المطاعم العربية أكثر شعبية.. والنكهات العراقية باهظة الأسعار من مصادرها الأصلية

ليالي الشارقة.. نزهات ووجبات شهية تحمل مذاق الأرض البعيدة

TT

الزحام المتنامي يومياً في الشارع الطويل جداً، الذي يفصل بين إمارتي دبي والشارقة، أصبح سبباً لتغيير نمط حياة بعض الناس القاطنين في الشارقة. والذين يجدون أنفسهم يومياً وسط طابور غير متناه من السيارات في محاولة لقطع هذا الشارع توجهاً الى أعمالهم في دبي.

وإذا كان هؤلاء قد أجبروا على قطع الشارع، بسببب التزامهم بالدوام اليومي، فإن عطلات نهاية الاسبوع التي أعتاد بعضهم قضاءها في دبي ـ أيضاً ـ بما تتيحه من خيارات متنوعة ومبتكرة لتمضية عطلة جميلة ومبهرة، قد طرأ عليها بعض التغيير.. إذ أنهم في ذلك غير مجبرين على قطع الشارع ذاته للحصول على فسحة بريئة من اللهو التي سرعان ما تتبدد جراء الجهد النفسي والبدني، الذي يتسبب فيه الزحام للوصول الى الضفة الأخرى من الشارع.. دبي.. التي تعدهم بمزيد من الشوارع المزدحمة.

أصبح للناس في الشارقة عاداتهم البديلة لقضاء عطل نهاية الأسبوع، فالإمارة تعج بالمتنزهات الجميلة والبحيرات الاصطناعية والسواحل الطبيعية التي يمكن أن تكون خياراً مناسباً للعائلات في فصول السنة المعتدلة في أجوائها حيث تعد الإمارة الوحيدة التي تمتد أراضيها على طول سواحل الخليج العربي.. كذلك هنالك المطاعم المتنوعة الواقعة على امتداد الشوارع الرئيسية، وأيضاً داخل مراكز التسوق الرئيسة التي بدأت تتكاثر بدورها، والتي قد تبدو هي الأخرى بديلاً مناسباً لقضاء أوقات الترفيه (في فسحة معلبة) في الأجواء الحارة التي يحفل بها صيف الإمارات.

وخلال العام الماضي وحده، والأشهر الأولى من العام الحالي، تم منح الترخيص لأكثرمن 170 مطعماً متوزعة في مراكز الإمارة وضواحيها، أغلبها عربية.

وتقول مصادر في دائرة التنمية الاقتصادية في الشارقة، إن في الإمارة قرابة 1100 مطعم تحمل جنسيات مختلفة؛ في أغلبها الهندية والعربية والإيرانية، وهو رقم مميز في إمارة تبلغ مساحتها 2600 كلم.

على أن للمطاعم العربية نكهتها الخاصة في مدينة تعج بالعرب من جميع الجنسيات، حيث يفضل أغلبهم الاحتفاظ بنكهة بلدانهم الأصلية حتى وإن تمثلت في وجبة طعام بسيطة.. الا أن البعض الآخر منهم، وخاصة الشباب يفضل التنويع والتجريب في أكثر المطاعم غرابة، وخاصة التي تحمل منها نكهات مناطق جنوب شرق آسيا، إضافة الى أمريكا اللاتينية التي بدأت نكهات أطباقها تأسر بعض أصحاب الذائقة الرفيعة.

المطاعم الشامية أكثر المطاعم العربية شهرة في الشارقة، حيث تتميز بأطباقها الشهية وأسعارها المعتدلة، كذلك الحال مع الأطباق المصرية واللبنانية، الا أن الأطباق اللبنانية تشتهر بتكلفتها الباهضة مقارنة بالمطاعم الأخرى العربية والغربية والآسيوية على حد سواء، حيث يصل متوسط سعر الطبق اللبناني الرئيس مع السلطة الى حوالي 15 دولاراً.

وفي الآونة الأخيرة، حيث تضاعف عدد العراقيين المقيمين في الشارقة والإمارات عموماً، فإن المطاعم العراقية التي بدأت بالتكاثر أيضاً، هي من أبرز الشواهد على الحضور الكبير لهذه الجالية. وأكثر ما يميز المطاعم العراقية في الشارقة، هو طابع التنافس في الحصول على كل ما هو عراقي بنكهة أصلية ومن مصدره الحقيقي.. فما زالت بعض مطاعم السمك مثلاً تنتقي بضاعتها من مدينة البصرة جنوب العراق، حيث تستوردها ـ إذا صح التعبير ـ عن طريق السفن القادمة عبر الخليج.. كما تستعين بعض المطاعم بأيد عاملة (بيتية) مقيمة في الإمارة، في إعداد المخللات والمعجنات والمحاشي العراقية، لتضيف رصيداً جديداً الى شهرتها وسط أبناء الجالية في الشارقة، وربما بقية العرب الذين بدأوا يبحثون عن أسرار النكهة في أطباق ربما كانوا تذوقوها بحكم زياراتهم أو عملهم في العراق في الماضي. ويقر أصحاب بعض المطاعم العراقية بأن بعض الأجانب ومنهم أوروبيون وأمريكيون بدأوا بالتردد عليها بدافع الفضول. وتنحصر طلباتهم على الأطباق ـ في الغالب ـ على اللحوم المشوية! التي يؤكد أصحاب بعض المطاعم على أنها لحوم من خراف عراقية خالصة استطاعت الهروب من دائرة المعارك واجتياز الحدود بطريقة ما للوصول الى مائدة الزبائن.. على أن أسعار هذه الأطباق اللذيذة حوالي (20 دولارا للطبق الرئيس) التي تبدو باهضة الأثمان مقارنة بالمطاعم العربية الأخرى.. هي آخر ما يشغل بال الناس.. فنزهة نهاية الأسبوع لا تكتمل الا بتناول وجبة فاخرة فيها مذاق الأمس ورائحة الوطن البعيد.