إيرانية تقتحم عالم أفلام الرسوم المتحركة

فيما شبه بالمسلسلات الشعبية الأميركية

TT

تلتمع حياة مارجين ساترابي أمام عينيها. فقد كانت هناك فتاة لعوب في شوارع طهران تشتري تسجيلات محظورة خلال الثورة الاسلامية. وتنشد الاغاني في غرفة نومها، وترتدي وشاحا على رأسها في المدرسة. وتتألم بسبب السجن السياسي لعمها. وتقع في الحب لأول مرة. وتقول وداعا لوالديها المحبوبين وهما يرسلانها، كطفلة وحيدة، لتجد الحرية والسلوان في الغرب.

وقالت ساترابي ،37 عاما، خلال العمل في فيلم رسوم متحركة اعتمادا على كتابها الكوميدي الذي ضم ذكرياتها والموسوم (بيرسوبولس)، الذي حظي بتقدير النقاد «تخيل ان ترى وجهك في كل مكان وفي كل المراحل العمرية من الفتاة الصغيرة الى الانسانة البالغة». والنسخة الأصلية للفيلم ناطقة بالفرنسية وتشتمل على أصوات الممثلة الفرنسية الأسطورية دانييل دارو باعتبارها جدتها، وكاترين دينوف باعتبارها أمها، وكيارا ماستروياني، ابنة مارسيلو ماستروياني وكاترين دينوف، في دور مارجين. اما النسخة الانجليزية، التي ستشتمل أيضا على كاترين دينوف وجينا رولاند في دور الجدة، فمن المنتظر ان تنتج من قبل «سوني بيكتشرز كلاسيكس» هذا العام.

وقد رسمت ساترابي نفسها آلاف المرات، ولكنها وجدت من المدهش ان تشاهد ايماءاتها الحية في رسوم متحركة على شاشات الكومبيوتر في مكاتب الفيلم. وقالت، اخيرا، انها تعلمت ان تضع مسافة عاطفية بين نفسها وبين شخصيتها. وأوضحت انه «منذ البداية شرعت بالحديث عن مارجين ووالديها، لأنه لا يمكن القيام بالعمل بصورة أخرى. فهناك اشخاص يرسمون جدتي على سبيل المثال، وجدتي متوفاة. أما هنا فانها لا تتحرك حسب وانما يتعين علي النظر اليها، صورة بعد اخرى. واذا ما فكرت ان هذه هي جدتي وهذه هي قصتي فسأبدأ بالبكاء طيلة الوقت. وليس من السهل بالنسبة لرسامي الرسوم المتحركة اذا ما بدأت اتحدث عن نفسي، فذلك سيدهشهم».

وقصة ساترابي مرسومة بأسلوب بسيط ولكنه مثير ينقل أقصى المشاعر بصور تبدو ساذجة بالأسود والأبيض. وقد نشرت أول مرة في فرنسا عام 2000 حيث عاشت في المنفى الذي فرضته على نفسها لمدة 12 عاما. وعندما نشر الكتاب في الولايات المتحدة عام 2003 قالت ان المديرين التنفيذيين في هوليوود عرضوا شراء الحقوق لأغراض الاعداد، وبينها سلسلة تجري أحداثها في طهران شبيهة بـ«بيفرلي هيلز 90210». وكمشاهدة متحمسة عملت في لجنة التحكيم بمهرجان كان السينمائي توصلت الى ان اعداد نسخة سينمائية لقصتها كان فكرة سيئة. وقالت «عندما تصنع فيلما اعتمادا على كتاب فانه لا يحقق النجاح عادة». ولكن عندما عرض المنتج مارك انطوان روبرت جمع اموال لانتاج فيلم في فرنسا وافقت ساترابي بموجب ما افترضت انه شروط مستحيلة. وعلى الرغم من انها لا تتمتع بخبرة سينمائية ارادت ان تخرج الفيلم بنفسها بالأسود والأبيض. وأرادت ان تؤدي كاترين دينوف دور أمها.

ودفعها زميلها مؤلف الكتب الكوميدية فينسنت بارونود، الى العمل سوية واعدا نسخة فيلم مدته 90 دقيقة. وفي النسخة حافظا على روح الكتاب وسعيا الى ايجاد سبيل الى تفسيره بصورة مختلفة في الفيلم. وقالت ساترابي انها كتبت «بيرسيبولس» كجواب على السؤال الملح عما يعنيه ان يكون المرء ايرانيا. وأدى نجاح كتابها الى التعليم به في 118 كلية في الولايات المتحدة، فضلا عن المشاركة في الحديث عن أصداء الكتاب عالميا، حيث ترجم الى لغات أخرى. وقالت «فجاة قلت في نفسي هذه قصة عالمية. أردت ان اظهر ان كل الدكتاتوريات، سواء كانت في تشيلي او الثورة الثقافية في الصين او بولندا الشيوعية، هي النظام ذاته. وهنا في الغرب نحكم على الأمر لأننا معتادون على الديمقراطية».

وقال مارك جوسيه، المخرج الفني والتقني للفيلم «مارجين هنا، وهي تشارك في كل قرار. انها تعطينا دروسا في الكيفية التي يرتدى بها الوشاح في البيت وكذلك في الشارع في ايران، وهي اشياء هامة بالنسبة لحيوية القصة».

وقال جوسيه ان الأمر تطلب شهورا لتحديد الأسلوب السليم للرسوم المتحركة، مضيفا اننا اردنا ان يكون الفيلم، على الرغم من كونه فيلم رسوم متحركة، فيلما واقعيا كما لو انه مصور بطريقة حية.

وقد سجلت الأصوات قبل ان يبدأ الرسامون عملهم. وسمحت ساترابي لنفسها بان تسجل بينما كانت تؤدي الايماءات الجسدية لكل مشهد من اجل منح فريق العمل مرجعا لحركات الجسد.

وقال كريستيان ديسماري الرسام الرئيسي «كان بوسعنا ان نقوم بأي عدد من الحركات لتكون متناسقة مع الكلمات، ولكن مارجين أرادت أن تجسد كل شخصية فعلا، من اجل استخدام الايماءات الايرانية. ولا نعرف كيف نقوم بذلك».

وقالت ساترابي «أدركت أنني اتمتع بموهبة لم أكن اعرفها. ففي فرنسا يقول لي الناس ان كل شيء مستحيل. لدي حيوية الشخصية الأميركية. أقول للناس: أجل، سنبدع فيلما عظيما. وسرعان ما يدرك المرء ان لديهم أفكارا لم تكن لديك. من الصعب علي، على ذاتي، أن أقول ما يلي: بالنسبة لي الفيلم أفضل من الكتاب».

* خدمة «نيويورك تايمز»