شركة طيران أميركية تستحدث منصب رئيس موظفي الاعتذارات

لتواجه شكاوى المسافرين

TT

بالنسبة للمسافرين بالطائرة هناك دائما قائمة بالمنغصات والصعوبات التي تتخللها رحلاتهم ومهما اصبح السفر في هذا العصر يتصف بالسهولة والسرعة الا ان هناك دائما ما يحدث ليحول الرحلة الى كابوس. وتتحمل شركات الطيران الجزء الاكبر من المسؤولية عن راحة المسافرين او التنغيص عليهم وعادة تقابل تلك الشركات شكاوى ركابهم بالإعتذارت المعلنة. ولعل أحدث مثل لهذه الاعتذارات ذلك الاخير الذي صدر من الخطوط الجوية البريطانية في الاسبوع الماضي. فقد اعتذرت الشركة لأحد ركاب الدرجة الاولى على وضع جثة إمرأة وافتها المنية اثناء الرحلة على المقعد المجاور له بينما هو يغط في النوم. وأصيب الرجل بصدمة عمره عندما أفاق واكتشف ان المسافرة الجالسة بجانبه ميتة.

وبتكرار الحوادث وتكرار الاعتذارات اتجهت بعض خطوط الطيران الاميركية الى اتجاه أكثر جدية في التعبير عن شعورها بالأسف.

فبعد موجة من المصاعب الكابوسي في الخدمات توجه شركات «أميركان ايرلاينز» و«جيتبلو» و«ايرويز» وشركات أخرى مزيدا من الاعتذارات، آملة أن توقف شكاوى المستهلكين وتهدئ الأحاديث عن ضوابط جديدة من الكونغرس تتعلق بحماية المستهلكين.

ولكن ما من شركة خطوط جوية تقبل اللوم مثل «ساوثويست ايرلاينز» التي تشغل فريد تايلور بوظيفة يمكن أن تسمى رئيس موظفي الاعتذار.

وعنوان وظيفته الرسمي هو كبير مديري الاتصالات مع المستهلكين. ولكن تيلور البالغ 37 عاما يقضي حسب اعترافه، ساعات عمله اليومي الـ 12 للتحقيق في كيف ان «ساوثويست» خيبت آمال زبائنها ليرسل رسائل الاعتذار بعد ذلك. وهو يكتب رسائل يوضح فيها الاخطاء التي جرت في رحلات معينة، وبحساب متوسط عدد الركاب على كل رحلة (110 راكب) فانه يرسل حوالي 20 ألف رسالة اعتراف بخطأ، وكل رسالة تحمل رقم تلفونه المباشر.

وفي العام الحالي تجاوز، الآن، ذلك العدد الكلي حيث وجهت شركة «ساوثويست» اعتذارات مكتوبة الى 22 الف مسافر ممن مروا عبر مطار لاس فيغاس يومي 19 و20 فبراير الماضي. ومثل هذا الاخفاق التام نادر. ولكن حتى في الأيام الطيبة فان لدى شركات الخطوط الجوية الكبرى الكثير مما تعبر عن الأسف عليه: مزيج تراجيكوميدي من الطائرات المعطلة والمسافرين المرضى وعمليات الهبوط المخيفة.

وفي الوقت الحالي وبدلا من الاعتماد على العاملين القلقين في الخطوط الامامية فان كثير من شركات الخطوط الجوية تجعل الاعتذار رسميا. وقالت «أميركان» ان رسائل اعتذارها باتت مضاعفة بالمقارنة مع ما كانت عليه قبل عام. اما «جيتبلو» فتوجه رسائل اعتذار بالبريد الإلكتروني خلال 36 ساعة من حصول اخفاقات في الخدمات. وتقول شركتا «كونتيننتال ايرلاينز» و«يو إس ايرويز» انهما ترسلان عددا أكبر من رسائل الاعتذار.

كما أن تايلور من «ساوثويست» يكتب تقريرا داخليا يوميا يستخدم من جانب آخرين في الشركة لتوضيح الاخفاقات في الخدمات، ويضفي في تقريره روح السخرية بالحديث عن حالات تثير أجواء الدعابة.

ويشارك تايلور في اجتماعين يوميين في مركز عمليات ساوثويست عبر مدرج هبوط الطائرات من لوف فيلد. وتجري في هذين الاجتماعين مناقشة أية مشاكل لطائراتها البالغ عددها 482 طائرة من طراز بوينغ 737 أو رحلاتها اليومية البالغة 3200 رحلة.

هناك الكثير مما يجعل قطاع الطيران يقدم الاعتذار في الوقت الراهن. إذ ان تأخير إقلاع الطائرات اصبح امرا متكررا، فضلا عن ضياع امتعة المسافرين وازدحام السفريات. كما ان عمال الخطوط الجوية، الذين يعاني معظمهم من خفض في المرتبات والفوائد خلال السنوات الأخيرة، لم يعد لديهم الكثير من التعاطف مع الزبائن. الاعتذار للزبائن أمر غير مكلف بالنسبة لخطوط الطيران. فهذه المهمة تقوم بها مجموعات كبيرة في إدارات خدمة الزبائن التابعة لهذه لشركات الخطوط الجوية. غالبية خطوط الطيران لديها كوبونات تتراوح قيمتها بين 50 دولارا الى سعر تذكرة ذهابا وإيابا الى جانب الاعتذار الرسمي للزبائن بسبب تأخير مواعيد الإقلاع فضلا عن مشاكل اخرى يتضرر منها المسافرون. يعكس برنامج الاعتذار لشركة ساوثويست تعكس شخصية مديرتها كولين باريت، التي طورت نظرياتها في خدمات العملاء عندما كانت تعمل سكرتيرة بشركة للمحاماة لهيربيرت كيليهر، مؤسس ساوثويست ورئيسها حاليا. إذ تعلمت ان الزبائن في مجال القانون الذين يوعدون بشيء خلال اسبوعين ويتسلمونه خلال اسبوع يشعرون برضى وارتياح اكثر من الذين الزبون الذي يتلقى وعدا بشيء خلال يوم ويتلقاه بعد اربعة ايام. طبقت كولين هذه النظريات لدى انتقالها للعمل في قطاع الطيران بشركة ساوثويست. وكانت قد تولت التعامل مع خطابات الاعتذار بنفسها خلال في فترة سابقة، إلا انها كانت في حاجة مساعدة عند ازدياد حجم خطابات الاعتذار، علما بأنها لا تستخدم البريد الالكتروني. وكان تايلور قد واجه مشاكل في الحصول على كل المعلومات المطلوبة، وقال في هذا الجانب ان مسؤولي الشركة لم يوفروا له صورة كاملة للوضع كي يتخذ الخطوات الصحيحة. وبمرور الزمن كسب تايلور ثقة الشركة، وتقول كولين ان اول شخص تتصل به لدى حدوث مشكلة هو تايلور. حاول تايلور ايضا اخذ وجهات نظر زبائن الشركة في الاعتبار. وكتب في واحد من تقاريره اليومية حول رحلة تم تحويل وجهتها مشكلة فنية في سرعات الهبوط. وجاء في تقريره: «الهبوط كان روتينيا من وجهة نظر قيادة الطائرة، إلا ان وجهة نظر الزبائن كانت أمرا مختلفا»، وقال ايضا وفي نفس السياق من باب التأكيد على اهتمامه بما يراه الزبائن انهم سيرسلون توضيحا اضافيا واعتذارا عن إثارة الفزع لدى هؤلاء الزبائن.

* خدمة «نيويورك تايمز»