جمال من نوع جديد في الزخارف الإسلامية

بحث علمي: الفسيفساء انطوت على إنجازات رياضية متطورة

TT

عبر الجمال المنتشر فوق الجدران المغطاة بالفسيفساء، والتي تعود إلى المباني الإسلامية في القرون الوسطى، أدرك بعض العلماء أن المصممين الذين أبدعوا هذه الأنماط من خلال استخدامهم للرياضيات في القرن الثالث عشر حققوا انجازا رياضيا.

وتوضح دراسة حديثة أن إنجاز الأنماط الإسلامية هو أكثر تعقيدا مما يبدو، فهو يستخدم رياضيات متطورة تتعلق بنقاط وخطوط التناظر البلورية، والتي لم يفهمها العلماء المعاصرون حتى ثلاثة عقود مضت.

وصدرت الكشوف الجديدة في مجلة جورنال ساينس، وهي تذكير بالبراعة والتعقيد التي كانت الفنون والعمارة والعلوم الإسلامية تمتلكها قبل فترة طويلة. كذلك تتحدى هذه الأعمال الفنية القناعة السائدة بأن المصممين أبدعوا هذه الأنماط من خلال استخدام المسطرة والفرجار. بدلا من ذلك، يقول الخبراء إنهم استخدموا أدوات ومفاهيم أخرى.

وقبل عامين، أصبح بيتر جي لو، طالب الدكتوراه في الفيزياء، بجامعة هارفارد، مهوسا بالأنماط الهندسية على جدار في أوزبكستان والتي ذكّرته بما يسميه الرياضيون بالتصاميم الطبيعة للبلورات وما تحتويه من نقاط وخطوط تناظر. وهذه تم إظهارها في أوائل السبعينات على يد الرياضي والفلكي روجر بنروس من جامعة أكسفورد.

ومضى بيتر جي لو باختبار صور فسيفساء أخرى في أفغانستان وإيران والعراق وتركيا، وعمل مع بول ستاينهاردتن الفلكي من جامعة برنستون، والذي يعد حجة في تراكيب البلورات التناظرية. وكان البحث شبيها بترتيب قطع لصورة على طريقة «الجيكسو» بمعرفة سر ترتيب هذا النوع من الأحاجي، حسبما قال «لو» في مقابلة أجريت معه.

وفي تقريرهما الذي نشر في مجلة جورنال ساينس، استنتج ستاينهاردت ولو أنه قبل انتهاء القرن الخامس عشر، تمكن المصممون والمنفذون المسلمون من تطوير تقنيات مكنتهم من «انشاء خطوط ونقاط تناظر شبيهة بتلك الموجودة في البلورات لتكوين أنماط فنية قبل اكتشافها في الغرب بخمسة قرون».

وبعض هذه الأنماط المعقدة تسمى بـ«غيريه» بالفارسية وتتضمن مجموعات من المضلعات المتلامسة موضوعة معا في مساحة صغيرة مع القليل من الانحرافات وبدون أي فجوات بينها. ويمر من خلال كل مضلع (سواء كان ذلك معشر الزوايا أو مخمسا أو ماسيا أو مسدسا أو غيرها) خط زخرفي. ووجد لو أن القراميد المتعشِّقة بعضها ببعض تم ترتيبها بطرائق قابلة للتنبؤ لخلق نمط ما لا يتكرر أبدا، وهذا هو ما يعرف بـ «البلورات ذات التكوين المتناظر».

وقال «لو» في نشرة صدرت عن جامعة هارفارد إن «القراميد تظل تقدم تفسيرات منطقية لتصاميم شديدة التعقيد».

وأدرك لو والدكتور ستاينهاردت أن الفنانين الحرفيين المسلمين بدأوا منذ القرن الثالث عشر بابتكار أنماط فسيفسائية بهذه الطريقة. فيمكن للأشكال المضلعة أن تدوَّر بقدر معين من الدرجات ولتكن على سبيل المثال خمس الدائرة لمواقع يمكن منها وضع القراميد الأخرى. لذلك فإن النمط هو مفتوح بشكل لا نهائي، لكنه في الوقت نفسه لا يكرر أبدا نفسه، على اختلاف القراميد التي توضع على أرضية تقليدية.

وكتب هذان العالمان: «كان هذا تخطيا مهما بالنسبة للرياضيات والتصاميم الإسلامية».

وقال ستاينهاردت في مقابلة معه، إنه ليس واضحا كم فهم المصممون المسلمون كل العناصر التي كانوا يستخدمونها في إنشاء هذه الزخارف. وأضاف: «استطيع أن أتكلم فقط عما أراه على الجدران».

وقال لو إنه سيكون الأمر «خارقا للمألوف لو أنه كان ثمرة مصادفة». وأضاف: «على أقل ما يمكن، تظهِر هذه الزخارف ثقافة نحن غالبا لا نقيِّمها بما فيه الكفاية على الرغم من أنها كانت أكثر تقدما مما كنا نظن».

وفي مقالة منفصلة صدرت في مجلة جورنال ساينس، قال بعض الخبراء إن الرياضيات الخاصة بالبلورات ستكون موضوع بحث إذا كانت الكشوف هي فهما جديدا لها. وقال اميل ماكوفيكي من جامعة كوبنهاغن بالدنمارك، إن التقرير الجديد فشل في إعطاء قدر كاف من التقدير لتحليل أجراه وتم نشره في تقرير عام 1992 حول الزخارف الفسيفسائية فوق ضريح بإيران.

لكن لو والدكتور ستاينهاردت عزوا ذلك إلى مساحة التقرير المخصصة في المجلة، وأن هناك هامشين أشارا فيه إلى بحث ماكوفيكي.

وعلى الرغم من توفر عناصر مشتركة بين البحثين، فإن ستاينهاردت قال في مقابلة صحفية معه إن البحث تعامل مع نموذج واحد بل «عدد كبير من أعمال الزخرفة» وتم تأويلها من خلال مئات الحالات.

*خدمة «نيويورك تايمز»