بتقديم إحصائية عن عددها، وعدد المصابين منها بمرض الدودة الشريطية وعدد الصيادين الذين يهتمون بالموضوع.

وواقع الحال هناك اكثر من 100 صياد من المنطقة عبروا عن استعدادهم للمشاركة في صيد الثعالب الكولونية بعد أن فتحت البلدية النار عليها. وأكد مصدر في المدينة أن مديرية الصحة ستتولى تعيين صيادين كفوئين وقادرين على التعاون في المجال الطبي. تحرص المدينة على دفن الثعالب في مقبرة خاصة قرب «كيربن» ولن تسمح ببيع فرائها إلى محلات ملابس الفراء التي يقاطعها حماة البيئة.

وقال غونستر إن قتل الثعالب في ألمانيا لا يقل في هذه الحالة وحشية عن تقاليد صيد الثعالب ومطاردتها بالخيول والكلاب الفتاكة في بريطانيا. وندد رئيس المنظمة البيئية باكثر من 100 ألف صياد بريطاني عبرو عن عدم استعدادهم للالتزام بقرار حظر «رياضة» صيد الثعالب الذي صدر مؤخرا.

واعتبر غونستر قتل الثعالب الكولونية «سخيفا» لأن الثعالب هي العدو الأساسي للأرانب التي تعتبر «المدنس» الحقيقي للمقابر. وأكد أن الأرانب هي المسؤول الحقيقي عن الأضرار التي تلحق بالمقابر وليس الثعالب وإن على المدينة التوجه للتخلص من الأرانب. وبرر غونستر دعوته بالقول، إن الأرانب اكثر عددا بكثير من الثعالب، تتوالد أضعاف ما تفعله الثعالب ثم إنها اكثر عرضة للدودة الشريطية من غيرها. عدا عن ذلك، فإن اطلاق النار في المقابر، حسب رأيه، سيقلق طمأنينة وسلام الموتى.

وتعتبر دودة الثعالب الشريطية من الأمراض الخطرة على صحة الإنسان بسبب ندرة حدوثها وصعوبة تشخيصها. وسبق للمفوضية الأوروبية أن حذرت من انتشار المرض بين ثعالب الغابات السوداء (جنوب) الممتدة بين ألمانيا وسويسرا والنمسا وثعالب الغابات الغربية. وتسمى الدودة أيضا «ايتشينوكوكوس مولتيكيولاريس» وتتخذ من الإنسان وسيطا في استكمال دورة حياتها حيث تستقر في الكبد والرئتين. وتتسب الدودة بنسبة وفاة عالية بين البشر تتراوح بين 52-94% حسب سرعة التشخيص والعلاج. وتنتقل الدودة إلى الإنسان عبر بيوضها التي تتسلل من براز الثعالب إلى الخضروات والفواكه.