دار الكتب المصرية ترتدي حلة جديدة بعد ترميمها

أنشأها الخديوي إسماعيل وتضم 60 ألف مخطوطة و91 مليون وثيقة

TT

ارتدت دار الكتب المصرية بحي باب الخلق الشهير في القاهرة حلة جديدة بعد أن انتهت وزارة الثقافة المصرية من تنفيذ مشروع متكامل لتطوير وترميم مبنى الدار وإعداده طبقا لأحدث النظم العالمية كي يصبح منارة ثقافية وحضارية تضاهي وتنافس كبريات دور الكتب العالمية.

وتنتظر الدار بحلتها الجديدة مراسم الافتتاح والمتوقع لها منتصف الشهر الحالي بحضور شخصيات فكرية وثقافية عربية ودولية.

وأكد فاروق حسني، وزير الثقافة، عقب لقائه مع الدكتور محمد صابر عرب رئيس هيئة دار الكتب والوثائق القومية لبحث آخر خطوات المشروع، أهمية نشر وتحقيق التراث والحفاظ على جميع المخطوطات، ـ سواء كانت عربية أم تركية أم فارسية ـ المعروضة في الدار، مؤكدا أن دار الكتب المصرية تعتبر أول مكتبة وطنية في العالم العربي تضم عند افتتاحها 30 ألف مجلد، أهمها الكتب والمخطوطات التي جمعت من المكتبة الخديوية القديمة والتي أنشأها محمد علي باشا لتباع فيها المطبوعات الصادرة عن مطبعة بولاق الشهيرة.

وأوضح حسني أن مشروع تطوير الدار تضمن العمل طبقا لأحدث النظم المتبعة عالميا ليصبح صرحا ثقافيا يضاهي دور الكتب العالمية من حيث الشكل والمضمون لإتاحة الفرصة للباحثين للاطلاع عبر الوسائل الإلكترونية على ما تضمه الدار من ثقافة عربية وعالمية، مشيرا إلى أن إعداد المبنى، باستخدام أحدث النظم العالمية والتكنولوجية الحديثة، استمر العمل فيه أكثر من 3 سنوات وبتكلفة 65 مليون جنيه مصري.

فيما قال الدكتور صابر عرب، إن المشروع استهدف الحفاظ على أوائل المطبوعات، وهي مجموعات من الكتب ذات قيمة علمية عالمية آلت إلى الدار منذ نشأتها فضلا عن تصوير مجموعة البرديات والخرائط التي تعد من أندر وأهم ما تمتلكه الدار، مشيرا إلى إعداد قاعدة بيانات لما تملكه من مطبوعات وخرائط وبرديات وإعداد فهارس متكاملة لها وإتاحتها للباحثين، وإعداد بانوراما متحفية من خلال الفراغات الناجمة عن إعادة صياغة المبنى من الداخل.

وأضاف عرب أن الدار الجديدة ستعمل على تحقيق التواصل بين الباحثين في دول العالم بما تضمه من مخطوطات نادرة تصل إلى 60 ألف مخطوطة، إضافة إلى المقتنيات والعملات والخرائط التاريخية وقاعات الاطلاع لتسهيل مهمة الباحثين والدارسين في مختلف التخصصات.

وأوضح عرب أنه تم تقسيم دار الكتب إلى أربعة أقسام منها: قسم الكتب المطبوعة والخرائط والأطالس العربية، وقسم المخطوطات، وقسم آرانيك «تصاريح» الآلات الهندسية والطبيعة والكيماوية، إضافة إلى إنشاء بعض الأقسام للمكتبات الخاصة التي تم إهداؤها للدار. وأشار إلى أن الدار تضم مجموعات نادرة من المخطوطات العربية والشرقية، إضافة إلى الخرائط وأوراق البردي العربية والنقود الإسلامية ولوحات الخط العربي والدوريات.

وتم إنجاز ثلاثة مشروعات خاصة بالمقتنيات لإنشاء قاعدة بيانات إلكترونية لما يزيد على 91 مليون وثيقة. وهذه القاعدة ستوضع على شبكة المعلومات الدولية بحيث يتاح البحث عليها من داخل الدار أو من خارجها.

 أما المشروع الثاني فهو خاص بمركز ترميم الوثائق الذي يعد أحدث مركز ترميم في الشرق الأوسط حيث تم تجهيزه بمعامل متخصصة بالمعالجات الكيماوية والبيولوجية والترميم الآلي واليدوي، فيما يعتبر المشروع الثالث عبارة عن مبنى تم تجهيزه بأحدث النظم لخدمة الباحثين.

ويحتوي مبنى دار الكتب الجديد على قاعات عصرية حديثة حافظت على الطابع التاريخي والأثري في تمازج فريد من نوعه بين تقنيات الألفية الثالثة والعمارة التاريخية التي ترجع إلى أكثر من قرن.

هذه المشروعات تدخل بالدار مرحلة متطورة ليتحول إلى أرشيف عصري بجميع المقاييس يماثل في دوره ومستواه أرشيفات عالمية خاصة بعد تضاعف أعداد الباحثين العرب المترددين على الدار لما تحتويه من وثائق مهمة، في الوقت الذي راعت فيه الإضافات التي تمت على دار الكتب حاليا بحيث توفر لها استيعاب مقتنيات 12 مكتبة عالمية بعد زيادة مساحتها إلى 6 آلاف متر مربع مما يجعلها دارا فريدة بنوعها لا تقل عن الدور العالمية بل تتفوق على بعضها.

يذكر أن دار الكتب أنشئت بمبادرة من ناظر المعارف في عصر الخديوي إسماعيل عام 1870 ميلادية علي باشا مبارك بتأسيس الكتبخانة، وهي دار الكتب الخديوية المصرية من أجل جمع المخطوطات النفيسة.

وفي عام 1904 تم افتتاح مبنى جديد لدار الكتب في ميدان باب الخلق بوسط القاهرة وخصص طابقه الأرضي لدار الآثار العربية «متحف الفن الإسلامي» فيما خصص الطابق الأول وما فوقه للمكتبة الخديوية.