عندما يجاور القديم المعاصر

«بادا» للأنتيكات والفنون الجميلة تحتفل بميلادها الـ300 بأسلوب بريطاني

TT

إذا كان لكل معرض انتيكات طعم خاص، فإن لطعم معرض جمعية تجار الانتيكات «بادا» نكهة بريطانية مميزة وحميمة، لاسيما وأن علاقة البريطاني باقتناء التحف النادرة تقليد قديم جدا. وإذا كانت مؤشرا على توجهات الموضة فيما يخص الديكور، فإن المؤشر يقول إن أسلوب «القليل كثير» الذي ساد لسنوات على حساب الأسلوب الكلاسيكي، بدأ يتراجع ليعود هذا الأخير إلى مواقعه راقيا كالعادة؛ فكما تقول كيزيا دي ويني، من رافيتي أند وولوين للساعات الأثرية: «أصيب الناس ببعض الملل من أسلوب (إيكيا) واصبح يريدون ما هو أكثر تميزا، لذلك نرى في المدة الأخيرة عودة إلى البني الغامق في قطع الأثاث. السبب الثاني قد يكون الموضة نفسها، التي اصبحت تمجد أسلوب (الفينتاج) فضلا عما تعرفه من تغيرات موسمية تؤثر بشكل أو بآخر على باقي مناحي الحياة». وسواء كان السبب هذا أو ذاك، فإن الأجواء في المعرض، الذي اختتم أمس بمنطقة «كينغز رود» بلندن، تشير إلى انتعاش هذه التجارة؛ فالمعرض يجذب ما لا يقل عن 15000 زائر كل سنة، ما بين متفرج متذوق أو عاشق مقتن، ويحقق أرباحا لا يستهان بها للعارضين، لأنه يجمعهم تحت سقف واحد وراية «بادا» التي تثير الثقة في نفس أي مقتني. المميز هنا أيضا، أنه معرض ينظمه متخصصون في هذا المجال ولا يشارك فيه إلا من توافرت فيه كل الشروط، حتى لا تفقد الجمعية مصداقيتها التي بنتها على مدى 300 عام. نعم فهي تحتفل هذه السنة بعيد ميلادها الـ300. بالنسبة للزائر العادي، من السهل جدا ان يفهم سبب أهميته التي لا تضاهيها فيها سوى معرض «الغروفنر» السنوي؛ فهو بمثابة مغارة علي بابا، يجمع كل ما هو نادر من قطع الأنتيك، مثل ساعات الحائط والسيراميك والسجاد والفضيات، والمجوهرات، سواء الأثرية أو المعاصرة، إلى جانب لوحات فنية يعود بعضها إلى القرن السابع عشر أو الثامن عشر، مثل الركن الخاص بلويل ليبسون وويليام ثويليير. أما الأسعار فتتراوح ما بين 4000 و 100.000 جنيه استرليني، حسب تاريخها وحالتها.

هذه السنة شارك فيه مائة تاجر، كلهم أعضاء في جمعية تجار الانتيكات البريطانيين (بادا). وتجدر الإشارة، إلى ان هذه الجمعية كان لها دور كبير في حفظ الكثير من التحف والقطع الأثرية، وليس أدل على هذا من أنها تأسست في الخامس من ديسمبر(كانون الاول) عام 1707أي حتى قبل تأسيس المتاحف، كما تضم أسماء كبيرة نذكر منهم على سبيل المثال لا الحصر، المؤرخ والإعلامي دكتور ديفيد ستاركي، الشخصية التلفزيونية المعروفة لويد غروسمان، الشاعر جايمس فانتون، الممثل روبرت هاردي، وآخرون. يقول ديفيد غايمستر، السكرتير العام للجمعية: «العديد من أعضاء بادا يتم ترشيحهم، فالجمعية تقدر وترحب بالخبرة في مجال الانتيكات والأعمال الفنية»، وهذا يعني انه ليس كل تاجر في الانتيكات يمكن ان يصبح عضوا. اللافت هذه السنة ايضا مجاورة القديم للمعاصر، حيث عرضت مجموعة من الرسوم لخاتم لبسته الملكة ماري أوف سكوتلندا، قبل شنقها في عام 1587. بموتها اختفى الخاتم، لكن ظلت هذه الرسوم الشاهد الوحيد على وجوده أصلا. كما عرض صندوق مجوهرات صغير من رسم الفترة ما قبل الرفائيلية لدانتي غابرييل روسيتي وزوجته إليزابيث سيدال، إلى جانب مجموعة رائعة من ساعات الحائط، بتصميمات يعود بعضها إلى عهد الملكة آن، وبعضها الآخر إلى عهد الملك ويليام الثالث. في الركن الخاص بـ«دي ميتال غاليري» تم عرض مجموعة معاصرة جدا، سواء فيما يتعلق بالمجوهرات التي صممتها الشابة ليلي هاستيد، أو تلك التي صممها جيفري رولاندسون، أو كورينليا رايتينغ، الحائزة جائزة «دي بيرز» في عام 2000 على احسن تصميم لقلادة أدخلت فيها الفحم والماس معا. قطع الأثاث تلعب أيضا دورا كبيرا في هذا المعرض؛ إذ يعتبر الوجهة المفضلة لمصممي الديكور والباحثين عما يكمل بيوتهم ويضفي عليها التميز، مثل مرآة بإطار رائع تعود إلى عهد تشارلز الثاني، ولا شك ان الإطار نادر ومنحوت بحرفية عالية، ولا يوجد له مثيل سوى في متحف فكتوريا أند ألبرت، كما كانت هناك مزهرية للفنان والمصمم والكاتب، ويليام دي مورغان (1839-1917). تتميز المزهرية بألوانها الفارسية وكانت من أغلى القطع التي ابتكرها هذا الفنان، كونها مرسومة باليد وتحت إشرافه الشخصي، مما جعلها أغلى من باقي إبداعاته، وبالتالي من أهم التصاميم اليدوية المستلهمة من الأسلوب الفارسي في القرن التاسع عشر. إلى جانب القطع الأثرية، كان هناك مكان لا يستهان به للحديث والمعاصر تمثل في مجموعة من الكراسي الهزازة لـ«نورمان أدامز ليمتيد» مصنوعة من خشب القيقب المصفح، وأدوات المطبخ مثل أواني الفواكه فضلا عن الشمعدانات ذات التصاميم الحديثة والمبتكرة للمصممة آن كريستنسن.