المراسم الملكية السعودية.. و«الأكاديمي» عبد الرحمن الشلهوب

TT

صدر أمر ملكي بتعيين الدكتور عبد الرحمن بن عبد العزيز الشلهوب نائبا لرئيس المراسم الملكية السعودية، وهو المنصب الذي ظل شاغرا منذ صدور أمر ملكي في 17 نوفمبر (تشرين الثاني) 2005 بإعفاء الأستاذ منصور بن محمد الخريجي من منصبه نائبا للمراسم، بناء على طلبه.

يأتي تعيين الأكاديمي الشلهوب في سياق مسيرة طويلة مرت بها المراسم الملكية منذ صدور الأمر الملكي بانشائها بعد دخول جدة في مشروع التوحيد السياسي الذي قاده الملك المؤسس عبد العزيز، وكان ذلك عام 1344هـ. وشكّل الديوان الملكي الذي كان أول رئيس له محمد الطيب الهزّاز، بموجب الأمر الملكي رقم 156 تاريخ 3/9/1344 هـ، حتى تاريخ 21/1/1345هـ.

وتشعب الديوان الملكي إلى عدة شعب. وحسبما يشرح الدكتور عبد الرحمن الحمودي في رسالة دكتوراه خاصة عن الدبلوماسية في الاسلام، قدَّمها لجامعة أم القرى في مكة المكرمة بتاريخ تاريخ 21 محرم 1418هـ، ونال عليها درجة الدكتوراه بتقدير ممتاز مع التوصية بطباعة الرسالة.

وحسب الاستعراض الممتاز لرسالة الحمودي التي قام بها الباحث السعودي محمد بن سعد الشويعر («الجزيرة» 13 اكتوبر (تشرين الأول) 2000)، فان شعب الديوان الملكي في بواكير النشأة والأقسام صارت على النحو التالي: الشعبة السياسية وترأسها يوسف ياسين، شعبة البرقيات ترأسها محمد بن عبد العزيز الدغيثر، وحاضرة نجد ترأسها إبراهيم بن عيدان، والشؤون الداخلية عبد الله العثمان، ومكتب المطبوعات إبراهيم بن عبد الله الشايقي، وشؤون البادية توالى على رئاستها إبراهيم بن جميعة، صالح بن جميعة، إبراهيم بن سويلم ثم ابنه عبد العزيز بن سويلم، و«تشريفاتي» قصر جلالة الملك، الذي كان أول تشريفاتي من يتولى هذا المنصب فؤاد شاكر بموجب الأمر رقم 1259 تاريخ 28/1/1366هـ. وكان عبد السلام غالي مسؤولاً عن إسكان الضيوف بفندق «الكعكي» بمكة، وفندق «الكندرة» بجدة.

لكن المراسم الملكية لم تأخذ شكلها النهائي، وتتبلور مهامها بنحو دقيق إلا بعدما تغير اسمها من «التشريفات الملكية» إلى المراسم الملكية. وكانت التشريفات الملكية قد نشأت في عهد الملك سعود في شهر صفر 1375هـ، وكان أول رئيس لها صالح إسلام، ويعاونه محمد بن عبد الله بن سدحان، وصالح فضائلي ومحمد أبو شقارة، وخالد خليفة وغالب الرفاعي وماجد مدني.

وفي عهد الملك فيصل؛ تمّ تغيير مسمى التشريفات الملكية، إلى المراسم الملكية اعتباراً من شهر رجب 1389هـ، وذلك بموجب الأمر التعميمي رقم 13301 تاريخ 27/6/1389هـ، الموجه لوزير المالية. وفي عهد الملك خالد صدرت الموافقة بضم الإدارة العامة لقصور الضيافات الحكومية التابعة لوزارة المالية إلى المراسم الملكية، وكان يرأسها سليمان الحماد الشبيلي.

المراسم الملكية تعتبر من أكثر المواقع دقة وحساسية، إذ أن مهامها تتعلق بالبروتوكول، والحرص على سير التفاصيل البرتوكولية على نظام دقيق، وهي تفاصيل كثيرة، ومهمة يجب ألا تغفل عنها عين المراسم، من موقع الجلوس في مجلس الملك إلى مدة الجلوس إلى ترتيب المواعيد إلى خروج الضيف إلى مرافقيه وإلى سيارته التي يستقلها إلى سكنه الذي يحل فيه ضيفا على الملك.. تفاصيل برتوكولية دقيقة وصعبة ومهمة تستدعي يقظة دائمة، وهي المهمة التي وصفها الدكتور الحمودي ـ وهو احد منسوبي المراسم بالمناسبة ـ في رسالته المشار إليها إلى أنها مهمة: «صعبة ومتعبة ومحرجة، وفي الوقت نفسه ممتعة، ولا تعتمد على الذاكرة، فإذا نجحت في مهمتك، فذلك من واجبك. وعندما يكون هناك خطأ أو نسيان لا قدر الله فالويل لك، لأنّك تعمل في خدمة أكبر شخص في الدولة، فيجب عليك الحرص والدقّة، والتنفيذ الفوريّ، لأن عمل المراسم لا يحتمل الخطأ».

وبالعودة إلى النجم الجديد في سماء المراسم الملكية، والذي حظي بثقة الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود في موقعه الجديد نائبا لرئيس المراسم الملكية، فالمعلومات عنه تشير الى خلفية اكاديمية لافتة، والى مشوار حافل في التدريس الجامعي.

فالدكتور عبد الرحمن الشلهوب المولود في العاصمة الرياض سنة 1962، وهو متزوج ولديه خمسة اطفال، يحوز شهادة بكالوريوس في العلوم الإدارية: تخصص علوم سياسية، من كلية العلوم الإدارية، جامعة الملك سعود؛ وشهادة ماجستير في أنظمة الحكم المقارنة: من جامعة ميسيسيبي، في الولايات المتحدة؛ وشهادة دكتوراه في القانون الدستوري والإداري، من جامعة إكستر (بريطانيا).

وفي عمله الجامعي استاذا، ركز على تدريس نظام الحكم الأساسي السعودي، وسلط جهده التأليفي على الوضع الدستوري في المملكة، ويتجلى ذلك في استعراض بعض عناوين كتبه مثل: «النظام الدستوري في المملكة العربية السعودية بين الشريعة الإسلامية والقانون المقارن» «الحقوق والحريات العامة في المملكة العربية السعودية كما نص عليها النظام الأساسي للحكم» وبحث بعنوان: «الخصائص العامة لأنظمة الحكم في المملكة العربية السعودية» وبحث بعنوان «التطور السياسي في المملكة العربية السعودية: دراسة مقارنة لعمل السلطتين التشريعية والتنفيذية في مرحلتي البناء الوطني وبناء المؤسسات الدستورية» تعيين الدكتور الشلهوب في هذا الموقع يأتي في سياق التطور والحركة الدائبة التي يقودها الملك عبد الله بن عبد العزيز، من ديوانه ومراسمه الى اصغر ادارة حكومية.. إيقاع ملكي لا يعرف الكلل ولا يتوقف عند لحظة ساكنة.. إنها السعودية في عهد الملك عبد الله.