رجال الأعمال «الصغار» قادمون

وجه الحلم الأميركي أصبح أصغر وأغنى

TT

واحد من الايام المفضلة لبرادلي زيغلر هو اليوم التالي لاحتفالات الكريسماس، عندما تبدأ المحلات في بيع الالعاب الالكترونية وأقراص «الدي في دي» بأسعار مخفضة. وكما فعل في العامين الماضيين يشتري برادلي كميات من الاقراص بسعر لا يزيد على 3.99 دولار للعبة او الفيلم، ثم يبيعها في المزاد بما يقرب عشر مرات من ثمنها الاصلي في موقع «ايباي».

غير ان جهاز الكومبيوتر الخاص به يغلق في تمام التاسعة والنصف مساء (لوائح المنزل) ولكن تعجبه فكرة انه يمكنه ربح ما يقرب من 50 دولارا او اكثر قبل موعد الافطار في اليوم التالي لأن لا حد في ايباي يعرف انه في الخامسة عشر من عمره او يهتم بأنه لا يزال نائما.

ويطلقون عليه في مكتب البريد المحلي في مقاطعة برغن بولاية نيوجيرسي اسم دونالد ـ على اسم الملياردير الاميركي دونالد ترامب، غير ان امه سوزان بويد وهي مدرسة ابتدائية تفضل لو كان لابنها مثلا اعلى يشتهر بالأعمال الخيرية.

تجدر الاشارة الى ان المراهقين في الولايات المتحدة، في الاونة الاخيرة، بدأوا ينظرون الى رجال الاعمال باعتبارهم ايقونات تحتذى مثل نظرتهم لنجوم الروك والرياضة، فامتلاك عملك الخاص امر مثير، اما اذا ما امتلكت عملك الخاص قبل سنة العشرين فهو اكثر اثارة.

وقد بدأ المؤلفون ودور النشر، بعدما شعروا بأهمية هذا المجال، في نشر الكتب والمؤلفات التي توضح وتشرح كيفية الاستثمار بالنسبة للمراهقين. وظهرت كتب مثل «8 خطوات للحصول على اموال اكثر مما يحلم به والديك» و«الاب الثري، الاب الفقير للمراهقين: اسرار الاموال التي لا تتعلمها في المدرسة». ومنذ صعود وهبوط الاقتصاد مرة اخرى، فإن وجه الحلم الاميركي اصبح اصغر واغنى.

ومع انتشار الاخبار عن الشباب والشابات الذين حققوا ثروات، وهم في العشرينات من اعمارهم، قيمتها ملايين الدولارات من افكار توصلوا اليها على جهاز الكومبيوتر المحمول او في غرف النوم في السكن الجامعي (مثلما فعل مؤسسو يوتيوب ومايسباس وفيسبوك)، فان الكثير من المراهقين قد اصبح لديهم حلمهم الخاص بان يصبحوا المديرين التنفذيين لشركاتهم الخاصة.

وتوضح اتوسا رونشتاين، 35 سنة، رئيسة التحرير السابقة لمجلة كوسموغيرل، التي اسستها عندما كانت في السادسة والعشرين من عمرها «هؤلاء الاولاد يريدون الحصول على أموال، وقد أصبح امتلاك عملك بمثابة العملة الاجتماعية هذه الأيام، كانت العملة الاجتماعية في الماضي هي الملابس او الرياضة التي تمارسها».

ويقول بيتر لينسون وهو تلميذ في مدرسة ثانوية في مانهاتن في السابعة عشرة من عمره انه يأمل في ان يصبح اسم شركته «كاراميل بيت» مشهورا في يوم من الايام، الا انه من الملحوظ ان بيت اختار هذا العمل وهو بيع الكاراميل عبر الانترنت، لأنه عمل فردي، وهو ما يناسب شخصيته فهو يميل للفردية حتى في المجالات الرياضية التي يهواها ويمارسها، وأمه ستاسي سلدن قاضية في مدينة نيويورك، بينما يعمل أبوه جيف ليبنسون في مجال المحاماة. ويوضح ليبنسون انه كان يعتقد ان ابنه كان سيسعى للتدرب في شركة على عمل معين، «إلا أنه اختار هذه الفكرة الواضحة، وقد التحق بدورة دراسية في مجال تصميم مواقع الانترنت. ثم ارسل مجموعة من الكاراميل الى موقع الحلويات المفضل له، الذي مدح منتجه، واضاف وصلة لموقعه وهكذا ظهرت شركة بيتس كاراميل. ومع وجود الواجهة الالكترونية للشركة واخبار على مواقع اخرى عن بيتر والدعاية المجانية من زبائنه تضاعف حجم الطلب على كاراميل بيتر وانهمرت عليه طلبات من 22 ولاية اكثر مما يستطيع ان يلبي.

كان مات سويفت قبل عامين تلميذا في مدرسة سالزبوري للاولاد في سالزبوري بولاية كونتيكت ولم يكن من المهتمين بالرياضة ولذا كان لديه الكثير من وقت الفراغ. وكان يهتم دائما بالأعمال، فقد كان يبيع زجاجات المياه الى باقي التلاميذ خلال رحلات المدرسة. وكان يتطلع دائما الى راعيه وهو شريدان سنايدر رجل الاعمال في مجال التكنولوجيا الحيوية.

ويصف سويفت وهو الان طالب في جامعة جورجتاون خطة العمل كالآتي: كان الطعام في المدرسة سيئا، ومع تشجيع من ناظر المدرسة تيسوم تشاندرل، اسس هو واثنان من زملائه محلا للوجبات الخفيفة في بدروم المدرسة. وكانت استثماراتهم المبدئية 5 آلاف دولار لكل منهم، ودفعا لمدرس في المدرسة 50 دولارا كل يوم سبت لكي ينقلهم بسيارته الى مخازن البيع بالجملة لشراء المستلزمات.

وحقق المحل نجاحا فوريا، بالرغم من انه لا يفتح الا لمدة 45 دقيقة فقط مساء كل يوم. وبحلول الكريسماس بلغت ارباحهم 30 الف دولار، وبدأوا في التبرع بكل الارباح للجمعيات الخيرية. واوضح سويفت «تعرضنا في البداية لانتقادات حادة من المدرسين، ولذا كان التبرع للجمعيات الخيرية امرا هاما». وفي العام التالي عرضت المدرسة على الاولاد مطعم المدرسة في مركز جديد للطلاب، وفي العام الماضي باعوا الاصول للمدرسة.

ان لجوء دعاة تكوين الثروات للاطفال تشعر البعض بالضيق غير انه لا يثير الدهشة. فقد اوضح الدكتور ريتشارد غالاهار، مدير معهد الابوة في مركز دراسة الاولاد في جامعة نيويورك «ان ثقافتنا قائمة على النجاح وامتلاك اكثر من الآخرين».

وذكر ان المراهقين الذين يميلون للمثالية، يسهل التأثير عليهم، الا انه ذكر «ان منح الاولاد بعض الخبرات المالية يمكن ان تصبح لها قيمة ايجابية سواء كان ذلك من كتاب او عمل لطهي الطعام في المنزل، شريطة ان يبقى تحت اشراف الاباء»، فأنت تريد معرفة الارباح واتخاذ قرارات بخصوص مدى الحرية التي تتيحها له الاموال التي حصل عليه.

* خدمة «نيويورك تايمز»