«مونيه المجهول» بالأكاديمية الملكية في لندن

اسكتشات نادرة للفنان الفرنسي تعرض مجتمعة لأول مرة

TT

اشتهر الرسام الفرنسي كلود مونيه بلوحاته الزيتية الانطباعية الحالمة لأكوام الغلال والكاتدرائيات، والمدن الساحلية وبالطبع لوحات زهور الزنبق والحدائق التي تحيط بمنزله المحبب في مقاطعة جيفرني الفرنسية. وعلى العكس من شهرة معاصريه ديغا وسيزان او بيسارو، الذين اشتهروا بأعمالهم على الورق والكنفاس، فإن مونيه كان نموذجا لرسام الطبيعة.

فكلما سأله صحافي او جامع للاعمال الفنية عن الطريقة التي يعمل بها، فإنه يتحدث بحماس عن الامكانيات المطلقة للرسم خارج قيود المنزل، بلا أي ذكر للاسكتشات والرسم بالطباشير والطباعة التي كان يستخدمها بهدوء في اعماله.

واراد مونيه تقديم نفسه كرسام عظيم في عصره، كما اوضح ريتشارد كندال امين المتحف في معهد سترلينغ وفرانسين كلارك للفنون في وليامزتاون بولاية ماساشوستس. وقبل ثلاث سنوات، اخذ كندال وجيمس غانز امين الطباعة والرسومات والصور الفوتوغرافية على عاتقهم الاجابة على السؤال، والنتيجة التي توصلا اليها هي جوهر معرض «مونيه المجهول» وهو معرض يضم 100 عمل ـ من الرسومات والاسكتشات والمطبوعات، بالاضافة الى بعض الرسومات المتعلقة بذلك ـ الذي سيفتح ابوابه في 17 مارس في الاكاديمية الملكية للفنون في لندن وسيصل في 24 يونيو الى معهد كلارك في وليامزتاون.

واوضح كندال وغانز ان المعرض سيكشف ان مونيه ليس الشخص المعادي للحرفية كما كان يزعم، وانه اعتمد على الاسكتشات لاعداد لوحاته وكوسيلة تعبير مستقلة.

وكان مونيه يرسم اسكتشات طوال حياته التي استمرت 7 عقود، وكان يرسم في كتيبات صغيرة وهو مراهق ويرسم لوحات للسواحل بالطباشير عندما كان في العشرين من عمره. وكان يرسم الاسكتشات بطرق مختلفة باستخدام مواد مختلفة، وفي سنواته الاخيرة رسم اسكتشات تجريدية بالكربون والقلم الرصاص مثل لوحته «دراسة للوحات الزنبق». وبالرغم من ان مونيه ساهم في تأكيد الخرافة بانه لا يرسم اسكتشات بل لا يعرف كيف يفعل ذلك، فإن 500 عمل تقريبا ضمن مجموع اعماله التي تصل الى 2500 عمل المذكورة في كاتلوجه الذي نشر في عام 1991 وخصص مبدئيا لرسوماته على الورق، وبالرغم من ذلك لم يهتم كثير من العلماء بهذا الجانب.

ولم يكن غانز يدري أن معرفة الخبراء برسومات مونيه محدودة الا عندما بدأ بحثا عن لوحة رسمها مونيه بالكربون كتجربة اولى للوحته الزيتية المعروفة «منظر من روين» ويؤكد غانز ان الاسكتش واللوحة الزيتية سيعرضا سويا في المعرض القادم. وبعد رؤيته لهذه اللوحة التقى غانز بكندل واقترح عليه انشاء معرض يخصص لاسكتشات مونيه وخاصة «منظر من روين» ولكن بعد مناقشة الامر مع خبراء في فن مونيه والرجوع لمديرة الاكاديمية الملكية في لندن اتسعت الرؤية واصبح المعرض لاكبر مجموعة موجودة لرسومات مونيه على الورق.

وكانت نقطة البداية من حفيد صديق عائلة مونيه زافيير بيغين بيليكوك الذي عثر جده على مذكرات مونيه التي كتبها على مدى 30 عاما. وعلى سبيل المثال، عندما كان عمره 17 عاما وصف بيغين بيليكوك تقنية رسمه السريع بالقلم بأنها «انطباعية»، كما كتب ايضا ان الرسومات نفسها تتميز بـ«التفصيل والدقة والرقة» وتعكس المنازل والأشجار والناس... الخ في افضل صورة ممكنة. وفي لقاء بالهاتف قال خافيير بيغوين بيليكوك ان مونيه كثيرا ما كان يرسم في الريف او على البحر عندما يكون في عطلة مع الاسرة، ويضيف ايضا انهم ربما يذهبون لاستكشاف الريف، حيث كثيرا ما يرسم وهو بين الأشجار، وقال ايضا انه كان يرسم في الريف في أماكن مثل دوفيل وهانفلور. تظهر على المجلة ايضا نكهة الحياة الباريسية في وقت يجتمع فيه الاصدقاء للعزف على الآلات الموسيقية وحضور عروض الاوبرا والحفلات والرسم. اعمال مونيه تتضمن وصفا دقيقا للشباب والبيئة الاجتماعية، كما ان وصف الاسكتشات التي كان يستخدمها، حسبما جاء في المجلة، تتضمن اعمالا بقلم الرصاص للمعمار المحلي والأشجار والقوارب ومناظر المراعي. وتضمنت الاسكتشات اعمالا متميزة بالألوان وقلم الرصاص، وهي أعمال جميلة حتى عندما يرسمها على عجل. وعلى حد وصف ثيوفيل بيغوين بيليكوك، كان مونيه يتمتع بمقدرة غير عادية على التعرف على العناصر الاساسية للمشاهد التي يرسمها في أعماله. لا تزال هناك تساؤلات حول تطور مونيه، في هذا السياق يقول كيندال انه من السهل الفصل بين عمل مونيه في فترة الشباب لأنها أقل تميزا، ولكن بنهاية عقد الستينات من القرن التاسع عشر بدأت أعمال مونيه تحمل قسمات ذكاء لا تخطئها عين خصوصها رسوماته لشاطئ نورماندي بألوان شمع سوداء، على الرغم من انه لم يعرف السبب وراء انتاجه لهذه الأعمال. في اول معرض انطباعي في باريس عام 1874 عرض مونيه سبعة من أعماله، إلا ان هذه الأعمال لم يرد ذكرها في أي من أعمال النقاد. ويقول كيندال ان مونيه كان يرغب في العمل وهذا هو السبب في رسمه للوحات ملونة لجسور وأنهار لندن. وستعرض ست من ضمن لوحاته الملونة الـ26، التي تعود الى تلك الفترة الى جانب لوحتين، واحدة لجسر ووترلو (عام 1901 تقريبا) والأخرى لجسر تشيرينغ كروس (عام 1900 تقريبا).

* خدمة «نيويورك تايمز»