السعودية: تدوير «مواضئ» المساجد لاستثمار فائض المياه.. مع ذكرى اليوم العالمي للمياه

المسلمون يستهلكون يومياً أكثر من 32 مليار لتر في «الوضوء»

TT

تجتمع المنظمات الدولية اليوم 22 مارس (آذار) والذي يصادف اليوم العالمي للمياه لبحث سبل الحد من مشكلة نقص المياه حول العالم. في حين قدرت دراسة حديثة اجمالي كمية المياه التي يستهلكها الفرد في عملية الوضوء يومياً بنحو 26.85 لتر، مما يعني أن معدل متوسط استهلاك المسلمين المقدر عددهم بحوالي 1.2 مليار نسمة على مستوى العالم يتراوح بحدود 32.22 مليار لتر يومياً من المياه المستخدمة في عملية الوضوء.

وكشفت الدراسة التي أعدها كل من الدكتور محمد الوابل والباحث عبد الله الخالد، حول جودة المياه الخارجة من مواضئ المساجد، أن متوسط حجم المياه التي يستهلكها الفرد الواحد في عملية الوضوء تبلغ 5.37 لتر لـ «الفرض الواحد»، مع إمكانية التغلب على هذا الهدر اليومي للمياه الرمادية (المياه الخارجة من المغاسل والمصارف الأرضية)، وإعادة استخدامها بطرق اقتصادية لتحل محل المياه العذبة، كأن تستخدم في شطف المراحيض أو ري المزروعات.

وقام الباحثان بجمع عينات من مخارج مغاسل الوضوء في 34 مسجداً بالعاصمة السعودية الرياض، على فترات مختلفة وعلى جنسيات متعددة تمثل مختلف الدول الاسلامية، وكشفت النتائج أن استخدام المياه للوضوء لم يغير من خصائصها الفيزيائية والكيميائية بصورة معنوية عن مياه المصدر، ولم يتم وجود تلوث كيميائي أو فيزيائي فيها، مما يجعلها صالحة للاستخدامات الزراعية في الرى سواء كان هذا الرى سطحياَ أو من خلال شبكات الري المطور.

ويركز خبراء البيئة حالياً في السعودية، بتوجهات بعض الدول الإسلامية إلى ما يعرف بفن استغلال مواضئ المساجد، وإعادة استثمار المياه المهدرة فيها، خاصة أن السعودية تعد من الدول التي تعاني نقصاً حاداً في مصادر المياه الطبيعية، وأمام هذا النقص ولنضوب المياه من مصادرها غير المتجددة، أصبح التعامل مع المياه الرمادية بحرص عال من الأمور الحتمية، خاصة ان نسبة تلوثها أقل من نسبة تلوث مياه المراحيض، وبذلك يمكن استعمالها لري النباتات أو غسل المراحيض بعد معالجة طفيفة، أو من دون أي معالجة، ولكن بعد اتخاذ بعض الاحتياطات البسيطة، علماً بأن إعادة استخدام المياه الرمادية يقلل من الطلب الإجمالي على المياه، ويوفر في قيمة فواتير المياه للمستهلك. وقد قدرت الدراسات في عدد من البلدان أن المياه الرمادية الناتجة من الاستخدام المنزلي توفر نحو 35% من إجمالي الاحتياج المنزلي للمياه.  تجدر الإشارة أن سلطنة عمان تعد من أول الدول العربية التي انتبهت لأهمية استغلال مياه الوضوء في المساجد، حيث قامت وزارة البلديات الاقليمية والبيئة وموارد المياه في السلطنة بإجراء تجربة رائدة بأحد مساجد العاصمة مسقط، في تنقية ومعالجة مياه الوضوء (المياه الرمادية) بطرق علمية حديثة، وإعادة استخدامها لري الأشجار والشجيرات بساحة المسجد، والتي كانت تروى بمياه عذبة، بحيث يكون ذلك بطريقة آلية وآمنة مع متابعة هذه التجربة لتعميمها ليس فقط على المساجد، بل في باقي المجمعات والمباني التي تستهلك كميات كبيرة من المياه، فيما شهدت جمهورية اليمن مؤخراً تدشين عدة مشاريع لاستثمار مياه الوضوء في عمليات ري الجزر الوسطية والمسطحات الخضراء.

يذكر أن الخبير العالمي اسيط بسواس (الحائز على جائزة نوبل للمياه لعام 2006)، كان قد أكد أن العالم يواجه أزمة مرتبطة بإدارة المياه وليس بتوفر مصدرها، قائلاً «العالم لا يواجه شحا في المياه، لدينا الكثير من المياه لتلبية كل ما نحن بحاجة إليه، لكننا ندير المياه بشكل سيئ للغاية»، ويرى البروفيسور الذي يرأس معهد العالم الثالث في إدارة المياه في مكسيكو، أن النمو الاقتصادي والديموغرافي والتقنيات الزراعية ونمو المدن الصغيرة المحرومة من البنى التحتية المناسبة، تشكل كلها عوامل تعقد إدارة المياه في المستقبل.

إلى ذلك، أكدت منظمات انسانية دولية أن حوالي مليار و200 مليون نسمة في العالم، يعانون من نقص المياه النظيفة في بلادهم، ومن صعوبة الحصول عليها، وطالبت خلال ندوة صحافية عقدت في برلين أمس الأول حكومات دول العالم بتوزيع المياه بشكل عادل، متهمين الدول الغنية بأنها سبب شح مياه الشرب في الدول الفقيرة، لأن هذه الدول تعمل على جعل مصادر المياه تابعة لمؤسسات خاصة، حيث تقدم الدول الصناعية مساعدات تنموية للدول الفقيرة جراء خططها التنموية في هذه الدول الأمر الذي يعيق الشعوب الفقيرة من الحصول على المياه مجاناً.

وحذرت هذه المنظمات من وقوع حروب اقليمية، قد تؤدي الى حروب عالمية من أجل المياه، اذا لم يتدارك المجتمع الدولي وضع خطط لتوزيع عادل للمياه للشعوب الفقيرة، وفي الدول التي تعاني من نزاعات عسكرية، فيما أكدت على أن شعوبا بأكملها تعاني من أمراض مزمنة، جراء الشح في المياه، كما أن النزاعات المسلحة، تعتبر وراء صعوبة الحصول على مياه الشرب الصالحة للاستعمال وخاصة في منطقة الشرق الأوسط.