معرض فني يحيل شوارع المدينة العريقة الى متحف مفتوح

تماثيل ترصع أفق لندن

TT

في شوارع لندن قد تصادفك كل المشاهد الغريبة والمالوفة، بحيث يصعب ان يلفت أي منظر جديد الانتباه بعد ذلك. ولكن الاسبوع الماضي، فوجئ المارة بوجود تماثيل بالحجم الطبيعي تمثل رجالا غير واضحي المعالم تحتل اماكن على الكباري والشوارع بل وعلى اسطح بعض المباني. التماثيل تكاد تكون كلها متشابهة اذ تمثل شخصية المثال البريطاني انتوني غروملي الذي يفتتح له معرض هذا الاسبوع في هايورد غاليري في لندن. ويعتبر هذا المعرض المنفرد الأول للفنان في لندن.

الذي يضم مجموعة كبيرة من الاعمال للفنان ولكن الجزء الاكبر والأهم من ذلك المعرض هو القسم الذي أطلق عليه «ايفنت هوريزون» وهو ما يعتبره المسؤولون عن الغاليري اضخم عرض لهم على الاطلاق، إذ يستغل فيه الفنان المساحات الواسعة في الشوارع وأسطح المباني حول الغاليري. وعبر التماثيل التي بلغ عددها 31 تمثالا تمكن الكثيرون من سكان لندن من مشاهدة المعرض قبل افتتاحه الرسمي، حيث ان التماثيل تمثل الجزء الاكبر من المعرض. وتتناثر التماثيل المصنوعة من الحديد او الفايبر غلاس على مسافة ميل من الغاليري متجهة ناحية الغاليري وكأنما ترشد المارة لمكان المعرض، وتعكس طريقة عرضها رؤية محددة للفنان فبعضها موضوع في اماكن واضحة للمارة والبعض الآخر يحتل مكانا على الاسطح البعيدة بحيث تبدو كأشخاص واقفة تتطلع الى الافق وكان الهدف هو إضفاء بعد جديد على الأماكن المالوفة في المدينة المزدحمة وجعل المارة يعيدون النظر في الواقع المحيط بهم. ومن الطريف ان بعض المارة اعتقدوا ان التماثيل هي أشخاص حقيقية وقام احدهم بابلاغ البوليس عن ان هناك شخصا ما يقف على سطح احد المباني القريبة من دولاب لندن، ويبدو انه على وشك إلقاء نفسه من أعلى. والفنان انتوني غروملي فائز بجائزة تيرنر للفنون في عام 1994 وجائزة ساوث بانك للفن المرئي في عام 1999 ويعتبر من أهم الفنانين البريطانيين في الوقت الحالي. والمعروف عن غروملي هو تركيزه على الشكل الانساني في عمله مستخدما جسده هو كنموذج. ومن خلال التماثيل المستخدمة في المعرض الحالي يبدو ان الفنان يطرح عدة اسئلة حول علاقة الجسد بالمكان، الظهور والاختفاء والتحول. التماثيل كلها مصنوعة من المعدن الصلب وتعرض الى جانب قطع اخرى للفنان من معارض سابقة تحت عنوان «الضوء الاعمى» او بلايند لايت. ويقول كورنيليوس ميديفي مدير هوارد غاليري «نعتمد في المعرض على تحدي الواقع المعروف ونهدف الى طرح رؤية جديدة لما اعتدنا على رؤيته، اتوقع ان يكون المعرض اضافة ثرية للحالة الثقافية في لندن».

ومن أهم جوانب المعرض «غرفة الضباب» وهي مربعة الشكل مليئة بالضباب مفتوحة للزوار، وفي الداخل تتشوش الرؤية فلا يستطيع احد رؤية معالم الاخرين باستثناء اشباح مغلفة بطبقة ضبابية. التجربة في حد ذاتها تكاد تكون مخيفة إذ يحاول الزوار تحسس طريق الخروج من تلك الغرفة لبعض الوقت ولكن الفنان يقول ان الغرفة قد تبعث احساسا بالانعتاق، ويضيف لصحيفة «ايفنينغ ستاندارد»: «عند دخولك هناك لن تستطيع تحديد المكان حولك وقد يثير ذلك احساسا بالضياع وهو ما يراه البعض بانه احساس مخيف ويراه البعض الاخر انه يمنحهم الاحساس بالحرية».