اليونسيف: إنقاص حقوق المرأة والطفل يهدد التقدم الاجتماعي والاقتصادي

جمعيات خيرية بريطانية تصف نتائج الدراسة بخصوص الأطفال بأنها «مخزية»

TT

بعد سنين طويلة من العمل الدؤوب من قبل الدول الأعضاء، أي منذ وثيقة حقوق الانسان التي تبنتها الجمعية العمومية للأمم المتحدة عام 1948، اجمعت هذه الأخيرة عام 1979 على وثيقة شبيهة تناولت حقوق المرأة وترفض جميع انواع التمييز ضدها، وتبعتها بوثيقة ثالثة بعد عشر سنوات حول حقوق الطفل. ورغم هذه الاتفاقيات الدولية المصدق عليها من قبل 184 دولة في العالم، الا ان حقوق المرأة والطفل، التي تعزز بعضها، ما زالت منقوصة، في الكثير من دول العالم وفي المنطقة العربية بالتحديد، حسب آخر تقرير لمنظمة اليونسيف، وتداعياتها تنعكس سلبا على المجتمعات بشكل عام، وتوقف عملية التقدم والتطور الاجتماعي والاقتصادي.

وهذا ما خلص اليه تقرير مطول حول أوضاع الأمومة اعدته أول من أمس المنظمة الدولية التي تعني بالأمومة والطفولة.

«حالة أطفال العالم ـ 2007» تناول بإسهاب التمييز الممارس ضد المرأة وتهميشها وما يتبع ذلك من تأثير على الأطفال في مناطق مختلفة، منها المنطقة العربية. اذ ربط التقرير العلاقة المتبادلة بين الطفل والمرأة، كما شرح كيف أن خلق مجتمع متساو في الحقوق بين المرأة والرجل سيعود بالمنفعة المضاعفة على اقتصاد الدول ويدفع بأهداف الألفية في مجال التنمية الى الأمام، وهذا ما زال غائبا. وتعاني النساء من أشكال التمييز المختلفة، مثل القيام بأعمال لا يتلقين مقابلها الأجور، كما هو الحال بالنسبة لمزاولة العمل في البيت، وهذا يأخذ قسطا وافرا من ساعات اليوم مما يبقيهن خارج سوق العمل الرسمي، الى الأجور غير المتساوية الدفع مع الرجال عندما يقمن بالعمل خارج البيت.

كما ان التقرير يبين عملية التهميش النساء في قرارات العائلة الواحدة وبالتالي دورها بشكل عام في المجتمع ككل. وسلب المرأة القرار لم يكن فقط في الأمور العامة وانما ايضا في أدق خصوصيات المرأة، مثل زيارتها للطبيب. وحسب التقرير فإن الزوج هو الذي يأخذ القرارات بخصوص صحة المرأة، اذ وصلت النسبة في مصر الى أكثر من 40 في المائة، وفي المغرب 33 في المائة وفي الأردن 11.7 في المائة. وجاء قرار الزوج بخصوص مصروفات البيت لتعكس سلطة الرجل في المجتمعات الشرقية. وتقول 33.4 في المائة من النساء في مصر مثلا ان الرجل هو الذي يقرر في هذه الأمور، مقبل 31.2 في المغرب و24.3 في الأردن. وفي مجال التعليم، فإن انتساب الذكور في الرحلة الثانوية ما زال هو المفضل والأعلى في العديد من دول العالم، ومنها الدول العربية، اضف الى ذلك ان استمرار الاناث، وبسبب ما يتعرضن له من ضغوط اجتماعية، يصبح أقل بكثير من استمرار الذكور في نفس المراحل التعليمية. ورسم التقرير صورة مظلمة حول وضع الأطفال في العالم الثالث، مع ان وضع الأطفال في العالم العربي لم يكن هو الأسوأ بين دول العالم اذ جاءت بعض الدول الأفريقية في اسفل القائمة حسب المؤشرات التي وضعها التقرير في عملية القياس. وقد خصصت اليونسيف، تقريرا حول وضع الأطفال في الدول الصناعية المتقدمة. وفي دراسة هي الاولى من نوعها، وتصدرت نتائجها الصحف البريطانية، قارنت بين حياة الاطفال في 21 دولة متقدمة، ووجدت أن أطفال بريطانيا من بين الافقر والاكثر عرضة للاهمال. ووصف سياسيون معارضون وجمعيات خيرية للطفولة نتائج الدراسة بأنها «مخزية» واتهموا حكومة رئيس الوزراء البريطاني توني بلير بإهدار حقوق جيل من الأطفال.

وأظهرت الدراسة أن بريطانيا جاءت في المؤخرة فيما يتعلق بالفقر والحرمان والسعادة والعلاقات والسلوك الخطر أو السيئ. الا ان بريطانيا سجلت تحسنا ضئيلا في التعليم، ولكنها جاءت في الثلث الأخير بالنسبة لباقي المقاييس لتحتل بشكل عام الترتيب الأخير مع الولايات المتحدة. وكانت دول شمال اوروبا هي أفضل الاماكن لسعادة الطفل وجاءت هولندا والسويد والدنمرك في صدر هذه القائمة. وقال ديفيد بول المدير التنفيذي لليونيسيف في بريطانيا إن كل الدول التي شملتها الدراسة لها نقاط ضعف بحاجة إلى تحسينها. مضيفا «عندما نقارن أداء الدول فيما بينها، نرى ما يمكن القيام به إذا ما توفرت الإرادة لدعم كل طفل من أجل انجاز قدرته. كل الدول بها ضعف يحتاج لمعالجة ولم تحتل دولة واحدة ترتيبا في الثلث الاول في كل المقاييس الست». ولم تجد الدراسة علاقة ثابتة بين ثروة بلد ما والتي تقاس باجمالي الناتج المحلي للفرد وبين جودة حياة الطفل. فجمهورية التشيك على سبيل المثال، سجلت ترتيبا عاما أعلى من فرنسا الاقوى اقتصاديا.

واعتبرت المنظمة ان النتائج التي اعلنت عنها ستكون حافزا لوزير الشباب والأسرة الجديد في الحكومة الهولندية اندريه روفوت، وفي نفس الوقت ستكون عليه مسؤولية الحفاظ على القمة. واعتبرت منظمة اليونسيف فرع ألمانيا أن هولندا في طليعة الدول الصناعية والغنية التي ترعى شؤون الطفولة بشكل جيد، كما أنها تعتبر بلدا محبا للأطفال وتبذل جهودها للمحافظة على براءة الطفولة وتأمين مستقبلهم.

وقالت كوليت مارشال مديرة مكتب منظمة «انقذوا الاطفال» في بريطانيا ان التقرير «مخز» لبريطانيا. وتابعت «رغم ثروة المملكة المتحدة، فشلنا في منح أطفالنا أفضل بداية ممكنة في الحياة».

وقد درس تقرير المنظمة 40 مؤشرا حول وضع الطفولة في هذه الدول، مثل الفقر، وعلاقة الأطفال بالوالدين، والصحة. وجاءت في طليعة القائمة كل من هولندا، والسويد، والدانمرك، وفنلندا. وقالت اليونسيف إن الدراسة التي تحمل عنوان «نظرة إلى الفقر لدى الأطفال: إطلالة على رفاهية الطفل في الدول الغنية» هي أول دراسة من نوعها تنظر إلى وضع الطفولة في العالم المتقدم صناعيا. وقد أدانت الجمعيات الخيرية في بريطانيا نتائج التقرير، فيما قالت الحكومة البريطانية إنها أحرزت تقدما في رفاهية الأطفال عبر مبادرات عديدة. ومع ذلك حصلت بريطانيا على نقاط عالية بما يخص التعليم، لكنها شغلت المرتبة الثالثة قبل الأخيرة في كل المجالات الأخرى الخاصة بالطفولة. وقال متحدث باسم الحكومة البريطانية إن مبادرات الحكومة في مجالات مثل الفقر، ونسب الحمل والتدخين وشرب الكحوليات، والسلوك الجنسي غير المنضبط، قد ساعدت على تحسين رفاهية الأطفال في البلاد. ودافع وزير الدولة المكلف الرفاهية جيم مورفين في مقابلة مع الـ«بي.بي.سي» قائلا إن دراسة اليونسيف تعتبر «قديمة» استخدمت معلومات لا صلة لها بالوضع الحالي. وقال: «إن الدراسة تنظر إلى معلومات كانت متوفرة منذ ستة أو سبعة أو ثمانية أعوام. ان بعض المعلومات قد أكل الدهر عليها وشرب في هذا المجال». وأطرد الوزير قائلا: «إذا تناولنا مسألة نسب الحمل لدى المراهقات مثلا، نسجل حاليا انخفاضا لم يحدث منذ 20 سنة خلت، وبما يتعلق بتشرد الأطفال، سُجل تقدما هنا أيضا ـ فهناك أكبر انخفاض منذ 25 سنة، وبالتالي، نلاحظ أن هناك تقدما كبيرا أنجزناه». إلا أن الوزير البريطاني اعترف بأن التقرير مهم.