بيت افتراضي ثلاثي الأبعاد يسكنه مسجون

«البيت الذي بناه هيرمان»

TT

ما زال هيرمان والاس يقوم بالتحسينات على بيت أحلامه الموشك على الانتهاء. فمطبخه بلون أصفر. ويجب ذكر أنه ليس هناك بيت حقيقي. فوالاس موضوع في السجن منذ 34 سنة في انغولا التابعة لولاية لويزيانا.

أصبح بيت والاس الافتراضي موضوع كتاب جديد عنوانه «البيت الذي بناه هرمان»، وهو حول فن التركيب بثلاثة أبعاد للبيت، وهو يتنقل الآن في جولة في أوروبا. وهذا المشروع الذي هو مزيج ما بين الفن والاحتجاج، هو ثمرة سؤال طرح على والاس قبل خمس سنوات: أي نوع من البيوت يحتاج إليها الشخص الذي يعيش في زنزانة طولها 6 بـ7 أقدام لثلاثة عقود؟ وخلال الأربع سنوات التي استغرقها تصميم البيت، طورت الفنانة التي طرحت هذا السؤال، جاكي سوميل، 32 سنة، علاقة قوية مع والاس. ويمكن تلمس الحميمية التي تجمعهما من خلال الرسائل التي تزيد عن 300 بينهما، والكثير منها متضمنة في الكتاب. وكانت سوميل هي التي بدأت بالمراسلة بعد أن حضرت أمسية ألقى فيها سجين تمت تبرئته محاضرة، وهو من المنتمين إلى حركة الفهود السود المتطرفة، وكان قد بقي في زنزانة انفرادية خلال الفترة نفسها التي كان فيها والاس مسجونا.

وجاءت رسالتها الثانية لتطرح هذا السؤال: أي نوع من البيوت تحلم بها خلال كل هذه السنوات التي قضيتها في الزنزانة؟

كتب والاس لسوميل مجيبا: «البيت سيحتاج إلى مسبح، بقاعدة خضراء اللون مع فهد كبير مرسوم في قاعة».

مع ذلك فإن الجزء الأعظم من الابتكار يعكس الحاجات الأساسية التي فقد القدرة على تحقيقها بسبب سجنه الانفرادي. ويتكون البيت المتخيل الذي تخيله والاس متناقضا لموقع سجنه، فهو يتكون من مساحة تصل إلى 3500 قدم مربع ومحاط بالزهور. وحدد الزهور بالجوري والغلوكسينا والدلفينيون. كذلك هناك بيت خاص بالضيوف، ومحجوز للزوار الناشطين. وتطل غرفة النوم القائمة في الطابق الثاني على فناء من الرخام مع حديقة مصممة وشجرة سنديان عملاقة. وعلى الرغم من أن سوميل زارت والاس حوالي عشرين مرة خلال الأربعة أعوام الأخيرة، فإن الكثير من تفاصيل التصميم تم تبادلها عبر الرسائل الالكترونية، وهذه تجري تحت رقابة السجن. ولعل تصميم البيت لن يحصل على أي جوائز. عدا ذلك الفهد الذي يحدق من أعماق المسبح. ما يجذب في التصميم هو الأسلوب المتميز بمقاربة استثنائية للتخطيط المعماري. وقالت سوميل: «أنا كنت أداة لإيصال أفكار هرمان»، وإيصال الكثافة العاطفية المتضمنة في المشروع. وتكشف الرسائل الإثارة والألم معا. ففيها يشير والاس إلى سوميل باعتبارها ابنته وفي أماكن أخرى أخته.

وقالت معلقة: «نحن عائلة واحدة إنه أفضل صديق لي». فهو يقدم لها نصائح تتعلق بعلاقاتها مع الآخرين، بل حتى انتقادات تتعلق بالأزياء. واكتشفت سوميل فيه شخصا مفعما بالحيوية وعميق التفكير، فهو شخص قادر على صنع ورود ورقية جميلة في زنزانته. وهنالك مفاجآت أيضا. فمع اقتراب المشروع من الانتهاء علمت بأن أمها على وشك الموت. ورغم اقتراب موعد معرض البيت الذي يقدم فرصة لمراجعة قضية والاس، الا انه أصر على إلغاء المعرض. قال لها: «عليك أن تركزي على أمك فقط».

هل يمكن اعتبار مشروع من هذا النوع فنا؟ أم أنه نوع من النضال؟ وكم هي استثنائية تلك الأسئلة التي هي ضمن سياق شخص قضى ثلاثة عقود في غرفة انفرادية؟ تقول سوميل إنها مقتنعة بأن تمضي قدما في المشروع، بمزج الفن مع النضال، حيثما يكون ممكنا. وهدفها المقبل هو بناء البيت بشكل حقيقي، بالضبط خارج السجن إن كان ذلك ممكنا.

ولدى والاس نسخة من الكتاب. إذ طبعت دار النشر الألمانية، ميرز أند سولتيود، 800 نسخة ويباع بسعر 20 دولارا عبر موقع Angola3.org وعلى الرغم من أنه وجد تفرج الناس «داخل رأسي» أمرا مثيرا للغرابة، مع ذلك كان صوته موحيا بالفخر مع قليل من الحذر. وقال والاس: «إنها تعبّر عن شيء مختلف عن إدراك الجمهور بالنسبة لنا السجناء. نحن لدينا أحلام أيضا». الحلم الأكثر إلحاحا بالنسبة لوالاس هو محاكمة أخرى وفرصة أخرى بإطلاق سراحه. فخلال الأشهر المقبلة ستقرر الولاية بناء على توصيات المفوض إطلاق سراح والاس في الوقت نفسه قال إنه سيستمر في التفكير ببيته.

* خدمة «نيويورك تايمز»