مكتب جوال بلا جدران في وسط «تايمز سكوير»

طبيب يحول سيارته إلى مركز لإدارة أعماله في الهواء الطلق

TT

لعل زيارة منطقة «تايمز سكوير»، أحد أبرز معالم مدينة نيويورك، تعتبر متعة كبرى لمعظم الناس... ولكنها تشكل «كابوسا» بالنسبة لأي صحافي يقرر أنه يريد التوقف عن العمل والاستمتاع بوقته بعض الشيء، لأنها ببساطة «بئر متجددة» من القصص الصحافية، فكيف ما ادرت وجهك ستجد ما تكتب عنه سواء كان ذلك ثقافيا، اجتماعيا، اقتصاديا أم سياسيا... وفي بعض الأحيان تجد «القصة» في انتظارك بمجرد وصولك. فعلا كانت القصة هناك... فبعيدا عن اماكن تجمع الناس المعتادة كان هناك تجمع على احد نواصي الشوارع، اصوات الضحك والهمهمات تدفعك الى حيث يقفون... هناك يجلس رجل اشقر الشعر، متوسط العمر، في سيارة رياضية مكشوفة... إلا أن منظره بدا غريبا حتى في مدينة العجائب...نيويورك. الرجل الأشقر لم يكن جالسا في سيارته المتوقفة على ناصية الشارع يستمع للموسيقى وحسب، ولم يكن يحتسي كوبا من القهوة او يقرأ أمرا ما مستمتعا بالهواء الطلق، ولم يكن يتابع الأخبار على شاشة مثبتة داخل سيارته (على جهاز كومبيوتر «دسك توب» وليس من النوع المحمول)... وإنما كان يفعل كل ذلك... اضافة الى كونه يكتب ملاحظات متعلقة بأمر ما، ويستقبل المكالمات الهاتفية ورسائل الفاكس على الجهاز المخصص لذلك على مكتبه المزدحم بالأوراق والقرطاسية والورود.

ومن حجم الأشخاص المتجمعين خلفه يمكن استنتاج انه جالس في مكانه منذ فترة طويلة، بضع ساعات على الأرجح. ورغم أن المثل يقول «اذا عرف السبب... بطل العجب»، فإن سؤال هذا الرجل عما يفعله يزيدك استغرابا... اسمه سافوان سويدن، وهو طبيب متخصص في الطب الداخلي (بطاقته تدل على ذلك على الأقل)، أما ما الذي يفعله فيجيبك اول مرة باقتضاب «أنا أعمل»... أما ماذا يعمل بالضبط فيقول بنبرة ضجرة تنم على انه يجيب على هذا السؤال للمرة المائة على الأرجح بينما يخفض صوت المسجل «أنا أعمل في عيادتي صباحا، وآتي الى هنا ليلا لاستمتع بالهواء الطلق واكمل عملي الاداري فأراجع اوراقي وأملئ البيانات وادقق في الفواتير». ويضيف «ما ساعدني بشدة مؤخرا تطور التقنيات، فكل شيء بات يمكن تشغيله لاسلكيا». سويدن يسكن ويعمل في نيو جيرسي، ولكنه يأتي الى «تايم سكوير» في نيويورك لأنه منع من ممارسة «هوايته» هذه في منطقته، يقول مبتسما «مع كل الغرائب الموجودة هنا.. لا يبدو منظري نافرا بشدة» مضيفا انه يمارس هذه العادة منذ 6 سنوات بين نيوجيرسي ونيويورك.

إلا أن التجمع ونبرات الاستغراب التي احاطت بالدكتور سويدن تنم على انه النيويوركيين لم يعتادوا رؤيته... ولكن في نفس الوقت فإن كثيرا من مرتادي «تايم سكوير» هم من الأجانب او الأميركيين الذين يزورون نيويورك، وبالتالي فإن استغرابهم قد يكون منطقيا... بحكم ان الكثيرين قد يكونوا يرون منظر سويدن في «مكتبه الجوال» للمرة الأولى، وتتفاوت ردود فعل هؤلاء بين مجرد الوقوف والتفرج لبرهة، وسؤال بقية «الجمهور» عما يجري... قليلون يتقدمون الى الرجل ويسألونه عما يفعل... وبعضهم يمزح معه، وأحيانا يكون المزح ثقيلا. إلا أن سويدن يقول انه اعتاد على الأمر ويقدر استغراب البعض... أما كيف يستطيع التركيز على عمله بينما يزعجه احدهم كل 5 دقائق تقريبا بسؤال، او تعليق سخيف، او مقابلة صحافية.. فتلك قصة أخرى.