كتاب عن صالونات التجميل يثير حفيظة النساء في أفغانستان

تربع على قائمة أكثر المبيعات وسيحول إلى فيلم قريبا

TT

تحتفظ صالونات التجميل منذ زمن بعيد بميثولوجيا معينة. في الكتب والأفلام يجري تصويرها باعتبارها واحات، يمكن للنساء ان يضحكن فيها ويبكين، وهن يدردشن تحت أجهزة تجفيف الشعر حول قضايا الحياة والحب. وتأتي الاضافة الأخيرة الى عالم الصالونات من أفغانستان، وهذه المرة عبر ذكريات في كتاب ديبورا رودريغز الموسوم (معهد كابول للتجميل: امرأة اميركية تستطلع خبايا الحجاب). والكتاب الصادر يوم العاشر من ابريل (نيسان) الماضي عن دار نشر «راندوم هاوس» يروي قصة امرأة من متشيغان وقعت في حب البلد، وعادت في وقت لاحق لتؤسس معهدا للتجميل.

ويصور الكتاب كيف انها تقدم مساعدة في حل المشاكل التي تواجه النساء، وتحول دون استيلاء الحكومة القسري على المعهد، وتوجه لكمة الى الرجل الذي يتحرش بها في السوق، وتتزوج مقاتلا سابقا في حركة المجاهدين.

وقد كان نصيب الكتاب الكثير من الثناء، واحتل المرتبة العاشرة في قائمة «نيويورك تايمز» لأفضل الكتب مبيعا خلال الأسبوع الماضي. وتلقى عرضا مغريا من مؤسسة «كولومبيا بيكتشيرز» للانتاج السينمائي. وأشارت مجلة «بوبليشرز ويلكي» الاسبوعية المتخصصة بالكتب الى «الفصل الأول الممتع والنابض بالحياة». بينما وصفته مجلة «بيبول ماغازين» باعتباره «جذابا وجديرا بالقراءة».

وتصور رودريغز (مع المؤلفة المشاركة كريستين أولسون) نفسها باعتبارها امرأة بسيطة طيبة النوايا لا غرض لها سوى فعل الخير. وهي من ذلك النوع من النساء المتحديات اللواتي يقدن السيارة في شوارع كابل. وقد تزوجت رجلا عرفته لمدة 20 عاما، على الرغم من انها لا تتحدث اللغة ذاتها، ولديه زوجة وسبعة أطفال في بلد عربي. وتعترف بسمعتها في الوطن، حيث يسمونها في متشيغان باسم «ديب المجنونة». ولكن هذه المرأة اثارت غضب ست من النساء اللواتي كانت لديهن علاقة بتأسيس معهد كابل للتجميل. وتقول النساء ان الكتاب مليء بالأشياء غير الدقيقة. ويجادلن بأن الأحداث ليست كما تصورها المؤلفة رودريغز، وانها بالغت بدورها في إقامة المدرسة. وعلى الرغم من ان «راندوم هاوس» اشارت في صفحة حقوق النشر الى ان بعض الأسماء الشخصية أو اسماء الأماكن والمنظمات قد جرى تغييرها، كما جرى تكييف بعض التفاصيل المتسلسلة تاريخيا، فإن النساء يعتقدن بأن الاختلافات هائلة الى حد انه لا يمكن توصيف الكتاب باعتباره من كتب المذكرات. بل انهن يعبرن عن الارتياب في ما اذا كانت القصص التي ترويها رودريغز حول النساء الأفغانيات، وهي قصص انتهاكات مثيرة للقلق والحزن العميق، قصصا واقعية.

كما انهن يعترضن على توضيح رودريغز للكيفية التي جعلتها تصبح مسؤولة عن المعهد، كما هي اليوم. ويقلن انها بدلا من أن تكون منقذة المعهد كما تعرض في كتابها، فإنها تآمرت لنقل المعهد من وزارة المرأة الى البيت الذي تعيش فيه مع زوجها شير الأفغاني الأوزبكي (في الكتاب تطلق عليه اسم سام). ويقلن انها فعلت ذلك للحصول على مكاسب شخصية. ومن خلال الكتاب نتعرف على ان رودريغز، وصلت الى افغانستان عام 2002 وقررت ان النساء في عهد ما بعد طالبان بحاجة الى مكان للتجميل في معهد خاص بهن. وسرعان ما شرعت بالخطوات الأولى بالتعاون مع زوجها.

وعندما سمعت بمؤسسة «تجميل بدون حدود» انضمت الى هذه المجموعة. ومن ثم بدأ اول صف في المعهد في اغسطس (آب) 2003 وكانت فيه 21 امرأة وست من المعلمات الأميركيات المتطوعات، وبينهم رودريغز وثلاث مترجمات.

وفي نوفمبر (تشرين الثاني) 2003 تخرجت الدارسات وعادت بعض المعلمات الى الولايات المتحدة. وأغلق المعهد خلال فترة الشتاء، وكانت تلك هي الفترة التي انهار فيها التحالف. ووفقا لرودريغز فإن وزيرة المرأة كانت غاضبة، لأن المدرسة ظلت معطلة لفترة طويلة بينما كان يجري دفع راتب شهري بقيمة خمسة آلاف دولار، لامرأة تدعى أوكونور وهي إحدى المسؤولات في منظمة «تجميل بلا حدود». واكدت أوكونور أنها تسلمت 70 ألف دولار خلال عامين، لكنها قالت إنها اسهمت بـ40 ألف دولار، ولديها الفواتير التي تثبت ذلك.

وتكتب رودريغز حاليا بشكل عمومي حول هذه القضايا ولم تشر قط إلى أوكونور وآخرين، لكنها تصف بطريقة درامية كيف هي عادت لاستئناف عملها في المدرسة، لتجد اشعارا بالطرد على الباب وبندقية موجهة إلى ظهرها. ولإنقاذ المدرسة كتبت إلى مجموعة اصدقاء لمساعدتها على التسلل إلى المدرسة لإزالة التجهيزات والأثاث. وتمكنوا من نقلها إلى فندق صغير سبق أن استأجرته هي وزوجها الجديد مقابل 22 ألف دولار.

وقالت أوكونور، إن هناك سببا جعل وزارة النساء مستاءة. وقالت إنه «إذا كانت وزارة النساء تريد أن تدير المدرسة، فلماذا لا تعمل ديبي مع وزارة النساء».

وقالت أوكونور، إنها تشعر بأذى شديد مثل الآخرين. فشايمة علي، 50 سنة، مصففة الشعر في محل كوينز: «أنا تركت بيتي وعملي للقيام بكل شيء جيد، هناك لكن خلال ثلاثة أشهر كل شيء تعرض للتخريب».

وقالت ماك غورك: «هذا يجعل ديبي أشبه بالأم تيريزا. وهذا خطأ».

وقالت جين فون مهرن المحرر في دار النشر راندوم هاوس، إن الأحداث في الكتاب حقيقية، لكنهم أرادوا أن يحموا النساء. وأضافت: «من الممكن أن يتعرضن للرجم أو يوضعن في السجن بسبب الأمور التي قمن بها. نحن لا نريد بأي حال أن نسبب لهن أية مشاكل».

ويبدو أن الكثير من المراجعين للكتاب قد توصلوا إلى استنتاج أن رودريغز كانت المؤسسة لمعهد التجميل في أفغانستان. وجاء في صحيفة «يو.أس.أيه توداي»: «بدعم من شركات العناية بالشعر والمجموعات غير الربحية فتحت رودريغز صالون ومعهد للتجميل، حيث تستطيع النساء الأفغانيات تعلم مهارات جديدة».

وفي يوم 12 أبريل الماضي، قامت دايان رهم من محطة «ان.آر.آر» بإجراء مقابلة مع رودريغز، وظلت تكرر أنها المؤسسة لمعهد التجميل في كابول. وحينما سألت كالكين عبر الهاتف عن سبب إغفال رودريغز جهود النساء الأخريات، لكن رودريغيز قالت لاحقا إنها لا تمتلك الخبرة الكافية لإجراء مقابلات معها، ولهذا السبب هي لم تناقض ما قالته رهم.

لكن الطرفين وافقا على أن القلق الحقيقي، يجب أن ينصب على النساء الأفغانيات. وقالت شيلا ماكغورك: «لا يمر يوم من دون أن أفكر في أولئك النساء، وأشعر بأنني تخليت عنهن». أما بالنسبة لروديغر، فإنه بعد جولة للترويج للكتاب في الولايات المتحدة ستعود إلى كابول، وإلى معهد التجميل، وصالون الحلاقة اللذين تديرهما. وقالت إن ما ستكسبه من الفيلم سيتحول على المعهد. وأضافت: «أردت أن يكون هذا الكتاب حول النساء لا حولي. أنا لست سوى الصوت».

* خدمة «نيويورك تايمز»