مركز جمعة الماجد الثقافي: دبي ليست بوابة اقتصادية فقط.. للثقافة نصيبها

مخطوطات أثرية من ألف عام ووثائق بريطانية وأميركية

TT

مصحف نادر عمره نحو 1000 عام.. كتاب صحيح البخاري.. وثائق سياسية من مئات السنين.. وثائق بريطانية وأميركية وعثمانية وروسية وفارسية وإيطالية وبرتغالية. كلها اجتمعت في مركز جمعة الماجد للثقافة والتراث، الذي يقتني آثار السلف المخطوطة، التي يربو عددها على مائة ألف عنوان من المخطوطات الأصلية، والمصورة، إضافة إلى عدد لا بأس به من الوثائق الأصلية التي يزيد عددها على 2600 وثيقة، جلها تم شراؤها بمبالغ مالية عالية. والداخل لمركز جمعة الماجد لا بد أن يلفت انتباهه، بالإضافة إلى القيمة التاريخية للمخطوطات، تلك العمليات الحساسة التي تجرى من أجل معالجة المخطوطات القديمة والتآلف بعض منها، ويعود ذلك لهذه العمليات الجراحية التي تجرى للمخطوطات. ويقوم المختصون هنا بتعقيم المخطوطات، وبعمليات المعالجة الكيميائية اللازمة، وترميم جميع أنواع الإصابات والتلفيات بطريقة فنية، ومن ثم تجليدها بما يتناسب وتاريخ نسخها، إضافة إلى صناعة علب الحفظ. كما تتم معالجة المطبوعات كيميائيًا، كتعقيمها والتخلص من الحموضة الزائدة والتكسر والضعف والألوان القاتمة، ومن ثم ترميمها وتدعيمها بطرق آلية حديثة.

وإذا كان الكثيرين يرون في دبي منارة للاقتصاد والمشاريع السياحية فقط، فإن في هذا المركز فرصة لتغيير وجهة نظر الكثيرين، الذين سيجدون في هذا المركز منارة ثقافية، صاحبها ومؤسسها رجل أعمال وملياردير آثر على نفسه أن يسعى لجمع التراث الإسلامي، ويعمل جاهدا للوصول إلى هذا المبتغى.

وفي جولة لـ«الشرق الأوسط» داخل القسم المخصص للمخطوطات النادرة، كان لافتا الاحتياطات الأمنية التي تم إحاطة هذا القسم على وجه الخصوص، والذي يعتبره جمعة الماجد «ثروة لا بد من الحفاظ عليها جيدا». وبداية من الباب الضخم الذي يأتي في مدخل القسم، وهو يمنع الحريق من الوصول إلى المخطوطات 4 ساعات، وحتى تقسيم المخطوطات نفسها. بالإضافة إلى أجهزة تقيس مدى الرطوبة بالداخل، بحيث لا تؤثر على المخطوطات. ويشير مسؤولو المركز أن الماجد حريص على اقتناء أي مخطوط نادر، ويدفع في سبيل اقتنائه المبالغ الطائلة، أما إذا لم يتمكن من الحصول على هذا المخطوط، فإنه يجد حلا مقبولا بالنسبة إليه، وهو تصوير المخطوط وحفظه وتوفيره لمن يرغب في الاطلاع عليه.

ومركز جمعة الماجد للثقافة والتراث، هو هيئة علمية ثقافية وقفية ذات نفع عام، تأسس رسمياً عام 1991، ويهدف إلى نشر الثقافة في المجتمع، وخدمة الباحثين، وتشجيعهم على البحث والمحافظة على التراث العربي الإسلامي والعمل على نشره.

ويعد المركز مؤسسة ثقافية خيرية ضمن منظومة خيرية شاملة تتضمن مدارس للتعليم العام تضم في جنباتها أكثر من 9 آلاف طالب وطالبة، بالإضافة إلى كلية الدراسات الإسلامية واللغة العربية، التي تضم أكثر من اربعة آلاف طالب وطالبة.

وبغية الوصول إلى أهدافه سلك المركز سبلاً كفيلة بتحقيقها، فعمد إلى اقتناء أوعية الفكر الإنساني بأشكالها المتنوعة ومعالجتها وتنظيمها وحفظها وإتاحتها للباحثين، وعقد الندوات والمحاضرات والمؤتمرات والدورات التدريبية وسعى جاهداً لبناء علاقات التعاون الثقافي وتعزيزها، وتبادل الخبرات مع المنظمات والهيئات المحلية والإقليمية والدولية.

ومن أبرز أقسام هذا المركز الثقافي قسم التراث الوطني، الذي يهتم بكل ما له علاقة بمنطقة الخليج العربي من حيث الظروف السياسية في المنطقة منذ وجود الاستعمار الأوروبي، وحتى قيام الاتحاد ونشوء التقدم والازدهار بعد اكتشاف النفط خاصة. وإذا كان الباحثون يعانون مشقة البحث عن الوثائق البريطانية التي تحتوي على تقارير عن علاقات بريطانيا بالخليج العربي، وتعنى بالأوضاع السياسة والعسكرية كالحدود بين دول الخليج العربي والنزاعات بين القبائل، وكذلك الوثائق الأميركية، فسيجد كل هذه الوثائق تحت رهن يديه في المركز، وهي مصورة على مصغرات فيلمية. ويجسد المعرض الفني بالمركز بالصور الفوتوغرافية القديمة دولة الإمارات العربية المتحدة، من حيث الحياة الاجتماعية والبحرية، ومراحل قيام اتحاد الإمارات، وغيرها من الصور النادرة. ولأجل حفظ مقتنيات المركز من المخطوطات بأنواعها، يقوم المركز بتصوير جميع الأوعية الثقافية المحفوظة في المركز من مخطوطات ووثائق ومصورات ورقية.

ويقول الدكتور محمد ياسر عمرو المدير العام للمركز «المركز غير ربحي، ومؤسسه رجل الأعمال جمعة الماجد، يسعى لنشر الثقافة وتوفير الكتب والمخطوطات للباحثين، من دون أي مقابل».