منذ ايام جورج واشنطن وطاقم اسنانه، يهتم السياسيون الاميركيون بمظهرهم في ايار اهتمام الناخبين بهم. إلا ان التغطية الاخبارية التي لا تتوقف ولا سيما مع التقدم التكنولوجي، حيث يجد السياسيون انفسهم مطالبين باستمرار للمشاركة في برامج المقابلات التلفزيونية التي يمكن بسهولة تنزيلها من اجهزة الكومبيوتر ومشاهدتها مرارا من قبل من يرغب من الناس، تزيد من وضع الشخصيات العامة تحت الرقابة المستمرة وبجميع حيثياتها.
وتحت الضغوط لكي تظهر وجوه الشخصيات العامة بلا تجاعيد، ولكن بدون ان تبدو وكأنه اجريت لها عمليات تجميل، فإن بعض هؤلاء يلجأون للاطباء لاعدادهم للظهور امام اجهزة التصوير عن طريق العلاج بالليزر.
ففي واشنطن، لا يوجد من يمثل ذلك التغيير في السياسية والمظهر والوضع الاعلامي اكثر من الدكتور تينا الستر اخصائية الامراض الجلدية للمشاهير. وهي سيدة انيقة وشقراء وملمة بالسياسة الخارجية والمحلية ولديها قائمة من الحالات لن تذكر اسماء اصحابها بسبب العلاقة بين المريض والطبيب. ولكنها لا تمتنع عن ذكر حالاتهم بصفة عامة.
واكدت ان «العديد من اعضاء الكونغرس والبيت الابيض ورؤساء دول وشخصيات ملكية والعديد من السفراء ايضا يقصدونها من اجل العلاج».
والدكتورة الستر، 47 عاما، خبيرة في استخدام الليزر، الذي يمكنه علاج أي عيوب جلدية سواء كانت تجاعيد او بقع شمسية او دمامل او تشويهات او وحمة.
ومع هذه التخصصات فإنها مجهزة تماما للعصر الرقمي للبيانات الرئاسية في هذا العصر التكنولوجي وثورة الانترنت.
ووصفها جون برو، وهو سناتور سابق من لويزيانا، انها «رولز رويس رعاية الجلد». وقال برو ان الدكتورة الستر عالجت وجهه من انتفاخات تحت العيون. وتوازي شعبية الدكتورة الستر زيادة اهمية برامج المقابلات التلفزيونية كوسيلة للدعاية للسياسات والتأثير على الرأي العام وكرمز للوضعية بين الصفوة السياسية.
وقال النائب السي هاستينغ الديمقراطي من فلوريدا «في عالم اليوم عندما نظهر على شاشات التلفزيون نهتم بمظهرنا، وانا على ثقة بوجود حالات علاج بالليزر خلال عطل الاسبوع بين اعضاء الكونغرس». وكانت الدكتورة الستر قد عالجته من تشوه يسبب الحكة في صدره وهو ناتج عن عملية قلب مفتوح. واضاف هاستنغ انه لا يذهب لها من اجل اجراءات تجميلية ولكنه يعرف ذلك من مناقشات في اروقة السلطة.
واضاف «اسمع في الاروقة عن الاشخاص الذين يستغلون فترات اجازة الكونغرس لتحسين مظهرهم. ولا سيما مع ظهور تقنيات الليزر الجديدة التي يبدو انها تقضي على التجاعيد والانتفاخات تحت العيون. وهناك عدد كبير من الاعضاء الرجال في الكونغرس في هذا القطاع اكثر مما يتصور الناس».
الا ان الدكتورة الستر تتمتع بحياة تتعدى قدرتها على استخدام الليزر. ففي مدينة تعتمد على الاتصالات والعلاقات، فإن شعبيتها ارتفعت بين الحزبيين لان عملها وحياتها الاجتماعية تربط بينها وبين الشخصيات السياسية.
والدكتورة الستر مع زوجها بول فريزر، وهو سفير كندي سابق في جمهورية التشيك وسلوفاكيا، تدعى دائما الى حفلات الكوكتيل ومناسبات جمع التبرعات وحفلات العشاء ونشاط السفارات. كما تظهر دائما في الأماكن التي توجد فيها النخبة المحلية. وفي مدينة تشتهر بعدم اناقتها فإنها تتميز بملابسها المحافظة الانيقة من بيوت برادا ولانفين.
ويمكن اعتبارها، مع زبائنها من الشخصيات السياسية، النموذج المعاصر لطبيب الملك الذي يصبح شخصية قوية بسبب عمله وعلاقاته.
وقالت جوليانا غلوفر ويز، المتحدثة السابقة باسم نائب الرئيس الأميركي ديك تشيني، وباسم رودولف جيولياني خلال سعيه للترشح لمجلس الشيوخ، والتي تعمل الان مستشارة لشركة «اشكروفت» للاستشارات، انها «رائعة فيما بعد مفهوم الروعة في واشنطن»، مضيفة انها كانت من زبائن الدكتورة الستر.
وقال برو ان الحفاظ على مظهر الشخص كان دائما جزءا من وظيفة الشخصيات العامة، إلا ان علاج عيوب في المظهر اصبح الآن اكثر سهولة. وأوضح «اذا كان لديك دمل على أنفك، واذا امكنك اصلاح شيء ما، فلا تتردد. وهو امر صحيح بالنسبة لأي شخص يتعامل مع الرأي العام، سواء كان في المجال السياسي او في الاعمال».
وفي الصحافة، فقد ذكرت الستر ان من بين زبائنها بعض العاملين من شبكات تلفزيون «سي.ان.سي». و«ان.بي.سي» و«سي.بي.سي» وصحيفة «نيويورك تايمز» و«واشنطن بوست» و«شيكاغو تريبيون» و«لوس انجليس تايمز» و«وول ستريت».
يفضل السياسيون ظهيرة أيام الثلاثاء للمقابلات في برامج مثل «هذا الأسبوع» أو «اللقاء بالصحافة»، وذلك لأنهم يحصلون على وقت كاف لتجاوز الكدمات أو تقشر الجلد أو الأورام.
وقالت الدكتورة الستر «أنا أعد الناس كل أسبوع للبرامج لكن في الغالب وحينما يتم حجز وقت لهم يوم الجمعة يكون الوقت متأخرا لأن عطلة نهاية الأسبوع لن تكون كافية بالنسبة للاستشفاء من التجربة».
وأضافت ألستر: «هناك الكثير من الرجال في الكونغرس يأتون بأنوف حمراء بعد انتهاء عطلة نهاية الأسبوع. ونحن نستطيع إزالتها بالليزر».
أما زميلاتهم فهن ميالات إلى حقن بشراتهن لإزالة التجاعيد والخطوط. لكن الأشخاص من كلا الجنسين قلقون حول أيديهم.
وقالت: «إذا كانوا يحركون أيديهم كثيرا امام شاشة التلفزيون فنحن نستطيع إزالة البقع البنية عن أيديهم».
وألستر تقوم ايضا، كما صرحت، بمعالجة مرشحين رئاسيين لكن ذلك من الصعب البرهنة عليه، لأنها رفضت تسمية هذين الشخصين. وأضافت «قبل أن يكون عندك وقت كاف لتهيئتهما لنيوهامشاير أنا أقوم باستخدام الليزر على وجهيهما لتنظيفهما تماما. لكنهما يكونان خارجين للحملة وعليك أن تقوم بإجراء المعالجة في الداخل والخارج».
ترعرعت ألستر في «سيلفر سيبرنغ» بولاية ماريلاند وحصلت على منحة دراسية وعملت كحارسة إنقاذ كي تصل إلى جامعة ديوك، وكانت تحصل على مبالغ إضافية من خلال بيعها للكريمات المستعملة لكسب سمرة البشرة تحت الشمس. وبعد التخرج بشهادة ممرضة عملت في مستشفى كي تدفع أجور دراستها في الكلية الطبية بجامعة ديوك حسبما قالت.
وخلال قيامها بالدراسة العليا بجامعة بوسطن تعلمت الدكتورة الستر كيفية استخدام الليزر في معالجة الندوب والبقع التي تظهر على البشرة والوحمات والشامات الموجودة منذ الولادة.
وبعد أن افتتحت مكتبها هنا عام 1991 بدأ الجراحون يبعثون لها مرضى مع ندوب على بشراتهم وأطباء الأطفال راحوا يرسلون لها الأطفال لعلاج الآثار على البشرة منذ الطفولة. وأصبحت الدكتورة ألستر معروفة كخبيرة في مجال استخدام الليزر للأمراض الجلدية. كذلك أرسلتها شركات الليزر في مهام مدفوعة الأجر.
ثم جاءتها مساعدة نوعية في سنة 1994 حينما نشرت مقالة في مجلة تصدر بواشنطن عن قدرة الدكتورة الستر في معالجة التجاعيد. فجأة أصبحت عيادتها شبه الفارغة مزدحمة بالزبائن حسبما قالت الدكتورة ألستر.
ومنذ تلك السنة ابتكرت أجهزة كثيرة أخرى دفعت إلى معالجات تجميلية أوسع إلى السوق وتنامى عملها كثيرا. وقالت إنها ما عادت تقبل زبائن جددا إلا في حالات نادرة. فالكثير من جهودها الآن تصب في مجال المعالجات التجميلية. وحاليا تكسب راتبا إضافيا كمستشارة في شركة لانكوم ووجهها مزين بالابتكارات التي اقترحتها على الشركة. وفي السنة الماضية اشترى زوجها بيتا تاريخيا في جورج تاون كان يمتلكه ذات يوم الروائي هيرمان ووك. ويقدر سعر البيت حاليا بـ 4.1 مليون دولار.
وفي يناير (كانون الثاني) الماضي نقلت عيادتها «معهد واشنطن لجراحة الليزر للأمراض الجلدية»، إلى شارع كاي ستريت، المشهور بالمحامين وجماعات الضغط السياسية، وهو ليس بعيدا عن مقر الكونغرس الكابيتول هيل.
وصمم المبنى المهندس المعماري الشهير هيو نيول جاكوسبن وسبق له أن عمل على مبنى الكابيتول وعلى سفارتين أميركيتين وغاليري رنويك.
وفي الطابق الأسفل من عيادتها خصصت مخزنا لبيع العقاقير. ولمكتبها مدخلان منفصلان وهذا ما يمكنها من استقبال زبائنها حينما يحضرون مع حاشياتهم.
وقالت الدكتورة ألستر: «أنا التقي بالكثير من الأشخاص بشكل سري. لذلك فأن تكون في الطابق الثاني يساعدك على خيارات أخرى تمكنك من غلق المصعد أو جلبهم من الباب الخلفي».
* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ «الشرق الأوسط»