أغاني يوم الأم تعكس ما طرأ على حياتنا من تغييرات

من عصر «ست الحبايب» إلى زمن «يا ماما زودي المصروف»

TT

«نور عيني ومهجتي.. وحياتي ودنيتي.. لو ترضي تقبليهم.. دول همه هديتي» تلك هي كلمات أشهر أغاني يوم الأم التي تغنت بها فايزة أحمد منذ ما يزيد على 40 عاما ولحنها لها موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب وتسيل الدموع عند الاستماع إليها بل نحس بافتقادنا لأمهاتنا من اللواتي رحلن عن عالمنا وفارقن الحياة كلما ترامت الى الآذان كلماتها التي يبدو أنها لم تعد مناسبة لجيل الأيام التي نحياها وتسيطر عليها ظروف العولمة والمادة. والسبب هو ظهور أغنية عن يوم الأم في مصر وصفها البعض بالطرافة. وقال آخرون أنها لا تناسب ذلك اليوم الجميل في حياة الأمهات والأبناء. كلمات الأغنية تقول: «ما عيش أجيب لك هدية يا ماما.. إنشالله أعدم عينية يا ماما.. ماما اعملي معروف.. زودي المصروف». وتتمادى كلمات الأغنية لتعبر عن حالة مؤديها الذي يصل به الأمر في النهاية الى المن على والدته بوجوده في حياتها وأنه يكفيها أنها أنجبته وتلك أجمل هدية يمكنها الحصول عليها. «تذكرت عند الاستماع لهذه الكلمات مشهدي وعمري لم يتجاوز السادسة عندما أدركت معني كلمة يوم الأم حين أسرعت الي أمي أطلب منها سلفة لشراء هدية لها، واعدة إياها بشرائها في العام التالي مما ادخرته من مصروفي، وهو ما حدث وصار عادة لا أتخلى عنها حتي الآن». هكذا بدأت نيهال، إحدى الامهات حديثها معنا، وأضافت: الحال تغير الآن فالأبناء لم يعودوا قادرين على الاهتمام بمعان كتلك التي تربينا ونشأنا عليها، ودائما ما يطلب مني ابني ذو الأعوام العشرة مسامحته على عدم قدرته لشراء الهدية لي في هذا اليوم لأنه ينفق كل مصروفه في المدرسة. أعتقد أنها أغنية واقعية. عدد آخر من الأمهات اللواتي التقيناهن لم يبدين أي استياء من الاغنية، بل على العكس أشدن بطرافة الكلمات ومذاقها الساخر، مؤكدات أنها تعبر عن حال معظم الأبناء. وهو ما لفت نظر الدكتورة منال عمر، استشارية طب نفس الأطفال والتي وصفت كلمات الأغنية بالكارثة إذا كانت تعبر عن هذا الجيل. وأضافت: الأم التي لا تعلم أبناءها إحضار هدية لها في مناسبات تخصها كيوم الأم ويوم ميلادها ترتكب أكبر خطأ في حياتها لأنها تعلمهم الأنانية وعدم الاهتمام بالآخرين والتعبير عن الحب لهم. فالهدية رمز للحب بمعناها دون النظر لقيمتها ولابد أن تكون طقسا من طقوس الأبناء تجاه أمهاتهم.

كلمات أغنية ست الحبايب كتبها الشاعر الغنائي حسين السيد في مطلع الستينات من القرن الماضي ولحنها الموسيقار محمد عبد الوهاب الذي كان يقول: «يظل الإنسان شابا حتى تموت أمه فيشيخ». حتي أنه من شدة حبه لأمه قام بغناء الأغنية بصوته الى جانب تلحينها، إلا أن النسخة التي ظهرت بصوت الراحلة فايزة أحمد ظلت الأشهر، بل انها صارت أحد معالم ذلك اليوم لدى المصريين والكثير من الشعوب العربية وجزءا من نسيج احتفالاتنا السنوية بيوم الأم. كما أصبح لقب «ست الحبايب» مرادفاً لكلمة أمي وكل ما يتصل بها من معاني الأمومة. فقد عبرت فايزة أحمد بإحساس عميق الصدق عن مشاعر الأم تجاه أبنائها وما تقدمه اليهم من تضحيات لا تقدر بثمن ولا حدود لها. حتي أن الكاتب أنيس منصور كتب مقالا في تلك الأغنية سماه «رحم الله الموسيقار والمطربة وست الحبايب»، ذكر فيه حضوره تسجيل الأغنية في استديوهات الاذاعة بطلب من عبد الوهاب الذي بدت عليه ملامح التوتر من أجل تلك الأغنية.