البحث عن عروس في صالونات التجميل

TT

«أنتِ من عائلة من؟ وأي منطقة تعودون إليها؟ وكم عمرك؟» في إلحاح كانت تسأل سعاد علي كل من كانت تجلس بجانبها في استراحة الانتظار داخل صالون التجميل النسائي بأحد أحياء مدينة جدة الراقية، أثناء انتظار دورهن للدخول إلى غرفة التجميل التي أسمتها سمية فايز إحدى المنتظرات «غرفة الحظ السعيد» لأنها كما تقول عنها «أتفاءل بها، فكل من تدخلها بوجهها الشاحب والكئيب تخرج منها بابتسامة عريضة في مظهر جميل». لكن سعاد وأخواتها المنتظرات اللاتي ترأسن الصالة وجدن أن المكان مناسبا للبحلقة بأعينهن في وجوه الجالسات والمارات بجوارهن بين غرف التزيين المختلفة للبحث عن عروس صغيرة لا يتجاوز عمرها 15سنة من الصغيرات اللاتي لم يتم تزيينهن كي يخطبنها لأخيهن، ولا يترددن أبدا في سؤال من يقبضن عليها عن عمرها وإن كانت «أسرتها تزوجها صغيرة قبل إكمال الدراسة». أسئلتهن أثارت ملامح التعجب على وجوه الأمهات كأم غدير الطالبة في المرحلة المتوسطة، عندما قالت «هل افهم أنكم ترغبون بمشروع خطبة هنا في صالون التجميل!!» تجيب سعاد «نريد أن نخطب لأخينا ونرغب بفتاة صغيرة كابنتك» لكن لماذا يبحثن عن عروس في صالون التجميل؟ تقول رانيا أختها «هذا هو المكان المناسب، فهنا لا يوجد تزييف والفتيات يظهرن بطبيعتهن دون تزيين أو أي استخدام للماكياج». لكن رد أم غدير التي استهجنت طريقة الخطبة كان حازما حينما أخبرتهن أنها لا تنوي تزويج ابنتها لأنها صغيرة حتى تكمل دراستها الجامعية، وذلك ما أثار لدى المنتظرات نقاشات وثرثرة نسائية التهمت معها عدد دقائق الوقت التي لا تحصى للدخول إلى حجرة «الحظ السعيد» بين موافقة ومعترضة.

سناء الغامدي وجدت أن البنات خلال مراحل تعليمهن قبل الجامعي يكن في فترة «خصبة لأن طلب خطبتهن يكون نشيطا بخلاف المرحلة الجامعية التي يقل نصيبهن فيه فيما يبدأ بالضعف بعد التخرج الجامعي وقد ينعدم» وهو ما اتفقت معه الأختان سعاد ورانيا اللتان ضربتا مثلا بنفسيهما أنهما تزوجتا في المرحلة المتوسطة «فالزواج أهم من الدراسة خاصة أن الشهادات الجامعية لم تعد ذات أهمية في ظل البطالة» كما تقول سعاد محاولة إقناع أم غدير بمشروع خطبة ابنتها·فيما اختلفت معهن ريم وهي طالبة جامعية كان قد وقع عليها الاختيار أولا من قبل سعاد وأخواتها لضآلة جسدها لكنهم غيروا خيارهم كونها جامعية وقالت «من المهم إكمال الدراسة لأنها ضمان اجتماعي غير قابل للمزايدة فيما قد يكون الزواج ناجحا أو فاشلا ينتهي بالطلاق كحال الكثيرات من الشابات اللاتي ندمن على عدم إكمال دراستهن».

وافقتها نسرين الرأي مؤكدة أن المسألة أولا وأخيرا كما قالت «قسمة ونصيب تتبع إرادة الله، وأن صالون التجميل مكان مناسب لأهل العرسان للحصول على عروس بمظهر طبيعي لا يزيفه التجميل «لكنه في رأيها ليس الأساس الصحيح «كون الجمال الروحي والإيماني أهم من الشكل» كما قالت، وفيما تكمل حديثها قاطعتها سعاد لتسألها عن قريبتها بجوارها «كم عمرها، وهل تزوجون قبل إكمال الدراسة ومن أي منطقة يرجعون» لينتهي النقاش بدخول سعاد إلى غرفة «الحظ السعيد» فيما علقت غدير الطالبة بالمتوسطة ابتسامتها مع نظرة خجولة تائهة.